معرفة الله أساس الدين - مواعظ و الحکم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مواعظ و الحکم - نسخه متنی

مرتضی المطهری‏

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

معرفة الله أساس الدين


قال أميرالمؤمنين علي عليه السلام: أولالدين معرفته.



لكل شيء بداية وأساس فإذا نهض واشتد وأثمرفإنما يعود الفضل إلى نقطة البداية وإلىذلك الأساس.



فالدين ذلك النظام الشامل بعقيدته وفكرهوأخلاقه إنما يبدأ من نقطة واحدة ويرتكزعلى ركن واحد، فإذا انطلق من تلك النقطةونهض على ذلك الأساس فإنه ينهض قوياًمتيناً ومفيداً، وتلك هي معرفة الذاتالإلهية المقدسة والإيمان بالأحديةالمطلقة.



فالإيمان بالنبوة أو الاعتقاد بالمعادمثلاً، على أنهما أصلان ضروريان في الدينإلا أنهما بمثابة غصنين متفرعين من ذلكالجذع، لأن التوحيد أصل ثابت ولأن "للعلممالك وهو الله" وهو الذي يدبر الوجودويسوقه نحو الكمال، كما أن البشريةأفراداً كانوا أم مجتمعات بحاجة إلى منيهديها ويدلها عن طريق "الوحي والإلهام"وبواسطة بعض النفوس البشرية الطاهرة التيهي بمثابة علامات هداية وإرشاد حيث تتجلىبالأنبياء والرسل.



بما أن أصل التوحيد ثابت وأن الموجوداتتتحرك نحو الكمال المنشود، ولأن الوجودالإنساني يحمل في أعماقه إرشادات النشأةالأخرى وهي عالم الآخرة، فإنه بمثابةالجذع الذي تتفرع عنه الأغصان والأوراقوالثمار.



قد يوجد بعض الناس ممن يغالون في إيمانهمبالأنبياء، ينظرون إليهم على أنهم آلهةصغار يعبدونهم من دون الله؛ إن مثل هذهالعقائد السخيفة إنما تنشأ عن خلل فيالأساس الأول من البناء وهو التوحيد وعنقصور في معرفة الله سبحانه، وإلا فكيفيمكن للإنسان الذي له أدنى معرفة باللهمالك الملك أن ينصرف إلى عبادة إنسان لايملك لنفسه ضراً ولا نفعاً على حدّ تعبيرالقرآن الكريم أو يشرك بعبادة الله أحداًليس بيده موت ولا حياة ولا نشور.



وكذلك فإن سائر أغصان وأوراق وثمار الدينإذا ما نبتت في أصل التوحيد استقامت وآتتأكلها، أما إذا لم تتصل بذلك الجذع فإنهالن تؤتي ثمارها المرجوة.



على سبيل المثال فإن واحدة من هذهالتفرعات وفي مرحلة التطبيق التي يوجبهاالدين هي مسألة احترام حقوق الآخرين. إنأصل التوحيد يقضي بأن الله عادل وحكيموبصير، وأن الله العادل الحكيم لا يصدرعنه أمر ظالم وأن الله سبحانه ـ وكما نصالقرآن على ذلك ـ يأمر بالعدل والإحسانوالإيثار والتضحية ورعاية الآخرين، كماأن الله العادل الحكيم ينهى عن الأعمالالقبيحة والسيئة والأعمال التي يستقبحهاالعقل وأن الله العادل الحكيم ينهى عنالظلم والعدوان، ولكننا نجد في الماضيوالحاضر وفي المستقبل أيضاً أناساًيرتكبون الفحشاء والمنكر والعدوان ومعذلك يدعون بأن الله قد أمر بذلك وأن مايقومون به يوافق الموازين الشرعيةوالأحكام الدينية؛ يقول سبحانه وتعالى فيسورة الأعراف: (وإذا فعلوا فاحشة قالواوجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إنالله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على اللهما لا تعلمون) (الأعراف: 28)



إن هذه الآية الكريمة تشير إلى أن هؤلاءالناس لو كانوا يدركون التوحيد أو عرفواالله بأسمائه الحسنى وأدركوا أن الله عادلوحكيم لما تفوهوا ببدعهم أبداً، ولماقالوا بأن أعمالهم تلك على موازين الدين،ذلك لو أنهم عرفوا أن الله لا يأمر بالظلم،وأن الله لا يقول ليطأ بعضكم بعضاً وأنيلتهم البعض كدّ البعض الآخر باسم الدين،لما حصل ذلك أبداً.



إن الله سبحانه لا يرضى أن يعيش البعضكلاًّ على الآخرين وأن يكون عبئاً علىالمجتمع دون أن يفكر بتخفيف أعباءالآخرين. إن رضا الله يكمن في تنفيذ أوامرهوإن أوامر الله هي كما ذكرنا آنفاً.



أجل إن ألف باء الدين هي معرفة الله، فكماأن التلميذ في المدرسة إذا لم يدركالمعلومات الأساسية التي تؤهله لقراءةالكتب فإنه سيكون عاجزاً تماماً عن إدراكمسائل الطبيعة والرياضيات والأدب،فالتلميذ إنما يتعلم أولاً الحروف التيتتألف منها اللغة، فإذا لم يتعلم ذلك فإنهسيكون عاجزاً عن القراءة وبالتالي فإنهسوف لن يفهم أياً من الدروس.



إن معرفة الله هي بمنزلة الحروف الأولى فيالدين، فمن عرف الله تمكن من قراءة خطالدين وأدرك المرامي التي ينشدها الدين،أما إذا لم يدرك تلك الحروف فإنه سيخطئ فيقراءة كلمات الدين وأوامره ومن ثم يخطئ فيترجمتها في سلوكه وسيصل به الأمر إلى ماعبر عنه القرآن في قوله سبحانه وتعالى:(الذين ضلَّ سعيهم في الحياة الدنيا وهميحسبون أنهم يحسنون صنعاً). (الكهف: 104)



ولذا قال الإمام علي عليه السلام: "أولالدين معرفته". إن معرفة الله ليست أولالدين فحسب بل وسطه وآخره أيضاً، ذلك أنالذات الإلهية المقدسة هي أول الوجودوآخره، مع جميع الموجودات، محيط بها. وإذاأصبح الإنسان موحداً حقاً لهوت نحوه جميعالفضائل وانجذبت إليه.

/ 48