التصرف في الآخر، وهذا ما يعبّر عنهبالجمع العرفي، أو الجمع مع الشاهد فيمقابل الجمع التبرّعي الذي يجمع بينالدليلين بلا شاهد وقرينة، ولأجل ذلك يكونالجمع الأوّل مقبولاً والآخر مرفوضاً. وقد بذل الأُصوليون جهودهم في إعطاءضوابط الجمع المقبول وحصروها في العناوينالتالية: 1. التخصّص، 2. الورود، 3. الحكومة، 4.التخصيص، 5. تقديم الأظهر على الظاهر. وإليك تعريف تلك العناوين: 1. التخصّص: هو خروج موضوع أحد الدليلين عنموضوع الدليل الآخر حقيقة وتكويناً،كقولنا: «الخمر حرام» و«الخل حلال»فالمحمولان وإن كانا متنافيين، ولكنالتنافي بينهما بدائي يزول بالنظر إلىتغاير الموضوعين. 2. الورود: هو رفع أحد الدليلين موضوعالدليل الآخر حقيقة، لكن بعناية من الشارعبحيث لولاه لما كان له هذا الشأن كتقدّمالأمارة على الأُصول العملية، فإنّ لكلّمن الأُصول العملية موضوعاً خاصّاً،فالأمارة بعد ثبوت حجّيتها بالأدلةالقطعية ترفع موضوع تلك الأُصول عامة. مثلاً موضوع البراءة العقلية هو عدمالبيان، و موضوع الاشتغال هو احتمالالعقاب، وموضوع التخيير هو عدم المرجّح،فإذا قام الدليل القطعي على حجّية الأمارةارتفع بذلك موضوع الأصل، فتكون الأمارةبياناً لمورد الشك(في أصل البراءة)،ورافعاً لاحتمال العقاب(في أصالةالاشتغال)، ومرجحاً لأحد الطرفين علىالآخر (في أصالة التخيير). كلّ ذلك بفضل جعلالشارع الحجّية للأمارة تأسيساً أوإمضاءً لسيرة العقلاء على حجّيتها.