بالعقود ذلك فيبطل من هذه الجهة، لأنالأدلة الوضعية الدالة على صحة هذه العقودموجودة، و هي لا تتقيد بشرائط التكليف، ولأن الحكم التكليفي متى ما تعلق في أولالأمر به فلحقه الحكم الوضعي فيستصحب كمافي العقود اللازمة. بل المراد: أن الخروجعن أهلية التكليف يخرجه عن أهلية التصرففي المال للحجر عليه و ثبوت الولاية عليه،فلا يمضي ما بنى عليه من التصرفاتاستدامة، كما لا يمضي لو تصرف ابتداء. وتوضيحه: أن تسليط المالك مثلا الأجنبي علىماله أو حقه في الوديعة و المضاربة والوكالة و الجعالة و العارية و السكنى والشركة إنما هو لثبوت ولايته في ماله وجواز تصرفه كيف شاء، فمتى مات انتقل إلىالوارث فلا يمضي أمره بعد ذلك، فيصيرالبقاء بعد ذلك لو أراد الوارث بعقد جديد،لبطلان العقد الأول بارتفاع تسلط الميت، وكذا لو جن أو أغمي عليه، لانسلاخ الولايةعنه بهما و كونه مولى عليه كماله،فالاختيار يكون بيد الولي، إن شاء أمضىبعقد جديد و إن شاء لم يفعل. و أما البطلانبموت العامل: فهو واضح، نظرا إلى أن الفرضتعلق العقد به، فإذا مات فات المحل، فلاوجه لبقاء العقد، و هذا فرع من فروع تعذرالوفاء. و أما جنونه و إغمائه: فلأن العاملبحصولهما يخرج عن أهلية التصرف فتثبتالولاية عليه و بقاء هذه العقود يحتاج بليقتضي أهلية التصرف، إذ لا فرق بينالابتداء و الاستدامة في ذلك، فيرتفعالأثر في زمان الجنون و الإغماء، و عودهبعد ذلك يحتاج إلى وجود مقتض جديد، و ليسبموجود، و هو معنى البطلان. و لا يمكن أنيقال: إن بعد جنون المالك أو إغمائه يتصرفالعامل أيضا لوجود الولي، لأن الإذنالحاصل من المالك يعتبر مع كون أهليةالتصرف له، و متى زالت لا عبرة بإذنه، لعدمعلمه بالمصالح في ذلك الوقت، و قوة احتمالعدم رضاه بالتصرف لو كان في ذلك الوقتعاقلا رشيدا، و إذن الولي لم يحصل، فالصحةلا وجه لها.