احمد الوائلی، محمد السند، علی الحسینی الصدر، احمد وائلی، حسین الفقیه ؛ تحقیق: مرکز الدراسات التحصصیه فی الامام المهدی(ع)
لأنهم عندما هاجروا إلى المدينة على خوف من قريش التي كانت تلاحق الأوائل من المسلمين ـ ومن يُسلم لا يخلص من بلائها، فإذا ظفر به يُقطّع إرباً إرباً و تؤخذ أمواله ويعرّض إلى العذاب ـ استقبلهم الأنصار. عبارة المؤرخين تقول: رمتهم العرب عن قوس واحدة(4) وتعني أن كل الناس أصبحوا ضدّهم وتألبوا عليهم شرقها وغربها. حتى وصل الأمر إلى أن هؤلاء يستيقظون في الليل ويقول أحدهم للآخر هل تأتي ليلة ننام فيها ونحن لسنا خائفين؟ هل يأتي يوم ونحن نظهر ديننا ونعبد الله كما نحب بحيث نتمكن من إبداء شعائرنا ولا نخاف من أحد؟ الآية نزلت تطمئنهم بأن الله عزوجل يعدكم أن خوفكم سوف يتبدل الى أمن، و دينكم سوف يتمكن، و في الوقت نفسه سوف تُستخلفون في الأرض. بناءً على هذا الوجه فانّ الألف واللام في (الأرض) نسميها عهدية, يعني المعهودة التي لها ذكر سابق, يعني المقصود بها أن مكة التي أخرجكم منها المشركون سوف نعيدكم إليها وأنتم مطمئنون وتمارسون عبادتكم. اليوم أنتم تخافون أن تعبدوا الله لكن غداً سوف نمكّن لكم، نوطّىء لكم الأمر، حتى ينتهي الأمر إلى تمكنكم من عبادتكم بصراحة. يعني أنتم الذين كنتم مستترين سوف تدخلون الكعبة وتقيمون شعائركم في قلبها. وفعلاً هذا ما حدث, فلدى مجيء النبي صلى الله عليه وآله دخل إلى الكعبة الشريفة, ونادى مؤذنه بلالا ـ بعدما أصعد الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وحطم الأصنام وطهّر سطح الكعبة من الأصنام ـ بأن يصعد إليها ويؤذن. صعد بلال وهو مَوتور يعني عذّبه أهل مكة حيث كان أمية بن خلف يخرجه فى الصحراء، ويجعله في حرارتها ويسلط عليه السوط إلى أن يرتفع لحمه مع السوط. جاء اليوم ودخل الى مكة، ورأى رجليه تسحق رؤوس أولئك الجبابرة, صعد على ظهر الكعبة وأذّن بأعلى صوته، فسمعته قريش وكانوا جالسين, فقال أحدهم: ليتني متُّ قبل هذا اليوم, إنها مصيبة أن أسمع صوت الأذان على الكعبة. وقال الآخر: الحمد لله الذي أكرم أبي حيث لم يشهد هذا المشهد. وقال ثالث: ليتني كنت نسياً منسياً ولم أسمع صوت هذا الحمار ينهق على الكعبة! وكان أبو سفيان جالساً معهم فقال: لا أقول شيئاً, فقالوا له: لماذا؟ قال: لو قلت شيئاً تذهب الجدران إلى محمد وتخبره.