تكلمنا في الفصل السابق باختصار على لغةالقرآن، وذكرنا إن القرآن يستعين بلغتينفي إبلاغ رسالته، وهما لغة الاستدلالالمنطقي، ولغة الإحساس. ولكل من هاتيناللغتين مخاطبوها المختصون.فالاولى تخاطبالعقل. والثانية تخاطب القلب. في هذا الفصلسوف نتناول بالبحث وجهة نظر القرآن فيالعقل.علينا أن نعرف إن كان القرآن يعتبر العقلسندا، أو، كما يقول علماء الفقه والاصول،هل العقل حجة؟ أى إذا كان المكتشف حقا منمكتشفات العقل الصحيحة.فهل ينبغي على البشر أن يحترموه وأنيعملوا بموجبه أم لا؟ فاذا عمل به وارتكبفي ذلك أحيانا خطأ ما، فهل سيعذره الله علىذلك أم سيعاقبه؟ وإذا لم يعمل به، فهلسيعاقبه الله على عدم العمل به مع إن عقلهقد حكم بذلك، أم لا؟
دلائل كون العقل حجة
إن كون العقل حجة وسندا في نظر الإسلامأمر ثابت، كما إن علماء الإسلام جميعا،ومنذ البداية وحتى الآن ـ عدا مجموعةصغيرة ـ لم يشكوا في سندية العقل،واعتبروه أحد مصادر الفقه الاربعة.
1- الدعوة إلى التعقل في القرآن
بما اننا نبحث في القرآن فلا بد لنا منالرجوع إلى القرآن نفسه للحصول على الدليلالذي يثبت كون العقل حجة.إن القرآن يضعتوقيعه على مستند سندية العقل بطرقمختلفة. وأوكد: بطرق مختلفة. فمن الآياتيمكن أن نعد ستين أو سبعين آية وردت فيالقرآن تشير إلى أن موضوعا ما قد طرح لكييتدبره العقل. ولنضرب مثلا احدى الآياتالعجيبة في القرآن: