النص الثالث:
قوله سبحانه: إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم و إنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (فصلت/41 ـ 42).
وجه الدلالة على الخاتمية، أن المراد من الذكر هو القرآن بقرينة قوله سبحانه: ذلك نتلوه عليك من الآيات و الذكر الحكيم (آل عمران/58).
و الضمير في لا يأتيه يرجع إلى الذكر و مفاد الآية أن الباطل لا يتطرق إليه و لا يجد إليه سبيلا من أي جهة من الجهات، فلا يأتيه الباطل بأية صورة متصورة، و دونك صوره.
1 ـ «لا يأتيه الباطل أي لا ينقص منه شي ء و لا يزيد عليه شي ء». ـ «لا يأتيه الباطل: أي لا يأتيه كتاب يبطله و ينسخه و أن يجعله سدى فهو حق ثابت لا يبدل و لا يغير و لا يترك».
3 ـ «لا يأتيه الباطل: لا يتطرق الباطل في إخباره عما مضى و لا في إخباره بما يجي ء، فكلها تطابق الواقع».
و حاصل الآية، أن القرآن حق لا يداخله الباطل إلى يوم القيامة، فإذا كان حقا مطلقا مصونا عن تسلل البطلان إليه و متبعا للناس إلى يوم القيامة يجب عند ذلك دوام رسالته و ثبات نبوته و خاتمية شريعته.
و بتعبير آخر أن الشريعة الجديدة إما أن تكون عين الشريعة الإسلامية الحقة أو غيرها، فعلى الأول لا حاجة إلى الثانية، و على الثاني: فإما أن تكون الثانية حقة كالأولى فيلزم كون المتناقضين حقا أو أن تكون الأولى حقا دون الأخرى و هذا هو المطلوب، و شريعة الرسول الأعظم جزء من الكتاب الحق الذي لا يدانيه الباطل و سنته المحكمة التي لا تصدر إلا بإيحاء منه كما قال تعالى و ما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى * علمه شديد القوى (النجم/3 ـ 5) فالآية صريحة في نفي أي تشريع بعد القرآن و أية شريعة بعد الإسلام، فتدل بالملازمة على عدم النبوة التشريعية بعد نبوته.