و المعاهدة الظاهرتان في عدم الدوام.
قال الشيخ في المبسوط: «الهدنة و المعاهدةواحدة، و هو وضع القتال و ترك الحرب إلىمدة». «1» و قال العلامة (رحمه اللّه) فيالتذكرة: «المهادنة و الموادعة و المعاهدةألفاظ مترادفة معناها وضع القتال و تركالحرب مدة». «2» و مثله في المنتهى، و قريبمنه في التحرير و القواعد.
فانقطاع المدة و عدم الدوام قد أخذ فيمعنى الهدنة و تعريفها.
و قد جعلوا ذلك أحد وجوه الفرق بينها و بينعقد الجزية، كما ذكروا له وجوها آخر راجعالتفصيل في القواعد للعلامة (رحمه اللّه)،و بعض آخر من كتبه و كتب غيره و إن كانالتحقيق أن ما ذكروه من الفارق ليس هوالفارق الأصلي بين ماهيتيهما، بل إنما هيمن قبيل العوارض و العلامات.
و الفرق بينهما جوهريا هو أن الطرفالمقابل في عقد الجزية هو العدو المغلوبالذي قد ظهر المسلمون عليه، و فتحت أرضه وأسقطت دولته و الحال يجعل عليه شيء عوضالضرائب الموضوعة على المسلمين، فهو منجملة مواطني الدولة الإسلامية و لكن علىغير دينهم.
و أما الطرف المقابل في المهادنة فهوالعدو المستقر على أرضه و الباقي علىدولته و نظامه المدني و ربما يكون قويا وغالبا على أمره، بل أقوى أحيانا منالمسلمين.
ففي صدر الإسلام كانت الجزية على أهلالكتاب القاطنين في الشام بعد ما فتحت وصارت من أراضي الإسلام، و لكن الهدنةانعقدت مع قريش مكة و لم يفتحها المسلمونبعد.
و الحاصل: أن عقد الهدنة ينعقد مع الدولةالمحاربة بما يتبعها من شعبها، و عقدالجزية ينعقد مع أناس من أتباع دولةالإسلام.
هذا هو الفارق الجذري، و أما غيره منالفوارق فهي فروق في المظاهر و الأحكام.
في بيان أمور تتعلق بالهدنة
ثم إننا نواصل البحث في هذا الباب ضمنأمور: