سنه 17
حتى إذا دخلوا هيئوا الهرمزان في هيئته،فالبسوه كسوته من الديباج الذى فيه الذهب،و وضعوا على راسه تاجا يدعى الاذين، مكللابالياقوت، و عليه حليته، كيما يراه عمر والمسلمون في هيئته، ثم خرجوا به على الناسيريدون عمر في منزله فلم يجدوه، فسألواعنه، فقيل لهم: جلس في المسجد لوفد قدمواعليه من الكوفه، فانطلقوا يطلبونه فيالمسجد، فلم يروه، فلما انصرفوا مروابغلمان من اهل المدينة يلعبون، فقالوالهم: ما تلددكم!؟ تريدون امير المؤمنين؟فانه نائم في ميمنه المسجد، متوسد برنسه- وكان عمر قد جلس لوفد اهل الكوفه في برنس،فلما فرغ من كلامهم و ارتفعوا عنه، و اخلوهنزع برنسه ثم توسده فنام- فانطلقوا و معهمالنظارة، حتى إذا راوه جلسوا دونه، و ليسفي المسجد نائم و لا يقظان غيره، و الدرةفي يده معلقة، فقال: الهرمزان: اين عمر؟فقالوا: هو ذا، و جعل الوفد يشيرون الىالناس ان اسكتوا عنه، و اصغى الهرمزان الىالوفد، فقال: اين حرسه و حجابه عنه؟ قالوا:ليس له حارس و لا حاجب، و لا كاتب و لاديوان، قال: فينبغي له ان يكون نبيا،فقالوا: بل يعمل عمل الأنبياء، و كثرالناس، فاستيقظ عمر بالجلبه، فاستوىجالسا، ثم نظر الى الهرمزان، فقال:الهرمزان؟ قالوا: نعم، فتأمله، و تامل ماعليه، و قال: اعوذ بالله من النار، واستعين الله! و قال: الحمد لله الذى أذلبالإسلام هذا و اشياعه، يا معشر المسلمين،تمسكوا بهذا الدين، و اهتدوا بهدى نبيكم،و لا تبطرنكم الدنيا فإنها غراره فقالالوفد: هذا ملك الاهواز، فكلمه، فقال: لا،حتى لا يبقى عليه من حليته شيء، فرمى عنهبكل شيء عليه الا شيئا يستره، و البسوهثوبا صفيقا، فقال عمر: هيه يا هرمزان! كيفرايت وبال الغدر و عاقبه امر الله! فقال: ياعمر، انا و إياكم في الجاهلية كان الله قدخلى بيننا و بينكم، فغلبناكم إذ لم يكنمعنا و لا معكم، فلما كان معكم