هذا لو أريد من كلامه هذا المثالية حتىيطرد الحكم في جميع المقامات، أما لو أرادذلك في خصوص المثال المفروض لدليل دل علىذلك في نظره من نص و نحوه فلا بحث على فرضوجود الدليل و لم نقف على ما يفيد جواز ذلكبالخصوص. و أما قاعدة الغرر فالظاهر أنالمراد بها كون المعاملة بحسب الظاهر عندالمعاملة خطرا، و مصادفة الواقع لا دخللها في ارتفاع الغرر، فلا يفترق الحال فيالبطلان بين ما ظهر موافقته للواقع منمساواة العوضين و عدمها.
و خامسها: أن الغرر و الخطر بعد ما عرفتمعناه أمر عرفي يختلف بحسب الموارد
و لذلك اكتفى الفقهاء في المعلوميةبالمشاهدة مرة، و بالكيل و الوزن أخرى،فإن طرق الاختبار و الامتحان تختلف بحسبالمقامات، و التفاوت أيضا يختلف فيالأعيان، فقد يكون مما يتسامح في شيء دونشيء، و ذلك واضح. و ليس الغرر كالسفه الذييرتفع بتعلق غرض آخر به، لأن موضوع السفهيتبدل بتبدل الأغراض، و الغرر متى ما تحققفلا ينفع في الصحة انضمام المصلحة، فلورأى العاقد في بيع ما لا يقدر على تسلمه أوشرائه مصلحة لنفسه لا يرتفع الغرر بذلك،بل هو محكوم بالبطلان، لشمول الدليل و صدقالغرر. و كما يرتفع الغرر في مسألةالمعلومية بما جرت به العادة من طرقالاختبار و الامتحان، فكذلك يرتفع فيمسألة القدرة على التسليم، و في مسألةمعرفة الوجود بما جرت به عادة الناس، فماوثق في العادة بوجوده و بإمكان تسليمه لاغرر فيه، و الميزان في ذلك مجاري العادات،و لا ضابط له في الشرع إلا ذلك. و لا يعتبرالقطع بالوجود و القطع بإمكان القبض، كماأن الشك في ذلك غير كاف، لعدم الوثوق،فتدبر. و من هنا علم: أن بيع الغاصب والمكره و نحو ذلك لا يعد غررا، لأن إمكانالتسليم عرفي و لا دخل للمالك في ذلك، وترقب الإجازة لا يعد خطرا