يَتَّقُونَ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءعَلِيمٌ)(التوبة/115).
وتقرير الاستدلال بالآية كسابقتها، غيرأنّه سبحانه فرّع التعذيب على البيان فيالآية السابقة، و فرّع الإضلال عليه فيهذه الآية، و بما أنّ التعذيب من آثارالضلالة، فيكون التعذيب أيضاً معلّقاًعليه.
والمراد من الإضلال، هو الإضلال بعدالهداية لأجل عدم الاتقاء عمّا حرّماللّه، فلا يعدّمثل هذا النوع من الإضلالظلماً لانّ العبد هو السبب لانقطاع الفيضعنه كقوله سبحانه: (ذلِكَ بأنّ اللّهَ لَمْيَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهاعَلى قَوم حَتّى يُغَيّرُوا مابأَنْفُسِهِمْ) (الأنفال/53).
ثمّ إنّ أصحابنا الأُصوليين استدلوابأحاديث صحيحة نأتي بأهمّها:
الحديث الأوّل: حديث الرفع
روى الصدوق بسند صحيح عن أبي عبد اللّه(عليه السَّلام)، قال: قال رسول اللّه (صلّىالله عليه وآله وسلّم): «رفع عن أُمّتيتسعة: الخطأ، والنسيان،و ما أُكرهوا عليه،ومالا يعلمون، ومالا يطيقون، و ما اضطرواإليه، و الحسد، و الطيرة، والتفكر فيالوسوسة في الخلق مالم ينطق بشفة».(1)
تقرير الاستدلال يتوقف على ذكر أمرين:
الأوّل: انّ الرفع ينقسم إلى تكويني ـ و هوواضح ـ و تشريعي، و المراد منه نسبة الرفعإلى الشيء بالعناية و المجاز، باعتبار رفعآثاره كقوله (عليه السَّلام): «لا شكّلكثير الشكّ» و من المعلوم أنّ المرفوعليس هو نفس «الشك» لوجوده، وإنّما المرفوعهو آثاره و هذا صار سبباً لنسبة الرفع إلىذاته، و نظيره حديث الرفع، فانّ نسبةالرفع إلى الأُمور التسعة نسبة ادّعائيةبشهادة وجود الخطأ و النسيان و ما عطف عليهفي الحديث، بكثرة بين الأُمّة، و لكن لمّاكانت الموضوعات المذكورة
1. الخصال، باب التسعة، الحديث 9، ص 417.