تمهيد: - مأساة الزهراء، شبهات... و ردود جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

مأساة الزهراء، شبهات... و ردود - جلد 2

السید جعفر مرتضی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

وفقنا الله لصواب القول، و سداد الرأى، و حسن وجدوى الفعل، ولكل ما فيه هدى و صلاح و رشاد.

والحمدلله، و صلاته و سلامه على محمد و آله الطاهرين.

1/ ربيع الثانى/ 1417 ه. ق.

جعفر مرتضى العاملى

تمهيد:


الدعوى و مبرراتها:


يدعى البعض: أنه لم يكن لبيوت المدينة المنورة حين ظهور الاسلام أبواب ذات مصاريع، تفتح و تغلق عند الحاجة، حسبما نعرفه و نألفه، و انما كانوا يسترون بيوتهم بالستائر من مسوح الشعر، أو غيرها

[ نقل ذلك عن الدكتور سهيل زكار، و المسوح هى الكساء من الشعر.]

و لعل الدكتور جواد على، يقترب من هذا المعنى حين نجده يقول:

«... كانت بيوت أزواج النبى من اللبن، و لها حجر من جريد، مطرورة بالطين، و على أبوابها مسح الشعر

[ طبقات ابن سعد: ج 1 ص 499 فما بعدها.]

و هذه كانت صفة معظم بيوت أهل يثرب و المدينة، ما عدا بيوت الأثرياء..

[ المفصل فى تاريخ العرب قبل الاسلام: ج 8 ص 31.]».

و لعلهم قد فهموا ذلك مما نقل عن محمد بن هلال، حين قال:

«أدركت بيوت أزواج النبى (ص) كانت من جريد، مستورة بمسوح الشعر، مستطيرة فى القبلة، و المشرق، و الشام، و ليس فى غربى المسجد منها شى ء

[ وفاء الوفاء: ج 2 ص 459 و 460، و راجع ص 540.]».

و عن عطاء الخراسانى: «.. أدركت حجرات أزواج رسول الله (ص) من جريد، على أبوابها المسوح من شعر أسود

[ وفاء الوفاء، ج 2 ص 461.]

و كذا قال عمران بن أبى أنس

[ المصدر السابق.]

فلعلهم قد استنتجوا من ذلك أن هذه الصفة لم تكن مختصة بحجرات أزواج النبى (صلى الله عليه و آله و سلم) بل هى صفة أبواب المدينة كلها، أو باستثناء الاغنياء منهم.

المناقشة و الرد:


و الظاهر بطلان ذلك للامور التالية:

الأول: ان كلام محمد بن هلال، و عطاء الخراسانى، و غيرهما لا يدل على مطلوبهم؛ لأن وجود المسوح على حجرات أزواج النبى (ص)، لا يعنى أنها لم تكن لها ابواب من خشب عرعر، أو ساج، أو من جذوع، أو من سعف النخل، و ذلك لأمرين:

أولهما: أن المقصود بالعبارات المنقولة عن محمد بن هلال، و عن عطاء، و غيرهما: أن سطوح تلك البيوت و الحجر كانت عبارة

عن مسوح من شعر، تستر من بداخلها من حر الشمس، و غيره.

و يدل على ذلك: قول الحسن البصرى: «... كنت أدخل بيوت رسول الله (ص) و أنا غلام مراهق، و أنال السقف بيدى، و كان لكل بيت حجرة، و كانت حجره من اكسية من شعر، مربوط فى خشب عرعر

[ وفاء الوفاء: ج 2 ص 541، و راجع ص 463.]».

فقد وصف أميرالمؤمنين (عليه السلام) بيوت آل النبى فى عهده صلى الله عليه و آله و سلم، فكان مما قاله:

«.. و نحن أهل بيت محمد (ص) لاسقوف لبيوتنا، و لا أبواب، و لا ستور الا الجرائد

[ الجريد: الذى يجرد عنه الخوص و لا يسمى جريدا ما دام عليه الخوص. و انما يسمى سعفا. و راجع لسان العرب ج 2 ص 237. و صحاح اللغة للجوهرى.]، و ما أشبهها. و لا وطاء لنا، و لا دثار علينا يتداول الثوب الواحد فى الصلاة اكثرنا، و نطوى الليالى و الأيام عامتنا، و ربما أتانا الشى ء مما أفاء الله علينا، و صيره خاصة لنا دون غيرنا، و نحن على ما وصفت من حالنا؛ فيؤثر به رسول الله ارباب النعم و الأموال، تألفا منه لهم...

