إقصاء الدين عن مسرح الحياة، وتقليصنفوذه في المجتمع. أما العلمانية فهي مذهبوايديولوجية ظهرت بعد النهضة الاوربيةوولدت في رحم الحركة التنويرية(1)، وهيتعني الدنيوية، اللادينية، الالحاد،الاعراض عن الدين، تنحية الدين، والشعوربالغنى عنه. ففي حين ان التعلمن (Secularization)ظاهرة وحدث خارجي، فان العلمانية (Secularism)منهج ورؤية تقرر ان الانسان غني عن القيمالدينية وعن الاخلاق والمعنويات والفضائلالدينية وتعاليم الوحي.
ان تعلمن الدين ظاهرة وواقعة تنبعثت منوسط المجتمع والواقع المعاش، ولا تنتميإلى عالم الفكر والمعرفة، أما العلمانيةفهي فكر وايديولوجية تنتمي الى عالم الفكروالمعرفة، ولا ينبغي الخلط بين الاثنين.
اذن علينا أولا ان نميز بين هذينالمفهومين تمييزا دقيقا، فالعلمانية مذهبومنهج فكري يقوم على اساس مجموعة منالمبادئ والمتبنيات النظرية الخاصة، التيسنشير الى جانب منها لاحقاً، أما التغيراتالتي تسوق الدين نحو هامش المجتمع وتصيبهبالإنحطاط والاضمحلال وتحد من قدرتهوسيطرته ونفوذه، وتحبسه في نطاق فردي، اوكما يسميه بعض علماء الاجتماع الغربيينالمعاصرين بخصخصة الدين (Privatization)(2)،وتنفيه عن مسرح الحياة، فتلك ظاهرة يطلقعليها تعلمن الدين، أي إقالة الدين عنالتدخل في الاقتصاد والسياسة والحكمومنهج الحياة، وتجريده من دوره في صياغةالعلاقات الاجتماعية والقيم وقوانينالزواج والطلاق ومبادئ الحرب والسلام،فلا يعود له حضور في المجتمع. وقد يطلقاحيانا على هذا
(1). انظر: فلسفة التنوير، ارنست كاسيرر.
(2). انظر مقالة (Sociology of Religion) بقلم ونستونديفس، في: ج13 من الموسوعة الدينية، بإشرافميرشيا إلياده. وقد ترجمت الى الفارسيةهذه المقالة مع مقالات كثيرة اخرى في مجالالمعرفة الدينية وفلسفة الايمان وطبعت فيكتاب حمل عنوان «المعرفة الدينيةالتطبيقية والعرفان».