في مقام البيان قاض بالحصر، و يلوح من ذلكإجماعهم على عدم الصحة بغيرها. مضافا إلىأن الشارع في باب العبادات كافة قد اعتبرالألفاظ العربية في القراءة و الذكر والتلبية و نحو ذلك من الأدعية، و لم يقلأحد بإجزاء ما يرادفها من الألسنة الأخر،مع أن الإجماع منقول على عدم جواز عقدالنكاح بغير الصيغة العربية، و لا يكاديظهر فرق بينه و بين غيره، بل الظاهر منهمأيضا عدم ترتب الأثر على اللعان و الإيلاءو الظهار و النذر و العهد و اليمين إلا بماذكروه من الألفاظ العربية، و أي فرق بينهاو بين غيرها؟ و القول بانعقاد اليمين ونحوها بغير العربية مما لم أعثر على مصرحبه، و هذا في الحقيقة يقرب من الاستقراءالمفيد للقطع بالحكم. و المناقشة فيالتأسي من جهة كونه من الطبيعيات في هذاالمقام، من كون لسان الشارع من لسان العربغير مسموعة، إذ غاية ما في الباب وقوع الشكفي كون هذا من الشارع لأجل كون لسانه كذلك،أو من جهة كون مقتضى الشرع ذلك. و لا ريب أنالظاهر في مثل هذا المقام الحمل على كونهمن حيثية الشرع مراعاة لمنصب الشارع فيمايرتبط بالأحكام، و لو كان ذلك جائزا لصدرمنه ما يدل على مشروعية غيره، كما ورد فيالمقامات الأخر. لا يقال: لعل عدول أهل كللسان من لسانه إلى غيره غير جائز، فلعله لميعدل عن العربية لأجل ذلك. لأنا نقول:الظاهر قيام الإجماع المركب على جواز ذلك،إذ كل من جوز بكل لغة لم يخصص الجواز لأهلكل لغة بلغته، بل جوز بكل لغة لكل أحد معفهم المعنى.
و احتج القائلون بالتعميم بأمور:
أحدها: صدق الإطلاقات الدالة علىالمعاملات أو الإيقاعات على الواقع
بأي لغة كانت، و الأصل عدم الشرطية. و فيه:أن هذه الإطلاقات تنصرف إلى ما هو الشائعالمعتاد، و هو إما العقد بالعربية أوالمعاطاة، و أما العقد باللغات الأخر فغيرشائع، بل نادر جدا. بل يمكن دعوى القول بأنأهل الألسنة من المسلمين لم يلتفتوا إلىالان على وقوع الصيغة بلسانهم، إلا بعضقليل منهم اعتمادا على فتوى بعض المتأخرينبالصحة، بل طريقتهم المعاطاة أو إجراءالصيغة بالعربية إن أرادوا الاهتمام، وذلك واضح، فلا إطلاق حتى يتمسك بأصالة عدمالتقييد.