بل لنا أن نقول: لو لم يكن هذا كافيا في هذهالمقامات لاشتهر و تواتر، لعموم البلوى وشدة الحاجة، مع أن الأمر بالعكس. فصاركفاية الفعل في هذه المقامات و عدم الحاجةإلى القول من الواضحات، و هو من الأدلةالقوية على صحة الفعل في ذلك و ترتب الآثارعليه.
المقام الثاني في سببيته بالنسبة إلىالعقود المجانية
كالوقف الخاص و الصدقة و العطية و السكنىو التحبيس و الهبة الغير المعوضة والوديعة و العارية و الشركة الاختيارية والوكالة بغير جعل و الوصية للجهة الخاصة والوصاية و الكفالة و الضمان، و نحو ذلك.فنقول: لا ريب أن مقتضى أصالة عدم ترتبالأثر إلا بما جعله الشارع سببا عدمالترتب إلا بدليل يدل على كفاية الفعل فيذلك، و ليس الدليل في هذا إلا أمران لا بدمن ملاحظة دلالتهما بالنسبة إلى هذهالموارد، لعدم عموم يدل على الصحة مطلقا:أحدهما: جريان السيرة المستمرة التي هيالعمدة في إثبات سببية المعاطاة. فنقول: لاريب في جريانها بالصدقة بالفعل، و كذاالعطية، بل لا يكاد يتحقق بالقول إلانادرا، و كذلك الهبة، فإن وجود الهبةبالفعل و الإقباض مما لا ينكر شيوعه بينالمسلمين، و كذلك الوديعة و العارية والشركة، فإن الناس دائما يعيرون أموالهم ويودعونها و يتشاركون بمجرد وضع المال والبضاعة، و لا يحتاجون إلى شيء آخر منصيغة خاصة أو مطلقة. فتحقق الأثر بالفعل فيهذه العقود مما لا ينبغي أن يشك فيه.