[ البحار: ج 38 ص 175، و الخصال ج 2 ص 373 و 374.]».

فأميرالمؤمنين اذن يصف حالة الفقر المدقع الذى كان يعانى منه أهل البيت (عليهم السلام)، و يذكر ايثار رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) حتى أهل النعم و الأموال بما يتوفر لديه منها، مع ملاحظة: أن ابواب أهل البيت (عليهم السلام) بيوتهم كانت من جريد النخل الذى هو اصل السعفة بعد جرد الخوص عنها، اما غيرهم (عليهم السلام) فكان لبيوتهم ستائر، و كانت أبوابها من غير جريد النخل

أيضا، و منها الأخشاب لا مجرد ستائر و مسوح كما يدعون.

ثانيهما: النصوص الدالة على أن الأبواب الخشبية و المصاريع كانت تجعل عليها ستور ايضا و ستأتى هذه النصوص.

و قد كانت أبواب حجر أزواج رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) تفتح الى المسجد، الذى يتواجد الناس فيه فى مختلف الأوقات، و يتواجد فيه اهل الصفة أيضا. و لا يمكن حبس النساء فيه فى حجراتهن شتاء و صيفا- و البلاد حارة- من دون أن يصل اليهن بعض النسيم الضرورى، فاذا فتح الباب، و بقى الساتر مرخى عليه، فان ذلك سيسمح بتسرب بعض النسيم الى داخل الحجرات المذكورة، مع بقاء من فى داخل الحجرة مستورا عن أعين الناظرين.

الثانى: مما يدل على بطلان قولهم: اننا نسأل: من الذى قال: ان ما ادركه محمد بن هلال و عطاء، من صفة الحجر هو نفسه الذى كان موجودا فى زمن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم)؟! فقد مر دهر على تلك الحجرات، و تعرضت للبيع و الشراء، و لغير ذلك. فلعل الأبواب قد استبدلت، أو اقتلعت، أو ما الى ذلك!!

الثالث: ان نفس محمد بن هلال قد ذكر فى معرض حديثه عن الحجر الشريفة. ما يدل على وجود ابواب ذات مصاريع، واحد أو اكثر، فقد قال فى تتمة كلامه الذى نقلناه عنه فيما سبق: «.. و كان باب عائشة مواجه الشام، و كان بمصراع واحد، من عرعر أو ساج

[ وفاء الوفاء: ج 2 ص 542 و 460.]».

و يحدثنا أبوفديك عن محمد بن هلال، فيقول:

«... فسألته عن بيت عائشة، فقال: كان بابه من جهة الشام.

قلت: مصراعا كان أو مصراعين؟!

قال: كان باب واحد.

قلت: من أى شى ء كان؟.

قال: من عرعر أو ساج..

[ راجع: وفاء الوفاء: ج 2 ص 459 و 460 و 542.]

قال السمهودى: «و هذا مستند ابن عساكر فى قوله: و باب البيت شامى. و لم يكن على الباب غلق مدة حياة عائشة

[ وفاء الوفاء: ج 2 ص 542.]».

و قال ابن النجار: «.. كان لبيت عائشة مصراع واحد من عرعر أو ساج

[ وفاء الوفاء: ج 2 ص 458 و 540.]».

و العرعر هو شجر السرو. و الساج شجر يعظم جدا، و خشبه اسود، و زين، لا تكاد الأرض تبليه، و منبته بلاد الهند فقط

[ راجع: أقرب الموارد: ج 1 ص 554 و ج 2 ص 262.]

