محاضرات حول الإمام المهدی (عج) جلد 6

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

محاضرات حول الإمام المهدی (عج) - جلد 6

اح‍م‍د ال‍وائ‍ل‍ی‌، محمد السند، علی الحسینی ‌الصدر، احمد وائلی، حسین الفقیه ؛ ت‍ح‍ق‍ی‍ق‌: م‍رک‍ز‌ ال‍دراس‍ات ‌ال‍ت‍ح‍ص‍ص‍ی‍ه‌ ف‍ی‌ الام‍ام‌ ال‍م‍ه‍دی‌(ع‌)

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

Untitled \n


محاضرات حول الإمام المهدي (عج)


الجزء السادس


سماحة الشيخ حسين الفقيه


مقدمة المركزمقدّمة المركز


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام
على خير خلقه وخاتم رسله وعلى آله الطيبين


الطاهرين...


أمّا بعد:


شاءت القدرة الإلهيّة أن تضع بأزاء كل حقّ
باطلاً يتناسب معه بالقوّة والاستطالة


ويوازيه من حيث الاتجاه والمسيرة
التأريخية، فكان ذلك من القوانين والسنن
الثابتة


التي ابتنت عليها أسس الخليقة منذ نشأتها
الأولى، والتي رسمت للدنيا إطارها الذي لا


تملك أن تخرج عن حدوده.


وهذا هو ذات الأمر الذي أشارت إليه الآية
المباركة في قوله تعالى: (أَحَسِبَ


النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ
يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا
يُفْتَنُونَ)(1)، إذ


أنّ التتبّع الواعي لكل مسيرة أو حركة
تنتسب إلى الحق في منهجيتها يبرهن لنا أنّ


مسيرة الباطل وحركته لم تتخلّ يوماً عن
ملازمة حركات الإصلاح والتحرّر والسير


الحثيث بموازاتها، منذ اليوم الأوّل الذي
وقف فيه أبونا آدم ليعبد الله الواحد


القهّار، ومروراً بما يحدّثنا التأريخ عن
قابيل وهابيل والأنبياء والمصلحين، وإلى


يومنا الذي نعيشه.


ولعلّ من أوضح الأفكار والرؤى التي تنتسب
إلى الحق ونهجه القويم، بل وينتسب الحق


إليها، هي الفكرة العقائدية الربّانية
المقدّسة التي زرعتها الشرائع السماوية


المتعاقبة في حقل الذهن البشري من خلال
المسيرة التكاملية للأنبياء والرسل


والأوصياء، وهي فكرة المنقذ الذي سيمدّ
يده التي باركتها قدرة السماء لتنتشل


البشرية من الأودية السحيقة للظلم والجور
إلى مرابع القسط والعدل الإلهي، والتي


ستحقق الأحلام والآمال التي بذل الأنبياء
والمصلحون دماءهم زهيدة في سبيل تحقيقها،


ساعين بذلك لجذب الدنيا من بؤر الظلم
والفساد والعبودية إلى آفاق الحرية
والعيش


الرغيد.


فخضعت هذه العقيدة المقدّسة لهذه
القوانين الثابتة وتعرضت لشتى أنواع
المحاربة على


مر العصور، فكانت هذه المحاربة متناسبة
مع عظم الأهمية والسمو والرفعة التي
أولتها


السماء لها.


وبما أنّ أهميّة الدفاع عن هذه العقيدة
تنبع من طرفين أوّلهما مقدار عظمة هذه


الفكرة من حيث ارتباطها بمبدأ العقيدة
الإسلامية التي عبّر عنها النبي الأكرم
صلى


الله عليه وآله في قوله: «من مات ولم يعرف
إمام زمانه مات ميتة جاهلية»(2)،


وثانيهما مقدار ما يبذله الأعداء من جهود
لم يعرف لها مثيل من تسخير كافة الطاقات


لإظهارها على أنها العامل الخرافي الذي
يتشبث به أناس ناموا على أمل أن يجدوا


العالم ذات يوم يحقق لهم آمالهم وأحلامهم
التي كبتها ظلم الظالمين مدة مديدة من


الزمن العسير.


لذلك وجدنا أنفسنا _ في خضم هذه الظروف
والمداخلات _ نتحمل عبئاً كبيراً وجزءً
غير


يسير من المسؤولية الملقاة على عاتق
المجتمع الصالح من أتباع أهل البيت عليهم


السلام في الدفاع عن هذا المبدأ المقدّس
الذي يعتبر أس العقيدة وأساس المذهب.


