وقال بعضهم: التنوين فيه عوص من منع الفتحة. وأما تنوين الترنم فهو في الحقيقة لترك الترنم، لانه إنما يؤتى به اشعارا بترك الترنم عند بني تميم في روي مطلق، وذلك أن الالف والواو، والياء في القوافي تصلح للترنم بما فيها من المد، فيبدل منها التنوين لمناسبته إياها، إذا قصد الاشعار بترك الترنم لخلو التنوين من المد، وهذا التنوين يلحق الفعل أيضا والمعرف باللام، قال: 4 - اقلي اللوم عاذل والعتابن * وقولي إن أصبت لقد أصابن (1) ولم يسمع دخولها الحرف، ولا يمتنع ذلك في القياس نحو نعمن (2)، في القافية. وقد يلحق عند بعضهم الروي المقيد فيخص باسم الغالي، لان الغلو تجاوز الحد، وحد هذا التنوين أن يكون بدلا من حرف الاطلاق دلالة على ترك الترنم، فإذا دخل القافية المقيدة فقد جاوز حده، ويخرج به الشعر عن الوزن، فهو غال بهذا الوجه أيضا، وهو، كقوله: 5 - وقاتم الاعماق خاوي المخترقن (3) فيفتح ما قبل النون تشبيها لها بالخفيفة (4)، أو يكسر للساكنين، كما في حينئذ، على ما يجئ في آخر الكتاب.
(1) مطلع قصيدة طويلة لجرير. مما هجا به الفرزدق والراعي النميري وهي إحدى النقائض ومنها البيت المشهور الذي يقول فيه مخاطبا الراعي: فغض الطرف انك من نمير * فلا كعبا بلغت ولا كلابا والشاهد فيه إلحاق تنوين الترنم بالفعل وبالمقرون بأل كما قال الشارح: وإلحاق هذا التنوين إنما يكون عند الانشاء في بعض الحالات: وهو وجه من وجوه إنشاد الشعر. (2) التمثيل بنعم في هذا الموضع خطأ، لان آخرها ساكن والتمثيل الصحيح يكون برب مثلا، أوليت، وإنما يصلح التمثيل بنعم في النوع الذي بعده وهو الغالي. (3) البيت، أول أرجوزة مشهورة لرؤبة بن العجاج وهي أرجوزة طويلة ومنها بعض الشواهد في هذا الشرح وبعد هذا الشاهد: " مشتبه الاعلام لماع الخفق ". وكان رؤبة وأبوه العجاج من أشهر الرجاز، ومن العجب أن له سميا اسمه رؤبة بن العجاج، كان هو وأبوه شاعرين أيضا، ورؤبة صاحب الشاهد يكنى أبا الجحاف، أما سميه فإنه يكنى أبا بيهس. (4) أي نون التوكيد الخفيفة. (*)