العبيد والأحرار - مواعظ و الحکم نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مواعظ و الحکم - نسخه متنی

مرتضی المطهری‏

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

العبيد والأحرار




قال الإمام علي عليه السلام: "الدنيا دارممر لا دار مقر، والناس فيها رجلان: رجلباع نفسه فأوبقها ورجل ابتاع نفسهافأعتقها".





إن هذه العبارة على قصرها لتزخر بالمعانيالعميقة التي لا تترشح إلاّ من روح مضيئةبنور الله؛ أجل إن خلاصة عمر أغلب الناس ـومع الأسف ـ هي العبودية وبيع النفس وهدرالشخصية الإنسانية والخسران بتعبيرالقرآن الكريم، العبودية للشهوات والغضبوالحقد والوقوع في أسر العادات والتقاليدالجاهلية التي تتناقض ومنطق العقل،واللهاث وراء الصرعات.





إن البعض من الناس يظنون أنفسهم أحراراًلأنهم ليسوا عبيداً لدى الآخرين، غافلينعن آلاف الحقائق الدقيقة التي هي أدق منالشعر، غافلين عن أن العبودية لها ألف شكلوشكل، وأن الأسر له ألف شكل وشكل، غافلينعن أن الطمع هو ضرب من العبودية، وأنالعادات الجاهلية هي ضرب من الأسر، وأنعبادة المال هي نوع من العبودية.





كان يوسف الصديق يُعامل كعبد سنواتطويلة، وكان يباع ويشترى في الاسواقوتتلاقفه الأيدي كبضاعة وينتقل من بيتلآخر، ولم يكن يملك من الدنيا شيئاً، حتىالطعام الذي يتناوله والثياب التييرتديها كانت هي الأخرى ملكاً لأسياده، بلحتى ثمار عمله التي يحصل عليها بعد جهدٍجهيد.





لقد كان يوسف من وجهة نظر مادية عبداً،غير أنه أثبت العكس في قصته مع أجمل نساءمصر عندما رفض جميع الاغراءات بل وجميعالتهديدات، وبالرغم من كونه عبداً فقدأعلن بأن روحه حرة وأنه ليس عبداً للشهواتقائلاً: إني عبد الله وإن (السجن أحب إليّمما يدعونني إليه). (يوسف: 33)





إن التاريخ ليزخر بالأمثلة العديدة عنبعض الأفراد الذين كانوا يُعاملون وبحكمالقانون على أنهم عبيد أرقاء ولكنهم كانواأحراراً بنفوسهم وعقولهم وأفكارهم. أليسلقمان الحكيم الذي سميت به إحدى سورالقرآن الكريم كان عبداً؟ ولكنه كان فيقمة الحرية بأخلاقه وروحه.





في مقابل ذلك توجد أمثلة عديدة لأشخاصيُعتبرون أحراراً من وجهة نظر القانونولكنهم أسرى وعبيد، فعقولهم مستعبدةوأرواحهم وقلوبهم مستعبدة وأخلاقهموشهامتهم مستعبدة (اولئك الذين خسرواأنفسهم). (هود: 21) بتعبير القرآن الكريم.





فليس مهماً أن يخسر الإنسان في مسرحالحياة حلته أو يخسر منزله أو يخسر مالهوثروته، أو يخسر منزلته الاجتماعية.الخسران الحقيقي هو خسران النفس وخسرانالحرية والشهامة والشجاعة، وخسران المحبةوالعاطفة الإنسانية، خسران العقلوالإيمان والقناعة.





الناس فريقان كما عبر عن ذلك علي عليهالسلام: فريق "باع نفسه فأوبقها" وفريق"ابتاع نفسه فأعتقها"، فريق يلهث وراءالمال والثروة والمقام والهوى والرغباتوزينة الحياة، وفريق يسعى لتحقيق شخصيتهالإنسانية وبناء نفسه على اساس من العزةوالكرامة والاستقامة والتقوى والعدالةوالإيمان. إن القرآن الكريم ليؤكد ذلكويشير إلى عدم وجود شيء في الحياة له قيمةتجعل الإنسان يبيع نفسه من أجله.





يقول الشاعر:










  • أمطري لؤلؤاً جبال سرنديب
    همتي همة الملوك ونفسي
    نفس حر ترىالمذلة كفرا



  • أو أفيضيآبار تكرور تبرا
    نفس حر ترىالمذلة كفرا
    نفس حر ترىالمذلة كفرا






ألا بذكر الله تطمئن القلوب





ذكر الله وحده الذي يهب الروح السلام





يتعرض جسم الإنسان لبعض الحالات الحسنةوالسيئة، وكذلك فإن روحه أو نفسه هيالأخرى تتعرض لحالات متشابهة بالرغم من أنالاختلافات العديدة بين الروح والجسم،فالجسم مثلاً له حجم ووزن في حين لا تمتلكالروح ذلك، فالقليل من الطعام الذي يردبدن الإنسان سوف يؤثر على وزنه، ولكن لوأضيف عالم من الفكر والعلم لما طرأ تغيرعلى وزنه أبداً.