على أنّ كثرة المدافعين من العلماء
الأعلام وذوي الأقلام الشريفة على مرّ
الدهور لا


تغني عن الاستمرار في انتهاج سبيل الذود
عن هذه العقيدة المقدسة، إذ أنّ الشبهات _


وإن تكررت بصيغ مختلفة _ تحتاج إلى ردود
تتناسب والطريقة التي يتبناها أعداء الحق


والأساليب التي يسلكونها والطرق
الملتوية التي يتبعونها في توجيه سهام
الحقد الأسود


للصورة الناصعة لهذه العقيدة المقدّسة.


ومركزنا الذي أنشئ بعد الاستشارة
والمداولة مع ثلة من العلماء الأعلام
وفضلاء


الحوزة العلمية المباركة، وبرعاية من
المرجع الديني الأعلى سماحة آية الله
العظمى


السيد علي الحسيني السيستاني دام ظله،
يجد أنّ واجبه الأول هو بذل الجهد للدفاع
عن


سيدنا ومولانا صاحب الزمان عجل الله فرجه
الشريف.


فتبنّى هذا المركز مجموعة من المحاور في
عمله منها:


1 _ طباعة ونشر الكتب المختصّة بالإمام
المهدي عليه السلام، بعد تحقيقها، وذلك
ضمن


سلسلة وسمناها بـ «سلسلة اعرف إمامك».


2 _ نشر المحاضرات المختصّة به عليه السلام
من خلال تسجليها وطبعها وتوزيعها، ضمن


سلسلة «محاضرات في الإمام المهدي».


3 _ إقامة الندوات العلمية التخصصية في
الإمام عجّل الله فرجه، ونشرها من خلال


التسجيل الصوتي والصوري وطبعها وتوزيعها
في كتيّبات ضمن «سلسلة الندوات
المهدوية»،


أو من خلال وسائل الإعلام وشبكة
الانترنيت.


4 _ إصدار مجلّة شهرية تخصّصية باسم
«الانتظار».


5 _ العمل في المجال الإعلامي بكل ما
نتمكّن عليه من وسائل مرئية ومسموعة، بما
فيها


شبكة الانترنت العالمية من خلال الصفحة
الخاصّة بالمركز.


6 _ نشر كل ما من شأنه توثيق الارتباط بين
الأجيال الجديدة وإمامهم المنتظر عليه


السلام، وذلك من خلال القصص والكتب التي
تتناسب مع أعمارهم.


7 _ الاهتمام بنشر التراث المختص بالإمام
المهدي عجل الله فرجه الشريف، ضمن «سلسلة


التراث المهدوي».


وها نحن عزيزي القارئ الكريم نضع بين يديك
هذا الكتاب الذي يحمل بين طياته


المحاضرات الفكرية المختصّة بالإمام
المنتظر عجل الله فرجه، بعد جمعها
وإعدادها، ثم


تحقيقها وإستخراج المصادر والمنابع التي
اعتمد عليها المحاضرون بالمقدار الذي


نتمكّن عليه، بالصورة التي توثّق
المعلومات الواردة فيها، ثم مراجعتها
وإخراجها


بهذه الحلّة التي نسأل الباري عز وجل أن
يجعلها محط قبولكم ورضاكم، وأن يجعل هذا


العمل مرضياً عند إمام زماننا الذي يعيش
بين أظهرنا ويتفقد أحوالنا ويعلم بكل


سرائرنا.


إنه نعم المولى ونعم المجيب.


الهوامش


(1)- سورة العنكبوت (29): الآية 2.


(2)- الكافي: 1/ 376 الباب الأول _ الحديث 1 _ 4،
المحاسن للبرقي: 1/ 92 الحديث 46،


إكمال الدين وإتمام النعمة: 409 الحديث 9،
الإيضاح لابن شاذان: 75، مجمع الزوائد:


5/ 224، مسند أبي داوود: 259، كنز العمال: 1/ 203
الحديث 464، وفي صحيح مسلم: 6/ 22


والسنن الكبرى للبيهقي: 8/ 156 بلفظ (من مات
وليس في عنقه بيعة مات ميتة


جاهلية)....


