3 ـ فلسفة الاحكام
من الدلائل الاخرى على القبول بحجة العقلفي نظر القرآن، هو القول بوجود فلسفةللدساتير والاحكام.أي إن العلة في وضعالدستور هي المصلحة. يقول علماء الاصول انالمصالح والمفاسد تتدرج في سلسلة عللالاحكام.فمثلا، يقول القرآن: اقيمواالصلاة.ثم يذكر في مكان آخر فلسفة هذا الأمر:(إنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر).(2)فيشرح الأثر الروحي للصلاة، وكيف أنهاترتفع بالانسان عن الفحشاء، فيبتعد عنالمفاسد والموبقات.أو أنه يذكر الصوم،ويأمر الناس به، ثم يقول:(كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين منقبلكم لعلّكم تتّقون).(3)وهكذا الأمر فيما يتعلق باحكام اخرى،كالزكاة والجهاد، فقد بين القرآن في جميعالموارد مردوداتها الفرديةوالاجتماعية.وعليه فإن القرآن يمنح هذهالاحكام جانبها الدنيوي، على الرغم منكونها سماوية ومن الأعلى، ويطلب منالإنسان أن يتأملها، ويتفكر فيها، لكييستبين له كنه الامور، ولئلا يحسبها مجردسلسلة من الرموز أسمى من فكر البشر.4ـ مكافحة شطحات العقل
ثمة دليل آخر، اقوى مما سبق، على اصالةالعقل في نظر القرآن، وهو مكافحة القرآنلشطحات العقل.ولكي نوضح هذا الأمر لا بدلنا من إيراد مقدمة قصيرة.لا شك ان فكر الإنسان يقع في الخطأ في كثيرمن الاحيان، وهذا أمر معروف وشائع، ولكنهليس مقصورا على العقل، فالحواس والمشاعرتخطئ أيضا، وقد أحصوا لحاسة البصر عشرات الانواع من الاخطاء.ففيما يتعلق بالعقل،كثيرا ما يتفق ان يستدل الإنسان على امر،ويتوصل إلى نتيجة، ومن ثم يتضح اناستدلاله كان خطأ من أساسه.وهنا يطرح هذاالسؤال نفسه: أيجب علينا ن نلغى عمل العقلبسبب خطأه هذا، أم ينبغي أن نوجد وسائلوأسبابا تحول دون العقل وارتكاب الخطأ؟ فيالرد على هذا السؤال يقول السفسطائيون إنالاعتماد على العقل غير جائز، بل إنالاستدلال لغو لا طائل وراءه.ويردالفلاسفة عليهم ردودا(1). سورة الحج: 45 و46.(2). سورة العنكبوت: 45.(3). سورة البقرة: 183.