كان تدليسه سببا لذلك فهو ضامن لها و إن لميكن الغار أثبت يده على ذلك المال و نحوه،و لم يصدق عليه عنوان كونه متلفا. و من هناعلم: أن المغرور يعتبر فيه الجهل بالواقعحتى يكون مغرورا. و أما الغار: فلو كانعالما بالواقع و قصد التدليس و التغرير وحصل غرور المغرور بواسطته بحيث كان ذلكعلة في اعتقاده و إقدامه فلا بحث في كونهغارا. و أما لو كان عالما عامدا و لكن لميؤثر ذلك في علم المغرور و اعتقاده بأن كانمعتقدا ذلك المعنى سواء غره ذلك أم لا كمندفع مال غيره إلى ثالث بعنوان أنه مالالدافع و كان الأخذ معتقدا ذلك من خارجبحيث لم يؤثر فيه تدليس الغار ففي كون ذلكغارا وجهان: من كون قصده ذلك، و من جهة أنالأخذ قد أخطأ و تغرر من قبل نفسه فلا يكونمغرورا من قبل غيره. و يحتمل قويا الفرقبين ما إذا كان فعل الغار بحيث لو لم يكنالمغرور معتقدا ذلك لأثر ذلك في تغريره، وبين ما إذا لم يكن كذلك فيصدق، و هذا الفرقغير بعيد للصدق العرفي. و أما لو كان عالماو لم يكن قاصدا للتغرير لكنه أثر فعله فيالغرور، فالظاهر صدق الغار عليه. و أما لوكان جاهلا بالواقع كمن اعتقد أنه مال نفسهفبذله لغيره فتبين أنه مال الغير فهل يصدقعليه الغار أم لا؟ احتمالان، و مثله ما لوزعم أنه مأذون في الدفع، أو اعتقد أنه وكيلو نحو ذلك من الطرق الرافعة للضمانباعتقاده فبان خطأه. و الذي يقوى في النظرحينئذ: أن ذلك أيضا يعد غرورا، فإن فعله قدغر الأخذ الثاني أو المتلف و إن كان هوأيضا غير عالم بالواقعة، و تغرره بنفسه لاينافي كونه غارا لغيره و إن كان في الصدقحينئذ نوع خفاء. و متى ما تحقق الغرور بهذاالمعنى تعلق ضمان ما اغترمه المغرور عليه،فله أن يطالبه به، و إن كان المغرور هوالمتلف ما لم يكن تسليطه على إتلافهبالضمان، فإنه لو دفعه على طريق مضمونكبيع و نحوه فيتحقق الضمان على المغرور