و نضيف هنا: أن رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) هو الذى بنى الحجر لنسائه، فى منازل كانت لحارثة بن النعمان

[ راجع: وفاء الوفاء: ج 2 ص 462 و 463.] فهل يعقل أن يكون (صلى الله عليه و آله و سلم) قد خصص عائشة بباب من ساج او عرعر و ترك سائر نسائه؟!

مع الالفات الى أن السؤال و الجواب قد كانا عن خصوص

بيتها، و عدم التعرض لسائر الأبواب، انما كان لعدم تعلق غرض السائل بمعرفة مواصفات أبوابها؛ و أنها كانت بمصراع واحد أو بمصراعين، أو كانت من عرعر أو ساج أو غير ذلك.

خلاصة ما ذكرناه:


اذن، فلا يدل قول ابن هلال، و عطاء، و غيرهما على عدم وجود مصاريع لأبواب حجر ازواج النبى (صلى الله عليه و آله و سلم)، فضلا عن أن يدل على عدم وجود ابواب لبيوت المدينة فى زمنه (صلى الله عليه و آله و سلم). فان كان ثمة دليل آخر يدل على ذلك، فليذكره الذاكرون و ليتمسك به المتمسكون، لننظر فيه، و نحكم له أو عليه، فالدليل هو الحكم و الفيصل. و لن نقنع بما دونه من دعاوى عريضة، أو استعراضات خاوية، من أى جهة صدرت.

التمهيد لما يأتى:


و نحن بدورنا نستعرض فى الفصول التالية طائفة من النصوص التى هى غيض من فيض، تدل بالصراحة أو بالظهور على وجود مصاريع لأبواب تفتح و تغلق، و تقرع و تطرق، و لها رتاج و مفاتيح، و ما الى ذلك.

و جميع ما ذكرناه انما يتحدث عن خصوص أبواب بيوت المدينة فى عهد الرسول (صلى الله عليه و آله و سلم)، بالاضافة الى طائفة مما يدل على ذلك فى عهد الخلفاء كما اننا لم نهمل ذكر طائفة تتحدث عن مثل ذلك بالنسبة للكعبة اعزها الله و لبيوت مكة فى تلك

الفترة بالذات أى فى عهد الرسول الأعظم (صلى الله عليه و آله و سلم).

فالى مايلى من فصول، حوت العشرات من النصوص التى ترتقى بالناظر فيها الى درجة القطع و اليقين لتجاوزها حد التواتر مما لا يبقى عذرا لمعتذر، و لا حيلة لمتطلب حيلة..

أبواب بيوت المدينة فى عهد الرسول


اهل المدينة لا يبيتون الا بالسلاح:


كانت يثرب مسرحا للحروب الداخلية، تعيش حالة التشنج عصورا متمادية قبل الاسلام، بل لقد بعث النبى (صلى الله عليه و آله و سلم)، فى وقت كان اهل المدينة فيه لا يضعون السلاح لا بالليل و لا بالنهار

[ البحار: ج 19 ص 8 و 9 و 10 و اعلام الورى: ص 55.]

و للعربى حالاته، و مفاهيمه، و حساسياته البالغة تجاه قضايا الثأر، و الغزو، و الحروب، و العداء و الولاء. و هو يواجه فى ذات الوقت قسوة الطبيعة، و أشكالا من الأخطار الأخرى أيضا.

فكيف يمكن أن نتصوره يعيش حالة من الرخاء و الاسترخاء، فى مواجهة كل الاحتمالات المخيفة التى تحيط به، فيترك بيته من دون باب، مكتفيا بالمبيت بالسلاح الذى لن يكون قادرا على حمايته حيت يكون مستغرقا فى نومه، لا يشعر بما يحيط به، و لا يلتفت الى ما يجرى حوله خصوصا اذا كان العداء بين قبيلتين، أو فريقين يعيشان فى بلد واحد، كالاوس و الخزرج، أو هما، أو احداهما مع اليهود من بنى النضير، و قينقاع، و قريظة.

و سنذكر فى هذا الفصل طائفة من النصوص الدالة على وجود ابواب تفتح و تغلق، ذات مصاريع، منفردة، او متعددة، مصنوعة من خشب السرو (عرعر)، أو من الساج. و يمكن أن تكسر، و يكون لها

/ 34