احمد الوائلی، محمد السند، علی الحسینی الصدر، احمد وائلی، حسین الفقیه ؛ تحقیق: مرکز الدراسات التحصصیه فی الامام المهدی(ع)
تشتمل هذه الآية الكريمة على مجموعة من الأبحاث أعرضها إنشاء الله على التوالي: البحث الأول: الوفاء بالوعد قوله تبارك وتعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ). كل وعدٍ يصدر من الله عز وجل لا بد من حدوثه وتحققه, لأن الله عز وجل إله الكمالات وخالقها, فلا أتصور أن يصدر منه شيء يخالف التكامل أو المُثل أبداً. لابد من الوفاء بالوعد لأن ما يقبح على الإنسان عقلاً فبالدرجة الأولى يقبح على الله. ولذلك من الأشياء التي ينفرد بها الفكر الأمامي هو القول بالتحسين والتقبيح العقليين , فالأشياء يختلف فيها الحكماء والفلاسفة هل لها حسن وقبح ذاتي أو حسنها وقبحها شرعي؟ توضيح الفكرة: هل الكذب صار قبيحاً لأنّ الله عز وجل نهى عنه؟ أو لأنه قبيح في حدّ ذاته، ولوجود هذا القبح الذاتي قبّحه الشارع؟ في ذلك نزاع بين الأمامية والمعتزلة وبين الأشاعرة. الإمامية يقولون إن الأفعال فيها حسن وقبح ذاتي, فحتى لو لم ينهني الله عن الكذب فانّي أعرف أن الكذب قبيح، ولا شك أن الخيانة رديئة وقبيحة بغض النظر عن أن الشارع يقبّحها أولا. الأشاعرة يقولون: الحسن والقبح يأتيان من قبل الشارع, فلا يوجد حسن وقبح ذاتي، الشيء الذي يقول الشارع بحسنه حسن, والشيء الذي يقول بقبحه قبيح. وانطلاقاً من هذه القاعدة: إذا وعد الله و أخلف فانه ليس قبيحاً لأنه لا يوجد حسن وقبح ذاتي للأفعال، بينما نحن نقول من القبيح أن يخلف الله عز وجل وعده, على اعتبار أن الفعل فيه قبح ذاتي ولا يحتاج إلى أن يقول الشارع هذا قبيح. كل إنسان يعرف بالبداهة العقلية أن خُلف الوعد رديء, وأن الله عزوجل لا يمكن أن يُقدم على شيء قبيح في ذاته.