الأربعة لا يوجد شيء منها صرفا بل هيمختلطة من تلك الطبائع و من سائر الطبائعالنوعية و إنما يسمى بالغالب الظاهر منهاو يعرض لها عند ملاقاة الغير أن يبرز منهاما كان كامنا فيها فيغلب و يظهر للحس بعدما كان مغلوبا غائبا عنه لا على أنه حدث بلعلى أنه برز و يكمن فيها ما كان بارزافيصير مغلوبا و غائبا بعد ما كان غالبا وظاهرا و بإزائهم قوم زعموا أن الظاهر ليسعلى سبيل بروز بل على سبيل نفوذ من غيرهفيه كالماء مثلا فإنه إنما يتسخن بنفوذأجزاء نارية فيه من النار المجاورة له والمذهبان متقاربان فإنهما يشتركان في أنالماء مثلا لم يستحل حارا لكن الحار نارتخالطه و يفترقان بأن أحدهما يرى أن الناربرزت من داخل الماء و الثاني يرى أنها وردتعليه من خارجه و إنما دعاهم إلى ذلك الحكمبامتناع كون الشيء عن لا شيء و امتناعصيرورة شيء شيئا آخر فالشيخ لما فرغ عنتقرير المزاج اشتغل بالتنبيه على فسادهذين المذهبين فإن القول بالمزاج لا يمكنمع القول بهما و قدم الرأي الأخير لأنهأشبه بالممكن فقرر أولا مذهبهم و هو ظاهرثم اشتغل بالتنبيه على فساده و استدل علىذلك بخمسة أمور من المشاهدات (قوله فإن قلتذلك فاعتبر حال المحكوك و المخلخل والمخضخض حين يحمى من غير وصول نارية غريبةإليه) أقول هذا أول استدلالاته و هوالاستدلال بحدوث السخونة عند الحركة