مأساة الزهراء، شبهات... و ردود جلد 1
لطفا منتظر باشید ...
فالقناعة الفكرية و العقلية و العلمية، التى تستند الى البرهان و الحجة القاطعة متوفرة و ليس فيها أى خلل أو نقص؛ ولكن سكون النفس قد يحتاج الى تجسيد الفكرة فى الواقع الخارجى ليتلائم السكون النفسى و يتناغم مع تلك القناعة الفكرية و العقلية الراسخة، ليكونا معا الرافد الثر للمشاعر و الأحاسيس.
و قد كانت الزهراء عليهاالسلام أول امرأة تجسدت فيها الاسوة
و النموذج و المثل الاعلى لكل نساءالعالمين، بعد مسيرة طويلة للانسانية، كمل فيها عدد من النساء حتى كانت فاطمة ذروة هذا الكمال. و كما تجسد الانسان الكامل بآدم عليه السلام أولا ليكون واقعا حيا، يعيش انسانيته بصورة متوازنة، لا عشوائية فيها، يعيشها بكل خصائصها و ميزاتها، و بكل خلوصها و صفائها و طهرها، و بكل طاقاتها: فكرا، و عقلا، و ادبا، و حكمة، و تدبيرا، حتى كان أسوة و قدوة للبشر كلهم من حيث هو آدم النبى و الانسان، لا آدم التراب من حيث هو تراب، بل التراب الذى اصبح انسانا كاملا بما لهذه الكلمة من معنى.
و استمرت المسيرة نحو الكمال فى الانسانية، فكمل رجال انبياء (ع) كثيرون، و كملت ايضا نساء، مثل آسية بنت مزاحم، و مريم، و خديجة (ع)، ثم بلغ الكمال أعلى الذرى فى رسول الله صلى الله عليه و آله، الرجل، و فى الزهراء المرأة، و لم تستطع أهواء النفس و شهواتها، و كذلك الطموحات و الغرائز و غير ذلك من مغريات و تحديات، بالاضافة الى الضغوطات البيئية و الاجتماعية و غيرها، ثم بغى و جبروت الطواغيت، لم يستطع ذلك كله ان يمنع الانسان من ان يجسد انسانيته، و يعيش حياة الايمان، و حياة الكمال والسلام الشامل.
و كانت اسوة بنى البشر و قدوتهم هذه النماذج الماثلة أمامهم التى استطاعت ان تقنع الانسان بأن عليه ان يتحدى، و ان يواجه، و أن يقتحم، و أن باستطاعته ان ينتصر ايضا، و مثله الاعلى هم الانبياء و الاولياء بدءا من آدم، و انتهاء برسول الله (ص) و أهل بيته الطاهرين، فهو لا يتلقى الفكرة فقط، بل هو يرى الحركة و الموقف فى الرسول و الوصى، و الولى.
و لأجل ذلك فهو لم يقتصر على الامر و الزجر كما فى قوله تعالى: (و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا)