واسمه إيري شكروتي " بفتح الهمزة وسكونالياء وكسر الراء ثم ياء وشين معجم مفتوحوكاف مثله وراء مسكنة وواو مفتوح وتاءمعلوة مكسورة وياء "، وهو سلطان قوي فيالبحر. رأيت مرة وأنا بالمعبر، مائة مركبمن مراكبه بين صغار وكبار. وصلت إلى هنالك،وكانت بالمرسى ثمانية مراكب للسلطان برسمالسفر إلى اليمن، فأمر السلطانبالاستعداد، وحشد الناس لحماية أجفانه.فلما يئسوا من انتهاز الفرصة فيها، قالوا:إنا جئنا لحماية مراكب لنا تسير أيضاً إلىاليمن. ولما دخلت على هذا السلطان الكافر،قام الي وأجلسني إلى جانبه وكلمني بأحسنكلام، وقال: ينزل أصحابك على الأمان،ويكونون في ضيافتي إلى أن يسافروا. فإنسلطان المعبر، بيني وبينه الصحبة، ثم أمربإنزالي، فأقمت عدة ثلاثة أيام في إكرامعظيم متزايد، في كل يوم. وكان يفهم اللسانالفارسي، ويعجبه ما أحدثه به عن الملوكوالبلاد. ودخلت عليه يوماً وعنده جواهركثيرة أتى بها من مغاص الجوهر الذيببلاده، وأصحابه يميزون النفيس منها منغيره. فقال لي: هل رأيت مغاص الجوهر فيالبلاد التي جئت منها؟ فقلت له: نعم، رأيتهبجزيرة قيس، وجزيرة كش، التي لابنالسواملي. فقال: سمعت بها ثم أخذت منه حبات.فقال: أيكون في تلك الجزيرة مثل هذه؟ فقلتله: رأيت ما هو دونها. فأعجبه ذلك. وقال: هيلك. وقال لي: لا تستحي، واطلب مني ما شئت.فقلت له: ليس مرادي منذ وصلت هذه الجزيرةإلا زيارة القدم الكريمة، قدم آدم عليهالسلام، وهم يسمونه " بابا "، ويسمون حواء "ماما ". قال: هذا هين. نبعث معك من يوصلك.فقلت: ذلك أريد. ثم قلت له: وهذا المركبالذي جئت به، يسافر آمنا إلى المعبر، وإذاعدت أنا بعثتني في مراكبك. فقال نعم. فلماذكرت ذلك لصاحب المركب، قال لي: لا أسافرحتى تعود، ولو أقمت سنة بسببك. فأخبرتالسلطان بذلك. فقال: يقيم في ضيافتي حتىتعود. فأعطاني دولة يحملها عبيده علىأعناقهم، وبعث معي أربعة من الجوكية الذينعادتهم السفر كل عام إلى زيارة القدم،وثلاثة من البراهمة، وعشرة من سائرأصحابه. وخمسة عشر رجلاً يحملون الزاد.وأما الماء فهو بتلك الطريق كثير. ونزلناذلك اليوم على واد جزناه في معدية مصنوعةمن قصب الخيزران، ثم رحلنا من هنالك إلىمنار مندلي " وضبط ذلك بفتح الميم والنونوألف وراء مسكنة وميم مفتوح ونون مسكنودال مهمل مفتوح ولام مسكور وياء "، مدينةحسنة هي آخر عمالة السلطان. أضافنا أهلهاضيافة حسنة. وضيافتهم عجول الجواميسيصطادونها بغابة هنالك. ويأتون بها أحياء،ويأتون بالأرز والسمن والحوت والدجاجواللبن. وليس بالمدينة مسلم غير رجلخراساني انقطع بسبب مرضه، فسافر معنا.ورحلنا إلى بندرسلاوات " وضبطه بفتح الباءالموحدة وسكون النون وفتح الدال المهملوسكون الراء وفتح السين المعمل واللاموالواو والف وتاء معلوة "، بلدة صغيرة.وسافرنا منها في أوعار كثيرة المياه، وبهاالفيلة الكثيرة، إلا أنها لا تؤذي الزواروالغرباء. وذلك ببركة الشيخ أبي عبد اللهبن خفيف رحمه الله، وهو أول من فتح هذاالطريق إلى زيارة القدم، وكان هؤلاءالكفار يمنعون المسلمين من ذلك، ويؤذونهمولا يؤاكلونهم ولا يبايعونهم. فلما اتفقللشيخ أبي عبد الله ما ذكرنا في السفرالأول من قتل الفيلة لأصحابه، وسلامته منبينهم، وحمل الفيل له على ظهره، صارالكفار من ذلك العهد يعظمون المسلمين،ويدخلونهم دورهم، ويطعمون معهم ويطمئنونلهم بأهلهم وأولادهم. وهم إلى الآن يعظمونالشيخ المذكور أشد تعظيماً، ويسمونهالشيخ الكبير. ثم وصلنا بعد ذلك إلى مدينةكنكار " وضبط اسمها بضم الكاف الاول وفتحالنون والكاف الثانية وآخره راء "، وهيحضرة السلطان الكبير بتلك البلاد،وبناؤها في خندق بين جبيلين على خور كبيريسمى بخور الياقوت، لأن الياقوت يوجد به.وبخارج هذه المدينة مسجد الشيخ عثمانالشيرازي المعروف بشاوش " بشينين معجمينبينهما واو مضموم "، وسلطان هذه المدينةوأهلها يزورونه ويعظمونه. وهو كان الدليلإلى القدم، فلما قطعت يده ورجله، صارالأدلاء أولاده وغلمانه، وسبب قطعه أنهذبح بقرة، وحكم كفار الهنود أنه من ذبحبقرة ذبح كمثلها، أو جعل في جلدها وحرق.وكان الشيخ عثمان معظماً فقطعوا يدهورجله، وأعطوه مجبى بعض الأسواق.