أيضا من وجه و إن كان الغار أيضا ضامنا،كما لا يخفى على من لاحظ الفروع المندرجةتحت هذا العنوان. و الوجه في ضمان الغار أمور:
الأول: ما يظهر من كلمة الأصحاب: أن الغارسبب في الإتلاف
و المغرور مباشر ضعيف، و المباشر متى ماضعف يصير الضمان على السبب. و لكن هذاالوجه محل نظر من وجهين: أحدهما: أن هذا لوتم لزم عدم تحقق الضمان على المغرور أصلا،لعدم كونه متلفا و متصرفا في الحقيقة كماذكروه في بحث الإكراه، و قد أشرنا إليهسابقا مع أنهم يقولون: إن المغرور يضمن ويرجع بما اغترمه على الغار، و هذا ينافيضعف المباشرية. و بعبارة اخرى: لو كانالسبب هو الإتلاف فسبب الضمان هنا شيءواحد، فإن كان على الغار فلا وجه لضمانالمغرور، و إن كان على المغرور فلا وجهللرجوع على الغار، و إن كانا مشتركين فلابد من التبعيض كما نشير إليه في صورةالتركب، فتعدد الضمان مع وحدة السبب لاوجه له. و ثانيهما: أن ضعف المباشر الموجبلضمان السبب إنما هو فيما إذا كان المباشركالالة كالصبي الغير المميز، و المجنون، والحيوان، و المكره (بالفتح) الخالي عنالاختيار، و نحو ذلك حتى يصدق الإتلاف علىالسبب، و المغرور بالغ عاقل شاعر مختارقاصد، فكيف يعقل جعله كالالة؟ فلا بد منإثبات سبب آخر غير الإتلاف يوجب ضمانالغار.
الثاني: ما تقدم ذكره من (قاعدة الضرر والضرار) فإنهما منفيان في الشرع
و لا ريب أن الغار بغروره قد أضر المغرور،و قد دل الشرع على عدم الإضرار، و قد أسسناسابقا: أن ظاهر نفي الضرر: أن من أوجب الضررفهو ضامن له لا بد أن يرفع الضرر، كما دلعليه الخبر (من أضر بطريق المسلمين فهوضامن، و لا يكون