خاتمیة فی الکتاب والسنة والعقل الصریح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خاتمیة فی الکتاب والسنة والعقل الصریح - نسخه متنی

جعفر السبحانی‏ التبریزی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الفصل الأول:







الخاتمية في الذكر الحكيم







اتفقت الأمة الإسلامية ـ عن بكرة أبيها ـ على أن نبيهم محمدا خاتم النبيين، و أن دينه خاتم الأديان، و كتابه خاتم الكتب و الصحف، فهو صلّى الله عليه وآله آخر السفراء الإلهيين، أوصد به باب الرسالة و النبوة، و ختمت به رسالة السماء إلى الأرض.









لقد اتفق المسلمون كافة على أن دين نبيهم، دين الله الأبدي، و كتابه، كتاب الله الخالد و دستوره الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه و قد أنهى الله إليه كل تشريع و أودع فيه أصول كل رقي، و أناط به كل سعادة و رخاء، فاكتملت بدينه و كتابه الشرائع السماوية التي هي رسالة السماء إلى الأرض.









توضيحه: أن الشريعة الإلهية الحقة التي أنزلها الله تعالى إلى أول سفرائه لا تفترق جوهرا عما أنزله على آخرهم، بل كانت الشريعة السماوية في بدء أمرها كنواة قابلة للنمو و النشوء، فأخذت تنمو و تستكمل عبر القرون و الأجيال، حسب تطور الزمان و تكامل الأمم، و تسرب الحصافة إلى عقولهم، و تسلل الحضارة إلى حياتهم.









و يفصح عما ذكرنا قوله سبحانه: شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا (الشورى/13) فقد وصى نبينا محمدا بما وصى به نوحا، من توحيده سبحانه و تنزيهه عن الشرك، و الدعوة إلى مكارم الأخلاق و التنديد بالجرائم الخلقية، و القضاء على أسبابها، إلى غير ذلك مما تجده في صحف الأولين و الآخرين.









و تتجلى تلك الحقيقة الناصعة، أي وحدة الشرائع السماوية، جوهرا من مختلف الآيات في شتى المواضع، قال سبحانه: إن الدين عند الله الإسلام و ما اختلف الذين أتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم (آل عمران/19) و ظاهر الآية يعطي أن الدين عند الله ـ لم يزل و لن يزال ـ هو الإسلام في طول القرون و الأجيال، و يعاضدها قوله تعالى: و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه (آل عمران/85).

و قال سبحانه في مورد آخر مخطئا مزعمة اليهود و النصارى في رمي ـ بطل التوحيد ـ إبراهيم باليهودية و النصرانية قال: و ما كان إبراهيم يهوديا و لا نصرانيا و لكن كان حنيفا مسلما و ما كان من المشركين (آل عمران/67).









فحقيقة الشرائع السماوية في جميع الأدوار و الأجيال كانت أمرا واحدا و هو التسليم في فرائضه و عزائمه وحده.









و لأجل ذلك كتب الرسول إلى قيصر عند ما دعاه إلى الإسلام، قوله سبحانه: قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا و بينكم ألا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئا و لا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون (1).









و قد أمر سبحانه في آية أخرى رسوله بدعوة معشر اليهود أو الناس جميعا إلى اتباع ملة إبراهيم قال سبحانه: فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا و ما كان من المشركين (آل عمران/95).









و صرح سبحانه بأن كل نبي جاء عقب نبي آخر، كان يصرح بأنه مصدق بوجود النبي المتقدم عليه و كتابه و دينه، فالمسيح مصدق لما بين يديه من التوراة و محمد صلّى الله عليه وآله مصدق لما بين يديه من الكتب و كتابه مهيمن عليه، كما قال سبحانه: و قفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه من التوراة، و أنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب و مهيمنا عليه (المائدة/46، 48).









و هذه النصوص كلها تعبر عن وحدة أصول الشرائع و جذورها و لبابها.









و على هذه فرسالة السماء إلى الأرض، رسالة واحدة في الحقيقة مقولة بالتشكيك، متكاملة عبر القرون جاء بها الرسل طوال الأجيال و كلهم يحملون إلى المجتمع البشري رسالة واحدة لتصعد بهم إلى مدارج الكمال، و تهديهم إلى معالم الهداية و مكارم الأخلاق.









نعم كان البشر في أوليات حياتهم يعيشون في غاية البساطة و السذاجة، فما كانت لهم دولة تسوسهم، و لا مجتمع يخدمهم و لا ذرائع تربطهم، و كانت أواصر الوحدة و وشائج الارتباط بينهم ضعيفة جدا، فلأجل ذاك القصور في العقل، و قلة التقدم، و ضعف الرقي، كانت تعاليم أنبيائهم، و الأحكام المشروعة لهم، طفيفة في غاية البساطة، فلما أخذت الإنسانية بالتقدم و الرقي، و كثرت المسائل يوما فيوما، اتسع نطاق الشريعة و اكتملت الأحكام تلو هذه الأحوال و التطورات.

فهذه الشرائع (مع اختلافها في بعض الفروع و الأحكام نظرا إلى الأحوال الأممية و الشؤون الجغرافية) لا تختلف في أصولها و لبابها، بل كلها تهدف إلى أمر واحد، و تسوق المجتمع إلى هدف مفرد، و الاختلاف إنما هو في الشريعة و المنهاج لا في المقاصد و الغايات كما قال سبحانه: لكل جعلنا منكم شرعة و منهاجا و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة و لكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات (المائدة/48) (2).









و قال سبحانه: ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها و لا تتبع أهواء الذين لا يعلمون (الجاثية/18).









و خلاصة القول: أن السنن مختلفة، فللتوراة شريعة، و للإنجيل شريعة، و للقرآن شريعة و لكن الدين هو الأصول و العقائد و الأحكام التي تساير الفطرة الأنسانية و لا تخالفها، واحدة منها.









و هاتان الآيتان لا تهدفان إلى اختلاف الشرائع في جميع موادها، و مواردها اختلافا كليا بحيث يكون من النسبة بينها نسبة التباين، كيف و هو سبحانه يأمر نبيه بالاقتداء بهدى أنبيائه السالفين و يقول: أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده (الأنعام/90).









نعم جاءت الرسل تترى، و تواصلت حلقات النبوة في الأدوار الماضية إلى أن بعث الله آخر سفرائه فأتم نعمته و أكمل به دينه، فأصبح المجتمع البشري في ظل دينه الكامل، و كتابه الجامع، غنيا عن تواصل الرسالة و تعاقب النبوة، و أصبح البشر غير محتاجين إلى إرسال أي رسول بعده، إذ جاء الرسول بأكمل الشرائع و أتقنها و أجمعها للحقوق و بكل ما يحتاج إليه البشر في أدوار حياتهم و أنواع تطوراتهم و في الوقت نفسه فيها مرونة تتمشى مع جميع الأزمنة و الأجيال، من دون أن تمس جوهر الرسالة الأصلي بتحوير و تحريف.

و إليك أدلة خاتميته من الكتاب أولا، و السنة ثانيا، أما الكتاب ففيه نصوص:







/ 36