بل هي قوى متعاقبة بحسب الاستعداداتالمختلفة لمادة الجنين و بالجملة فإن تلكالمادة تبقى في تصرف المتصورة إلى أن يحصلتمام الاستعداد لقبول النفس الناطقةفحينئذ توجد النفس فهذا ما قال هذا الفاضلفيه أقول و قال الشيخ في الفصل الثالث منالمقالة الأولى من علم النفس في الشفاءفالنفس التي لكل حيوان هي جامعة أسطقصاتبدنه و مؤلفها و مركبها على نحو تصلح معهأن تكون بدنا لها و هي حافظة لهذا البدنعلى النظام الذي ينبغي فقول الشيخ فيالشفاء و الإشارات يخالف ما ذهب إليهالفاضل الشارح هاهنا و ما نقله عن الشيخ فيرسالته و أيضا إن كانت نفس الأم مدبرةللمزاج فكيف فوضت التدبير بعد مدة إلىالناطقة و إنما يجري أمثال هذا بين فاعلينغير طبيعيين يفعلان بإرادات متجددة و إنكانت القوة المصورة مدبرة و المصورة منالقوى الخادمة للنفس التي تكون بمنزلةآلات لها فكيف خدمت المصورة قبل حدوثالنفس التي هي مخدومتها و كيف فعلت بذاتهافإن الآلة ليس من شأنها أن تفعل من غيرمستعمل إياها و ما تقتضيه القواعد الحكميةالتي أفادها الشيخ و غيره هو أن نفسالأبوين يجمع بالقوة الجاذبة أجزاءغذائية ثم تجعلها أخلاطا و تفرز منهابالقوة المولدة مادة المني و تجعلهامستعدة لقبول قوة من شأنها إعداد المادةلصيرورتها إنسانا فتصير بتلك القوة منيا وتلك القوة تكون صورة حافظة لمزاج المنيكالصورة المعدنية ثم إن المني يتزايدكمالا في الرحم بحسب استعدادات تكتسبهاهناك إلى أن يصير مستعدا لقبول نفس أكمليصدر عنها مع حفظ المادة الأفعال النباتيةفتجذب الغذاء فتضيفها إلى تلك المادةفتنميها و تتكامل المادة بتربيتها إياهافتصير تلك المصورة مصدرا مع ما كان يصدرعنها لهذه الأفاعيل و هكذا إلى أن تصيرمستعدة لقبول نفس أكمل