مخالفته، و ليس معنى ذلك انّ إجماعهم علىحكم من تلقاء أنفسهم يجعله حكماً شرعياً،بل يجب أن يكون إجماعهم مستنداً إلى دليلشرعي قطعي أو ظنّي، كالخبر الواحدوالمصالح المرسلة والقياس و الاستحسان. فلو كان المستند دليلاً قطعياً من قرآن أوسنّة متواترة يكون الإجماع مؤيّداً ومعاضِداً له. و لو كان دليلاً ظنياً كمامثّلناه فيرتقي الحكم حينئذ بالإجماع منمرتبة الظن إلى مرتبة القطع و اليقين. ومثله ما إذا كان المستند هو المصلحة ودفع المفسدة، فالاتّفاق على حكم شرعياستناداً إلى ذلك الدليل يجعله حكماًشرعياً قطعياً، كزيادة أذان لصلاة الجمعةفي عهد عثمان لإعلام الناس بالصلاة كي لاتفوتهم، حتى صار الأذان الآخر عملاًشرعياً إلهياً وإن لم ينزل به الوحي. هذا هو حال الإجماع عند أهل السنّة، وبذلك تقف على أنّه أحد المصادر الأصليةبالمعنى الذي عرفت. وأمّا الشيعة، فتقول بانحصار الدليل فيالكتاب والسنّة والعقل، وأمّا الاتّفاقفلا يُضفي عندهم على الحكم صبغةَ الشرعيّةولا يؤثر في ذلك أبداً غاية الأمر انّالمستند لو كان معلوماً فنحن و المجمعونأمام المستند سواء، لا يزيد اتّفاقهمشيئاً. وأمّا إذا كان المستند غير معلوم،كما هو الحال في أكثر المقامات، فربمايكشف إجماعهم عن قول المعصوم و اتّفاقهمعهم، كما إذا اتّفق الإجماع في عصر حضورالمعصوم، و ربما يكشف عن وجود دليل معتبروصل إلى المجمعين و لم يصل إلينا، كما إذااتفق في الغيبة الصغرى وأوائل الكبرى إذمن البعيد أن يتّفق المجتهدون على حكم بلامستند شرعي.وعلى كلا التقديرين فالإجماعبما هو هو ليس بحجّة، و إنّما هو كاشف عنالحجّة، وسيوافيك تفصيله. وأمّا الاتّفاق على إصدار الحكم على وفقالمصالح و المفاسد كما هو الحال في الأذانالمبتدع، فإن أُريد منه انّ الحكم الصادرعلى وفقها هو حكم شرعي