الخاتم و ما يراد منه:
لقد قرئ لفظ الخاتم بوجهين:
الأول: بفتح التاء و عليه قراءة عاصم و يكون بمعنى الطابع الذي تختم به الرسائل و المواثيق فكان النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله بالنسبة إلى باب النبوة كالطابع، ختم به باب النبوة و اوصد و اغلق فلا يفتح أبدا.
الثاني: بكسر التاء و عليه يكون اسم فاعل أي الذي يختم باب النبوة و على كلتا القراءتين فالآية صريحة على أن باب النبوة أو بعث الأنبياء ختم بمجي ء النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله. قال أبو محمد الدميري:
و الخاتم الفاعل قل بالكسر
و ما به يختم فتحا يجري
و أنت إذا راجعت التفاسير المؤلفة منذ العصور الأولى إلى يومنا هذا ترى أن عامة المفسرين يفسرونها بما ذكرنا و يصرحون بأن وصفه صلّى الله عليه وآله و تشبيهه بالخاتم (بالفتح) لأنه كان الرسم الدائر بين العرب هو ختم الرسالات بخاتمهم الذي بين أصابعهم، فكانت خواتيمهم طوابعهم فكان النبي الأكرم بين الأنبياء هو الخاتم ختم به باب النبوات، و لك أن تستلهم هذا المعنى من الآيات الكثيرة التي وردت فيها مادة تلك الكلمة، فترى أن جميعها يفيد هذا المعنى.
كالآيات التالية:
1 ـ قال سبحانه: يسقون من رحيق مختوم (المطففين/25) أي مختوم بابه بشي ء مثل الشمع و غيره دليلا على خلوصه.
2 ـ و قال سبحانه: ختامه مسك و في ذلك فليتنافس المتنافسون (المطففين/26) اي آخر شربه تفوح منه رائحة المسك.
3 ـ و قال سبحانه: اليوم نختم على أفواههم و تكلمنا أيديهم (يس/65) أي يطبع على أفواههم فتوصد، و تتكلم أيديهم.
إلى غير ذلك من الآيات التي وردت فيها مادة تلك الكلمة، و الكل يهدف إلى الانتهاء و الانقطاع و في مورد الآية إنتهاء النبوة و انقطاعها.