التعريف ببلوغ المرام وشرحه سبل السلام بسم الله الرحمن الرحيم بلوغ المرام كتاب جمع فيه الحافظ ابن حجر (انظر ترجمته عقب التعريف) كل الاحاديث التى استنبط الفقهاء منها الاحكام الفقهية مبينا عقب كل منها من أخرجه من أئمة الحديث كالبخاري ومسلم ومالك وأبى داود وغيرهم موضحا درجة الحديث من صحة أو حسن أو ضعف، مرتبا له على أبواب الفقه، وضم إلى ذلك في آخر الكتاب قسما مهما في الآداب والاخلاق والذكر والدعاء. فجاء محمد بن إسماعيل الامير اليمنى الصنعانى (انظر ترجمته بعد ترجمة ابن حجر) وشرح ذلك الكتاب فبين لغته وسبب الضعف فيما ضعفه الحافظ ابن حجر أو أنكره أن وهمه أو أغله الخ. وذكر ما يدل عليه الحدين من الاحكام الفقهية ومن قال بها من كبار المجتهدين صحابة وتابعين وأئمة المذاهب رضوان الله عليهم أجمعين، ومن خالفهخا مبينا نوع المخالفة ودليلها، ثم يقضى بينهم بالحق الذى يؤيده الكتاب والسنة غير متحيز إلى مذهب من المذاهب عملا بقوله تعالى (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) وقوله (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الحيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) فمقتضى الايمان أن نحكم رسول الله (ص) في كل خلاف بين المسلمين وخاصة الفقهاء المشرعين الذين يرسمون لنا احكام العبادات والمعاملات، ولا يكفى مجرد التحكيم بل لابد معه من الاذعان النفسي تنفيذ الحكم كما أمر العليم الحكيم الذى صرح في الآية الثانية بأن من قدم حكم غيره على حكمه وحكم رسوله فقد عصى الله ورسول وضل ضلالا مبينا وكان واجبا على علماء المسلمين وأولى المكانة فيهم في العالم الاسلامي كله وخصوصا مصر التى هي مركز دائرة البلاد الاسلامية والتى فيها الازهر كعبة الرواد للعلوم الاسلامية. كان الواجب عليهم أن يعرضوا آراء الفقهاء على كتاب الله وسنة رسوله، فما كان قريبا مهما أو يوافق صريحهما أخذ وما كان بخلاف ذلك ترك وليس في ذلك غمط للمذاهب جزى الله أهلها خير الجزاء، ولكن في ذلك إحقاق الحق وترك التقدم بين يدى الله ورسوله امتثالا لقوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بنى يدى الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع عليم) إنهم إن فعلوا ذلك وحدوا بنى المسلمين في العبادات، فكان مظهرهم فيما واحدا ووحدوا بينهم في المعاملات، فاستطاع المشرعون أن يضعوا القوانين المدنية والجنائية من هذه الشريعة الحكيمة الصادرة عن علم الله المحيط بأمراض النفوس