ج ـ التشريع الإسلامي ذو مادة حيوية:
إن التشريع الإسلامي في مختلف الأبواب مشتمل على أصول و قواعد عامة تفي باستنباط آلاف من الفروع التي يحتاج إليها المجتمع البشري على امتداد القرون و الأجيال.
أخرج الكليني عن عمر بن قيس عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: سمعته يقول إن الله تبارك و تعالى لم يدع شيئا تحتاج إليه الأمة إلا أنزله في كتابه و بينه لرسوله، و جعل لكل شي ء حدا و جعل عليه دليلا يدل عليه و جعل على من تعدى ذلك الحد حدا.
روى الكليني عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: ما من شي ء إلا و فيه كتاب أو سنة (5).
و قال الإمام الطاهر موسى الكاظم عليه السلام عند ما سأله عن وجود كل شي ء في كتاب الله و سنة نبيه قال مجيبا: بل كل شي ء في كتاب الله و سنة نبيه (6).
نعم تتجلى حيوية مادة التشريع إذا أخذنا بسنة رسول الله المروية عن طريق أئمة أهل البيت، فقد حفظوا سنة رسول الله صلّى الله عليه وآله عند ما كانت كتابة الحديث أمرا معرضا عنه و لذلك صارت أدلة الفقه الإسلامي متوسعة كافلة لاستنباط الأحكام و بذلك أغنواالأمة الإسلامية عن مقاييس ظنية كالقياس و الاستقراء و ما لا دليل عليه من الكتاب و السنة على وجه القطع و اليقين.
إن الاكتفاء بما ورد عن النبي عن طريق الصحابة و عدم الرجوع إلى ما رواه أئمة أهل البيت عن جدهم متسلسلا كابر عن كابر لخسارة عظمى، فعلى المشغوف بتجديد حياة الإسلام و إغنائه عن أي تشريع غربي و شرقي و تجسيد الخاتمية في مجال التشريع أن يجتاز الحدود التي ضربها الأمويون و من لف لفهم بين الناس و أئمة أهل البيت عليهم السلام فعند ذلك ستنفتح آفاق من حديث الرسول مما يحتار اللب به، و يثير الحسرة لما فات الأمة من التنور بنورهم في القرون الماضية.