للنفس، خصوصاً إذا كان عدلاً، و لو كانتالسيرة أمراً غير مرضيّ للشارع كان عليهالردع كما ردع عن العمل بقول الفاسق.
ولم يكن عمل المسلمين بخبر الثقة إلاّاستلهاماً من تلك السيرة العقلائية التيارتكزت في نفوسهم.
والحاصل: انّه لو كان العمل بأخبار الآحادالثقات أمراً مرفوضاً، لكان على الشارع أنينهى عنه و ينبه الغافل و يُفهم الجاهل.فإذا لم يردع كشف ذلك عن رضاه بتلك السيرةو موافقته لها.
فالاستدلال بسيرة العقلاء على حجّية خبرالواحد من أفضل الأدلّة التي لاسبيلللنقاش فيها، فانّ ثبوت تلك السيرة وكشفها عن رضا الشارع ممّا لاشكّ فيه.
سؤال: ربما يقال انّ الآيات الناهية عناتّباع الظن كافية في ردع تلك السيرةكقوله سبحانه: (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاّالظَّنَّ وَ إِنْ هُمْ إِلاّيَخْرُصُونَ)(الأنعام/116)و قوله سبحانه: (إِنَّ الّذينَلا يُؤْمِنُونَ بالآخرةِ لَيُسَمُّونَالْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثى*وَ مالَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْم إِنّيَتَّبِعُونَ إِلاّ الظَّنَّ وَ إِنَّالظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقِّشَيْئاً)(النجم/27ـ28).
والجواب: انّ المراد من الظن في الآياتالناهية ترجيح أحد الطرفين استناداً إلىالخرص والتخمين كما قال سبحانه: (إِنْ هُمْإِلاّيَخْرُصُونَ) و يشهد بذلك مورد الآيةمن تسمية الملائكة أُنثى، فكانوايُرجّحون أحدَ الطرفين بأمارات ظنية وتخمينات باطلة، فلا يستندون في قضائهم لاإلى الحس ولا إلى العقل بل إلى الهوى والخيال، وأين هذا من قول الثقة أو الخبرالموثوق بصدوره الذي تدور عليه رحى الحياةو يجلب الإطمئنان والثبات؟! (1)
1. و يشهد لما ذكرنا انّ لسان النهي عناتباع الظن إرشاد إلى حكم العقل من أنّالظن بما هو ظن لامسوِّغ للاعتماد عليه،فلا نظرَ له إلى ما استقرت عليه سيرةالعقلاء بما هم عقلاء على اتّباعه، لأجلكون الراوي ثقة.