الكثرة، و قوة الدلالة و التأكيد، والتوعيد على تركه، و قال إنها تقيد بتلكالأدلة كما صنعه الكركي (رحمه اللّه)فليلتزم بمثله بالنسبة إلى أدلة الفرارأيضا، كما يستفاد ذلك من ظاهر كلامه (رحمهاللّه)، فلا وجه لما استدركه صاحب الجواهر(رحمه اللّه).
و الحق أن الأمر بالعكس، بمعنى أن أدلةوجوب حفظ النفس و حرمة إلقاء النفس فيالهلكة هي التي تقيد بأدلة الجهاد و ذلكلوضوح أن خروج ما يوجب إلقاء النفس فيالهلكة من مصاديق الجهاد الواجب، يوجبتخصيص الأكثر، بل خروج تلك الفريضةالإلهية عن وضعها و مكانها بالكلية.
و الحق في الإجابة عن كلام العلامة (رحمهاللّه)، أما بالنسبة إلى دليل حرمة إلقاءالنفس في التهلكة فبما قلناه آنفا، و أمابالنسبة إلى دليل الصلح فبأن سياق أدلةالحكمين أعني الجهاد و الصلح و هكذامناسبة الحكم و الموضوع في الموردين، تحكمبكون الصلح استثناء لدليل الجهاد، مقيدابما إذا كان فيه المصلحة، فإن بلغتالمصلحة إلى حد الإلزام قدم على الجهاد، وإلا يعمل بمقتضى ما تقتضيه المصلحة، واللّه العالم.
و أما ما ذكره من فعل الإمام الحسين (عليهالسلام) فمضافا إلى أنه من الجهاد الدفاعيعلى وجه، فتأمل فإنه قضية في واقعة، و هومن السنة الفعلية التي ليس لها لسانالإطلاق و التقييد، و لذا لا يمكن الأخذبإطلاق الحكم المستفاد منها، و هكذا القولفي تقرير النبي (صلّى الله عليه وآلهوسلّم) لجهاد النفر الذين وجههم إلى هذيل،كما هو واضح.