قوله تعالى. ومنهم أميون لا يعلمون الكتب إلا أمانى وإن هم إلا يظونون (87). فيهه أربع مسائل: الاولى - قوله تعالى: " ومنهم أميون " أي من اليهود. وقيل: من اليهود والمنافقين أميون، أي من لا يكتب ولا يقرأ، واحدهم أمي، منسوب إلى الامة الامية التي هي على أصل ولادة أمهاتها لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها، ومنه قوله عليه السلام: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) الحديث. وقد قيل لهم إنهم أميون لانهم لم يصدقوا بأم الكتاب، عن ابن عباس. وقال أبو عبيدة: إنما قيل لهم أميون لنزول الكتاب عليهم، كأنهم نسبوا إلى أم الكتاب، فكأنه قال: ومنهم أهل الكتاب لا يعلمون الكتاب. عكرمة والضحاك: هم نصارى العرب. وقيل: هم قوم من أهل الكتاب، رفع كتابهم لذنوب ارتكبوها فصاروا أميين. علي رضي الله عنه: هم المجوس. قلت: والقول الاول أظر، والله اعلم. الثانية - قوله تعالى " لا يعلمون الكتاب إلا أمانى " " إلا " ها هنا بمعنى لكن، فهو استثناء منقطع، كقوله تعالى: " وما لهم به من علم إلا اتباع الظن " (1). وقال النابغة: حلفت يمينا غير ذي مثنوية (2) * ولا علم إلا حسن ظن بصاحب وقرأ أبو جعفر وشيبة والاعرج " إلا أماني " خفيفة الياء، حذفوا إحدى الياءين استخفافا. قال أبو حاتم: كل ما جاء من هذا النحو واحده مشدد، فلك فيه التشديد والتخفيف، مثل أثافي وأغاني وأماني، ونحوه. وقال الاخفش: هذا كما يقال في جميع مفتاح: مفاتيح ومفاتح، وهي ياء الجمع. قال النحاس: الحذف في المعتل أكثر، كما قال الشاعر (3): وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى * ثلاث الاثفي والرسوم البلاقع (4)
(1) راجع ج 6 ص 9 (2) المثنوية: الاستثناء في اليمين (3) هو ذو الرمة، كما في ديوانه. (4) الاثافي (جمع أثفية، بضم الهمزة وكسرها وسكون الثاء وتشديد الياء): الحج الذى توضع ععليه القدر. والرسوم: بقايا الابنية. والبانقع (جمع بلقع) ؟ ؟: الخراب. (*)