الف ـ الاعتراف بحجية العقل في مجالات خاصة:
إن من سمات التشريع الإسلامي التي يمتاز بها عن سائر التشريعات هي إدخال العقل في دائرة التشريع و الاعتراف بحجيته في الموارد التي يصلح له التدخل و القضاء فيها، فالعقل أحد الحجج الشرعية و في مصاف المصادر الأخرى للتشريع، و قد فتح هذا الاعتراف للتشريع الإسلامي سعة و انطلاقا و شمولا لما يتجدد من الأحداث و لما يطرأ من الأوضاع الاجتماعية الجديدة.
إن الملازمة بين حكمي العقل و الشرع (إنه كلما حكم به العقل حكم به الشرع) ترفع كثيرا من المشاكل التي لم يرد فيها نص، فللعقل دور كبير في استنباط كثير من الأحداث التي يصلح للعقل القضاء فيها و يقدر على إدراك حكم الشرع من حكم نفس العقل، و ذلك في الموارد التالية:
1 ـ القول بالملازمة بين وجوب المقدمة و ذيها.
2 ـ القول بالملازمة بين حرمة الشي ء و مقدمته.
3 ـ الحكم بالبراءة عند عدم النص.
4 ـ الحكم بالامتثال القطعي عند العلم الإجمالي.
5 ـ الحكم بالملازمة بين الحرمة و فساد العبادة.
6 ـ الحكم بالملازمة بين تعلق النهي بنفس المعاملة و فسادها.
7 ـ الحكم بالاجزاء عند الامتثال وفق الأمر الاضطراري.
8 ـ الحكم بالاجزاء عند الامتثال وفق الأمر الظاهري.
9 ـ استكشاف الأمر الشرعي بالأهم عند التزاحم.
10 ـ استكشاف بطلان الصلاة عند اجتماع الأمر و النهي بتقديمه على الآمر.
إلى غير ذلك من الأحكام التي تعد من ثمرات القول بالتحسين و التقبيح العقليين، فمن عزل العقل عن الحكم في ذلك المجال، فقد قصرت فكرته عن تقديم أي حل لهذه الأحكام و ما ذكرناه نماذج لما للعقل من دور، و إلا فالأحكام المستنبطة من العقل في مجالات مختلفة أكثر من ذلك.