المقام الأوّل: استكشاف حكم الشرع عنداستقلاله بالحكم بالنظر إلى ذات الموضوع،فنقول: إذا استقل العقل بالحكم علىالموضوع عند دراسته بما هوهو من غيرالتفات إلى ماوراء الموضوع من المصالح والمفاسد، ـ ومن امتلثه وراء ما مرّ أعنيحسن الإحسان وباب الملازمات، استقلالهبقبح تكليف غير المميز و من لم يبلغهالبيان ـ فهل يكون ذلك دليلاً على كونالحكم عند الشارع كذلك أيضاً أو لا؟ فذهبالأُصوليون إلى وجود الملازمة بينالحكمين، و ما ذلك إلاّ لأنّ العقل يدركحكماً عاماً غير مقيّد بشيء.
مثلاً إذا أدرك العقل (حسن العدل) فقد أدركانّه حسن مطلقاً أي سواء كان الفاعل واجبالوجود أو ممكن الوجود، و سواء كان الفعلفي الدنيا أو في الآخرة، و سواء كانمقروناً بالمصلحة أو لا، فمثل هذا الحكمالعقلي المدرَك يلازم كون الحكم الشرعيأيضاً كذلك وإلاّ لما كان المدرَك عاماًشاملاً لجميع تلك الخصوصيات.و بذلك تتضحالملازمة بين حكم العقل و حكم الشرع فيالمستقلات العقلية.
هذا كلّه في المستقلات العقلية و به يظهرحكم غير المستقلات العقلية التي عرفتمعناها، فمثلاً إذا أدرك العقل الملازمةبين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته، أو وجوبالشيء و حرمة ضدّه، أو الملازمة بين ثبوتالجزاء عند ثبوت العلّة المنحصرة وانتفائه عند انتفائها، يكشف ذلك انّ الحكمعند الشرع كذلك، لأنّ الحكم المدرَكبالعقل حكم عام غير مقيّد بشيء من القيود،فكما انّ العقل يدرك الملازمة بين الأربعةوالزوجية بلا قيد فيكون حكماً صادقاً فيجميع الأزمان والأحوال، فكذلك يدركالملازمة بين الوجوبين أو بين الوجوبوالحرمة، فالقول بعدم كشفه عن حكم الشارع،كذلك ينافي إطلاق حكم العقل و عدم