كما أن سعة الجسم محدودة، أما الروح فلاحدود لها، فكل لقمة يتناولها الإنسان تحتلحيزاً من معدته، وشيئاً فشيئاً تمتلئالمعدة حتى يشعر الإنسان بالشبع ومن ثميكون عاجزاً عن تناول لقمة إضافية، حيثيبقى كذلك إلى أن تصرّف المعدة الطعام، فيحين أن الروح لا تعرف الشبع ابداً فكلماغذيتها بالعلم والمعرفة ازدادت جوعاًوقالت: (رب زدني علماً). (طه: 14) فالروح لاتصرّف المعلومات الأولى لكي تستعدلاستقبال المعلومات الجديدة؛ يقول الإمامعلي عليه السلام: "كل وعاء يضيق بما جعل فيهإلا وعاء العلم فإنه يتسع".





كما أن الجسد يضعف شيئاً فشيئاً ويشيخ أماالروح فإنها لا تشيخ أبداً. الجسد يموتويتلاشى ويتحول إلى ذرات متناثرة، ولكنالروح لا تعرف الموت أو الفناء، الروحباقية تنتقل إلى عالم آخر إذا ما تلاشىالجسد. قال الرسول الأكرم صلّى الله عليهوآله وسلّم: "خلقتم للبقاء لا للفناء".





في الوقت الذي توجد فيه اختلافات بينالروح والجسد فإن هناك شبهاً بينهما فينواح عديدة، فالجسد لكي يسعد وينشط يحتاجإلى أنواع من الأطعمة والأشربة، والروح هيالأخرى تحتاج إلى غذاء خاص، وغذاؤها هوالعلم والحكمة والإيمان واليقين. وكما أنالجسد يذبل إذا لم يصله الغذاء الكافي فإنالروح هي الأخرى تذبل إذا لم يصلها غذاؤهاالخاص.





يقول الإمام علي عليه السلام: "إن النفوستكل كما تكل الأبدان فاهدوا إليها طرائفالحِكم".





والروح تمرض كما يمرض الجسد، ولذا فهيتحتاج إلى علاج ودواء، فإذا كان الجسديمرض بسبب خلل ينشأ في ميزان مزاجه أو فيمجموع المواد التي يتألف منها نقصاً أوزيادة، وبشكل عام خلل في المعادلة التيخلقه الله عليها؛ فإن الروح لها معادلتهاوميزانها الخاص بها، الروح تحتاج إلى الحبوتحتاج إلى نظام أخلاقي وتحتاج إلى العلموالمعرفة، وتحتاج إلى الإيمان والعقيدة،وتحتاج إلى سند تعتمد عليه وترجوه في كلأعمالها، وكل هذه الأشياء لازمة لاستقراروتعادل ميزان الروح وإلا فإن أي خلل يهددهذا التوازن سوف يسلب الإنسان سعادتهواستقراره وطمأنينته.





إن بعض الناس يشعرون في أعماق نفوسهمبالضجر. إن هذا القدر من الإحساس الذييحرمهم من تذوق طعم السعادة ويسلبهمالشعور بالاستقرار والسلام يؤدي بهم إلىالذبول والقلق دون أن يدركوا العلة فيذلك، فبالرغم من توفر كل أسباب الحياة إلاأنهم لا يشعرون بالرضا أو السعادة.





إن على هؤلاء الأفراد أن يؤمنوا بوجود جذبروحي.. يجب أن يذعنوا لهذه الحقيقةويعترفوا بأن الإيمان حاجة فطريةوتكوينية بل إنها أسمى حاجاتنا الإنسانية.





فإذا انتهلنا من نبع الإيمان وأضاء نورالله أرواحنا، وتجلى الله في أعماق نفوسناأدركنا معنى السعادة واللذة والبهجة. يقولالله سبحانه في محكم كتابه الكريم: (ألابذكر الله تطمئن القلوب). (الرعد: 28) وقالعلي عليه السلام: "إن الله جعل الذكر جلاءًللقلوب تسمع به بعد الوقرة وتبصر به بعدالعشوة وتنقاد به بعد المعاندة (1)".












(1). نهج البلاغة: 217

/ 48