المقام الثاني
أحكام الظن المعتبر
الهدف الأسمى في المقصد السادس هو بيانالحجج الشرعية في الفقه، و كان البحث عنأحكام القطع بحثاً استطرادياً. و لما كانتالحجج الشرعية من قبيل الظنون المعتبرةمسّت الحاجة إلى البحث في موضعين:
الأوّل: إمكان التعبّد بالظن.
الثاني: وقوعه بعد ثبوت إمكانه.
الموضع الأوّل: في إمكان التعبّد بالظن
يطلق الإمكان و يراد منه أحد المعانيالثلاثة:
1. الإمكان الاحتمالي: و هو عدم الجزمبامتناع الشيء بمجرّد سماعه، فإذا سَمعصعود إنسان إلى القمر كان على السامع أن لايعدّه ممتنعاً بل يحتمل جوازه، و في الوقتنفسه يمكن أن يكون في الواقع من الممكناتأو من الممتنعات، فالإمكان الاحتمالييجتمع مع كلا الأمرين.
وإليه يشير الشيخ الرئيس في كلامه: كلّماقرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكانمالم يذدك عنه واضح البرهان.
2. الإمكان الذاتي: و هو أن تكون نسبةالوجود و العدم إلى الماهية على حد سواء، ويطلق عليه الإمكان الماهوي كما هو الحالفي عامة الممكنات في مقابل كون وجود الشيءضرورياً كواجب الوجود، أو كونه ممتنعاًكامتناع اجتماع