ألا أبلغ معاوية بن صخر
صبحنا منبجا بالخيل تردى
بكل سميدع ماض جسور
و كل مجرب بطل همام
و فتيان يرون الصبر مجدا
بأيديهم مهندةذكور
فإني قد أغرتكما تغير
شوازب فيأياطلها ضمير
على الأهوال في ضنكيسير
لدى الهيجاء مطلبهعسير
بأيديهم مهندةذكور
بأيديهم مهندةذكور
قال: ثم كتب علي رضي الله عنه إلى معاوية(1): أما بعد، يا معاوية! فإن الله عدل لايجور. و عزيز لا يغلب، يجزي بالإحسانإحسانا، و هو بصير بما تعمل العباد، و اعلمبأنك لم تخلق للدنيا و الخلود فيها، بل أنتراجع إلى ربك فملاقيه، فاتق الله يامعاوية! و أنصف من نفسك و لا تطغينّكالأماني الباطلة و الغرور، فإني مؤل (2)باللّه أليّة صدق (3) لئن (4) جمعتني و إياكدارا لأزايلنك أبدا أو يفتح الله بيننابالحق و هو خير الفاتحين، فأطلق من في يديكمن إخواننا حتى نطلق من في أيدينا منأصحابك، فإني قد بعثت إليك في ذلك مولايسعدا (5)- و السلام-. قال: فلما وصل كتاب عليإلى معاوية أطلق من كان في يديه من أصحابعليّ، و أطلق عليّ أيضا من كان في يديه منأصحاب معاوية.
قال: و ظن علي رضي الله عنه أن معاوية لايغير عليه بعد ذلك، فلما كان بعد شهر أقلأو أكثر وجّه معاوية أيضا برجل من أصحابالشام يقال له سفيان بن عوف الغامدي (6) فيخيل عظيمة، و أمره بالمسير و الغارة علىأداني العراق و القتل من قدر
(1) الكتاب في نهج البلاغة باختلاف النص-كتاب رقم 55.
(2) نهج البلاغة: «أولي» أي أحلف باللّهحلفة غير حانثة.
(3) نهج البلاغة: ألية غير فاجرة.
(4) العبارة في النهج: لئن جمعتني و إياكجوامع الأقدار لا أزال بباحتك حتى يحكمالله بيننا و هو خير الحاكمين.
(5) هو سعد بن الحارث الخزاعي له إدراك، كانعلى شرطة علي بالكوفة و كان مناديه فيالناس و قد ولاه على أذربيجان ثم انضم إلىالحسن بن علي ثم تبع الحسين بن علي و قتلمعه في كربلاء.
(6) عن فتوح البلدان ص 188 و بالأصل«العامري» تحريف. و انظر جمهرة أنسابالعرب ص 473.
و انظر ترجمته في الإصابة. قال ابن حجر:صحب النبي (ص) و له بأس و سخاء. و استعملهمعاوية على الصوائف و كان يعظمه. توفي سنة 2أو 3 أو 54.
و انظر خبر غارته في الطبري 6/ 78 و الغاراتلابن هلال الثقفي ص 320 و شرح النهج لابن أبيالحديد م 1/ 335 و انظر الكامل للمبرد 1/ 29 فيهبعض الرواية و تاريخ اليعقوبي 2/ 196.