قال عبدالله بن محمد الاسترباذى: أبو حاتم بن حبان البستى كان على قضاء سمرقند مدة طويلة، وكان من فقهاء الدين وحفاظ الآثار، والمشهورين في الامصار والاقطار، عالما بالطب والنجوم وفنون العلم، ألف كتاب المسند الصحيح والتاريخ والضعفاء والكتب الكثيرة من كل فن. أخبرتني الحرة زينب الشعرية إذنا عن زاهر بن طاهر عن أحمد بن الحسين الامام، سمعت الحافظ أبا عبدالله الحاكم يقول: أبو حاتم بن حبان داره التى هي اليوم مدرسة لاصحابه ومسكن للغرباء التى يقيمون بها من أهل الحديث والمتفقهة، ولهم جرايات يستنفقونها من داره، وفيها خزانة كتبه في يدى وصى سلمها إليه ليبذلها لمن يريد نسخ شئ منها في الصفة من غير أن يخرجه منها. شكر الله له عنايته في تصنيفها وأحسن مثوبته على جميل نيته في أمرها بفضله ورأفته. رأيه في أبى حنيفة: لا شك أن ابن حبان وقع في صراع مع الاحناف. وكاد لهم وكادوا له في كل مكان تواجدوا به. وهذا هو التعليل الوحيد لتحامله على أبى حنيفة هذا التحامل الذى دفه إلى أن يصنف فيه كتابين مطولين من أطول كتبه، فقد صنف كتاب علل مناقب أبى حنيفة ومثالبه في عشرة أجزاء، وكتاب علل ما استند إليه أبو حنيفة في عشرة أجزاء هذا بخلاف تناوله وتناول أصحابه ومذهبهم في غيرهما من الكتب. وليس هناك من سبب يلتمس لهذه الحملة التى حملها ابن حبان على الاحناف وإمامهم سوى العصبية، فهو لا شك كان يميل إلى مدرسة الامام الشافعي، بل إن الشافعية يعدونه من رجال مذهبهم. وهو قد ولى القضاء مدة. والاحناف يعتبرون القضاء وقفا عليهم منذ تولاه إبو يوسف صاحب أبى حنيفة وتلميذه، ثم بعثر أصحابه على قضاء الاطراف. فلم يقتصر أحد الطرفين في اصطناع الحرب على الطرف الآخر. ومهما يكن من أمر فإن ابن حبان من المكانة العلمية والزعامة الحديثية بمكان لا يستساع معه أن يقبل في أبى حنيفة أخبارا من رجال على غير شروطه، فهو يلتزم الصحة فيما يقبله من أخبار إلا في أبى حنيفة، فهو يقبل فيه من الثقات والضعفاء والوضاعين " وعقد له أطول ترجمة في كتابه الذى بين يديك. ورماه يا الارجاء والدعوة إليه والاخذ بالرأى وأطراح السنه.