وهو يعرف بالكنار " بضم الكاف وفتح النونوألف وراء "، وعنده الفيل الأبيض. ولم أر فيالدنيا فيلاً أبيض سواه، يركبه فيالأعياد، ويجعل على جبهته أحجار الياقوتالعظيمة. واتفق له أن قام عليه أهل دولته،وسملوا عينيه، وولوا ولده وهو هنالك أعمى.
ذكر الياقوت
والياقوت العجيب البهرمان إنما يكون بهذهالبلدة. فمنه ما يخرج من الخور، وهو عزيزعندهم، ومنه ما يحفر عنه. وفي جزيرة سيلانيوجد الياقوت في جميع مواضعها، وهيمتملكة. فيشتري الإنسان القطعة منها،ويحفر عن الياقوت، فيجد أحجاراً بيضاءمشعبة، وهي التي يتكون الياقوت فيأجوافها، فيعطيها الحكاكين، فيحكونها حتىتنفلق عن أحجار الياقوت. فمنه الأحمر ومنهالأصفر ومنه الارزق ويسمونه النيلم " بفتحالنون واللام وسكون الياء آخر الحروف "،وعادتهم أن ما بلغ ثمنه من أحجار الياقوتإلى مائة فنم " بفتح الفاء والنون " فهوللسلطان، يعطي ثمنه ويأخذه. وما نقص عن تلكالقيمة فهو لأصحابه. وصرف مائة فنم ستةدنانير من الذهب. وجميع النساء بجزيرةسيلان لهن القلائد من الياقوت الملون،ويجعلنه في أيديهن وأرجلهن عوضاً منالأسورة والخلاخيل. وجواري السلطان يصنعنمنه شبكة يجعلنها على رؤوسهن. ولقد رأيتعلى جبهة الفيل الأبيض سبعة أحجار منه. كلحجر أعظم من بيضة الدجاج. ورأيت عندالسلطان أيري شكروتي سكرجة على مقدار الكفمن الياقوت، فيها دهن العود. فجعلت أعجبمنها، فقال: إن عندنا ما هو أضخم من ذلك. ثمسافرنا من كنكار فنزلنا بمغارة تعرف باسماسطا محمود اللوري " بضم اللام "، وكان منالصالحين، واحتفر تلك المغارة في سفح جبل،عند خور صغير هنالك. ثم رحلنا عنها ونزلنابالخور المعروف بخور بوزنه " بالباءالموحدة وواو وزاي ونون وهاء "، وبوزنه هيالقرود.
ذكر القرود
والقرود بتلك الجبال كثيرة جداً، وهي سودالألوان، لها أذناب طوال. ولذكورها لحىكما هي للآدميين. وأخبرني الشيخ عثمانوولده وسواهما أن هذه القرود لها مقدمتتبعه كأنه سلطان، يشد على رأسه عصابة منأوراق الأشجار، يتوكأ على عصا، ويكون عنيمينه ويساره أربعة من القرود ولها عصيبأيديها. وأنه إذا جلس القرد المقدم تقفالقرود الأربعة على رأسه: وتأتي أنثاهوأولاده فتقعد بين يديه كل يوم، وتأتيالقرود فتقعد على بعد منه. ثم يكلمها أحدالقرود الأربعة فتنصرف القرود كلها. ثميأتي كل فرد منها بموزة أو ليمونة أو شبهذلك، فيأكل القرد المقدم وأولاده والقرودالأربعة. وأخبرني بعض الجوكية أنه رأىالقرود الأربعة بين يدي مقدمها، وهي تضرببعض القرود بالعصي، ثم نتفت وبره بعد ضربه.وذكر لي الثقات أنه إذا ظفر قرد من هذهالقرود بصبية لا تستطيع الدفاع عن نفسهاجامعها. وأخبرني بعض أهل هذه الجزيرة أنهكان بداره قرد منها، فدخلت بنت له بعضالبيوت، فدخل عليها، فصاحت به، فغلبها،قال: ودخلنا عليها وهو بين رجليها فقتلناه.ثم كان رحيلنا إلى خور الخيزران. ومن هذاالخور أخرج أبو عبد الله بن خفيفالياقوتتين اللتين أعطاهما لسلطان هذهالجزيرة، حسبما ذكرناه في السفر الأول. ثمرحلنا إلى موضع يعرف ببيت العجوز، وهو آخرالعمارة. ثم رحلنا إلى مغارة بابا طاهر،وكان من الصالحين، ثم رحلنا إلى مغارةالسبيك " بفتح السين المهمل وكسر الباءالموحدة وياء مد وكاف "، وكان السبيك منسلاطين الكفار، وانقطع للعبادة هنالك.
ذكر العلق الطيار
وبهذا الموضع رأينا العلق الطيار،ويسمونه الزلو " بضم الزاي واللام "، ويكونبالأشجار والحشائش التي تقرب من الماء.فاذا قرب الإنسان منه وثب عليه. فحيثما وقعمن جسده، خرج منه الدم الكثير. والناسيعدون له الليمون، يعصرونه عليه، فيسقطعنهم. ويجردون الموضع الذي يقع عليه بسكينخشب معه لذلك. ويذكر أن بعض الزوار مر بذلكالموضع فتعلقت به العلق، فأظهر الجلد، ولميعصر عليها الليمون، فنزف دمه ومات. وكاناسمه بابا خوزي " بالخاء المعجم المضموموالزاي "، وهنالك مغارة تنسب إليه. ثمرحلنا إلى السبع مغارات، ثم إلى عقبةاسكندر، ثم مغارة الأصفهاني وعين ماء،وقلعة غير عامرة تحتها خور يعرف بغوطة كاهعارفان، وهنالك مغارة النارنج، ومغارةالسلطان، وعندها دروازة الجبل أي بابه.