بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
سيأتي توضيح ذلك مفصلا عند الكلام علىالتاريخ في القرآن. ولكننا هنا نجملقائلين إن الآيات التي تخاطب أهل العالمكلهم، يقصد منها القول في الواقع بأنالقرآن لا يختص يقوم أو بجماعه بعينها،فمن يقترب صوب القرآن ينج.أما الآيات التي تخاطب المؤمنينوالمتقين، فالمقصود هو الاشارة إلى نوعالناس الذين سيجتذبهم القرآن إليه،والنوع الذي سيبتعد عنه في نهاية الأمر.والقرآن لا يشير إلى قبيلة بعينها أو قوممعينين على أنهم عن المرتبطين بهوالمؤيدين له.وهو لا يقول إنه يختص بقومدون قوم، ولا هو يضع اصبعه على منافع طبقةمعينة كما تفعل باقي المذاهب، فلا يقولإنه جاء لحماية مصالح الطبقة الفلانيةفحسب. إنه لا يقول مثلا إنه جاء ليحميمصالح الطبقة العاملة دون غيرها، أولتأييد طبقة الفلاحين فقط.بل إنه يؤكدكونه كتابا جاء ليبسط العدل.ويقول بشأن الرسل: (وأنزلنا معهم الكتابوالميزان ليقوم الناس بالقسط)(1)يريد القرآن القسط والعدالة لكلالمجتمعات الانسانية لا لهذه الطبقة أولتلك، أو لقوم دون قوم. يريد القرآن، بخلافبعض المذاهب، كالنازية، أن يجتذب الناس،فيضع اصبعه على مواطن عصبيتهم. وكذلك هو،بخلاف الماركسية مثلا، لا يستند إلى ما فيالإنسان من روح النفعية والمصلحية، ولايحركه عن طريق منفعته(2).وكما إن القرآن يقول باصالة الإنسانالعقلية. يقول ايضا باصالته الوجدانيةوالفطرية. وإن فطرة البحث عن الحقوالعدالة هي التي تحمل الإنسان على السيروالحركة.لذلك فرسالة الرسول ليست موجهة إلىالعمال أو الفلاحين أو المحرومين أوالمستضعفين.إن القرآن يخاطب كلا الظالم والمظلوم،يدعوهما إلى طريق الحق.موسى يبلغ رسالته لبني إسرائيل ولفرعونكليهما، ويطلب منهما الإيمان باللهوالمسير في طريقه.كذلك عرض محمد (صلّى اللهعليه وآله وسلّم) رسالته ودعوته على سراةقريش، وعلى امثال أبي ذروعمّار. يورد القرآن نماذج عديدة لتحريضالفرد على التمرد على ذاته، والرجوع عنطريق الضلال والفساد إلى طريق التوبة.لاشك إن القرآن ذاته يعلم أن توبة الذينكانوا يعيشون في رفاه ونعيم أصعب بكثير منتوبة المحرومين والمظلومين، فهؤلاءيسيرون بمقتضى الطبع في طريق العدالة.أما الاولون فعليهم أن يتنازلوا عنمصالحهم الشخصية وامتيازاتهم القبليةوأهوائهم.يقول القرآن إن اتباعه هم ذووا الارواحالطاهرة النقية.وإن تبعية هؤلاء للقرآنمتأتية من حبهم الفطري للبحث عن الحقيقةوالعدالة، وليس لميولهم الدنيويةومنافعهم المادية وأهوائهم الخاصة.(1). سورة: الحديد: 25.(2). حيث في هذه الحالة لا تكون العدالةوالحق من اهداف أتباعه، بل سيكون هدفهمالوصول إلى منافعهم واتباع رغباتهم.