المحاضرة الأولى دلائل ظهور الحجة شكر
وتقدير


يتقدم المركز بالشكر الجزيل لكل من ساهم
في إعداد هذه السلسلة تحت عنوان محاضرات


حول المهدي عجل الله فرجه ونخصّ بالذكر
كلاً من:


1 _ لجنة التحقيق، المؤلفة من: سماحة الشيخ
رعد الجميلي، وسماحة الشيخ أحمد


الساعدي، والأخ الفاضل علاء عبد النبي.


2 _ قسم الحاسوب الآلي لجهودهم الكبيرة في
إنجاز هذا العمل، ونخص بالذكر مسؤول


القسم الأخ الفاضل ياسر الصالحي.


سائلين المولى القدير جلّ وعلا أن يجعل
هذا العمل وجميع الأعمال محطّ قبوله، وأن


يأخذ بأيدي الجميع لما فيه الصلاح
والموفقية والسؤدد.


والحمد لله ربّ العالمين


السيد محمد القبانجي


مركز الدراسات التخصّصية


في الإمام المهدي عليه السلام


النجف الأشرف


المحاضرة الأولى إثبات قضية المهدي عليه
السلام المحاضرة الأولى


إثبات قضية المهدي عليه السلام


بسم الله الرحمن الرحيم


قال سبحانه وتعالى:


(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى


الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ).(1)


هناك نقاط مهمة في هذه الآية أتعرض لها
على التوالي:


النقطة الأولى:


قول الآية: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ
رَسُولَهُ...) فهي إمّا في مقام عدّ نعم
الله


على المؤمنين، أي تقول:


أيها المسلمون, أيها المؤمنون: إنّ الله
انعم عليكم بالإسلام:


(قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ
بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ


هَداكُمْ لِلإِْيمانِ).(2)


إنّ أعظم منّة على العبد المسلم هي إسلامه
وإيمانه بالله وبالنبي محمد صلى الله


عليه وآله.


وإمّا في مقام القول: إنّ مصدر القرآن
رباني, فلذلك تردّ على المزاعم القائلة
بانّ


مصدر الإسلام بشري، فقد كانوا يقولون أنّ
محمدا ليس رسولاً لله, والقرآن جاء به


ساحر شاعر, فتقول الآية: (هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى) وهذه
طبعاً


ليست مجرد دعوى، بل دليلها معها, إذا كنتم
تزعمون إنّ للقرآن مصدراًَ بشرياًَ


فانتم بشر أيضا, وتملكون ناصية البلاغة
وانتم قمم فيها, ورسول الله أمي لا يعرف


القراءة ولم يتعلم ويدرس فكيف لا
تستطيعون أن تجاروا القرآن ولو بسورة,
فعندما


تعجزون عن ذلك يجب أن تعترفوا إذن بانّ
للقرآن مصدراًَ ربانياً وهو الله, ومن


المستحيل أن يستطيع بشر أن يأتي بالقرآن،
وبقي تحدي القرآن قائماً إلى هذا اليوم.


النقطة الثانية:


في الآية لون من التعزيز لكيان النبي صلى
الله عليه وآله حيث يوجد أناس إلى اليوم


يقولون: أنّ الرسول بشر, فلماذا تتوسل به
وهو لا يقدر على شيء؟ ويعبّر آخر عنه


بأنّه (طارش) لا أكثر!


صحيح انّ النبي يملك جانبا بشريا, ومؤهلات
في الجانب البشري يستحق بها التعظيم، لكن


إضافة إلى ذلك يملك جانبا ربانيا، انّه
بشر لكنه وصل إلى مرتبة صار فيها لائقاً


لانّ يكون رسولا لله تعالى.


ثم تقول الآية: (بِالْهُدى وَدِينِ
الْحَقِّ).


فالله أرسل الرسول بدين الحق, ولا شك ولا
ريب انّ الإسلام هو دين الحق منذ جاء والى


هذا اليوم والى يوم القيامة وخاتم
الرسالات السماوية، وعلى هذا لا يمكن أن
نقول انّ


الحقيقة موزعة بين المذاهب والنظريات،
وكل مذهب يتضمن الحقيقة بشكل نسبي, فهذا
ليس


صحيحا إذ انّ الحقيقة واحدة لا تتعدد:
(فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ


الضَّلالُ)(3) الحق هو الإسلام: (إِنَّ
الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِْسْلامُ).(4)


لا توجد نظرية ومذهب وحقيقة وعقيدة أخرى
حقة, فالحق هو الإسلام وحده، والإسلام
يأمر


أتباعه بعدم التنازل, يعني إذا كانت بعض
المذاهب الباطلة تتنازل فيما بينها
لبعضها


فانّ الإسلام يرفض هذا التنازل: (فَماذا
بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ).


(قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي
أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ).(5)


النقطة الثالثة:


إنّ الآية تبشر بانّ الإسلام سوف يظهر على
بقية الأديان والمذاهب والعقائد، والظهور


في اللغة يعني الغلبة والانتصار(6). يحاول
البعض أن يؤوّل الآية ويقول انّ الظهور


يعني الظهور بالحجة والدليل, لكن هذا خلاف
انصراف الآية على ما يقوله اللغويون,


فقوله تعالى: (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا
عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ)(7) يعني إن


ينتصروا عليكم ليس بالحجة بل انتصارا
مادي(8), فإذا لم نقبل الانصراف فعلى الأقل
من


إطلاق الآية، والله يبشر المسلمين بانّ
الإسلام في المستقبل سوف ينتصر على
العقائد


والرسالات والمذاهب كافة, وهذه بشارة
القرآن.


هل تحقق هذا الانتصار وظهور الإسلام على
كل المذاهب والعقائد في سالف الزمان؟


كلا, لا على يد النبي صلى الله عليه وآله
ولا بعده, طبعاً لظروف موضوعية لم تسمح


بذلك, وإلا فانّ النبي هو أفضل إنسان
وحامل لهذه الرسالة, وهذا الكوكب ما ضم
إنسانا


أعظم واشرف وأروع من محمد بن عبد الله.


يقول الشاعر:


بلغ العلى بكماله حسنت جميع خصال كشف
الدجى بجماله صلوا عليه وآله


انّه أفضل إنسان على ظهر هذا الكوكب منذ
خلق الله الخليقة إلى انّ يرث الله الأرض


ومن عليها.


فإذا لم يتحقق هذا الوعد فلابد أن يتحقق,
لانّ القرآن لا يمكن أن يكذب, انّه صادق,


والوعد الإلهي لابد أن يتحقق في المستقبل,
ويضرب الإسلام بجرانه الأرض وترتفع راية


«اشهد أن لا اله إلا الله, اشهد أنّ محمداً
رسول الله» في كل مكان في العالم.


الروايات التي بلغت حد التواتر تقول بانّ
هناك رجلاً من أولاد الرسول وعلي وفاطمة


والحسين عليه السلام اسمه محمد المهدي
عليه السلام يملأ الأرض قسطاً وعدلاً
بعدما


ملئت ظلماً وجور(9)، إذن نفهم البشارة
الربانية في القرآن التي تقول:
(لِيُظْهِرَهُ


عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) هذا الظهور
والانتصار المدعوم بالغيب لن يتحقق إلا
على يد


المهدي سلام الله عليه.


سؤال: هل انّ مسألة المهدي سلام الله عليه
خرافة من الخرافات, ومن الإسرائيليات


التي نفذت إلى تاريخنا الإسلامي
وأحاديثنا؟


جواب: مع الأسف في الأيام التي منع
الصحابة تدوين الحديث أعطيت الفرصة
والمجال لوهب


بن منبّه وكعب الأخبار أن يحدّثوا فيضعوا
إسرائيلياتهم في الإسلام والتاريخ


والأحاديث.


وهل انّ مسألة المهدي عليه السلام من
مختلقات الشيعة الذين عاشوا الظلم والجور


ليطبّبوا جراحهم الدامية كبلسم؟


هل انّ مسألة المهدي من مختلقات ثوار
الشيعة ليضفوا قداسة على ثوراتهم؟


ثلاثة هم: ابن خلدون(10) وأبو الأعلى
المودودي(11) من المعاصرين واحمد امين


المصري(12) تكلموا في مسألة المهدي بنحو من
الشك والترديد في مسألة المهدي.


عندما نرجع إلى الأحاديث في المهدي نجدها
متواترة بين المسلمين, أي يستحيل اجتماع


جماعة على الكذب في أمر, فمثلا إذا جاءك
شخص وإن كان غير صادق وقال لك: وقع حادث في


الشارع, وجاء ثانٍ وإن لم يكن ثقة وقال وقع
الحادث في الشارع, وهكذا جاء ثالث ورابع


إلى عشرة فهل تصدق أم لا؟ انك سوف تطمئن
بوقوع الحادث, هذا يسمونه التواتر, ولا


يشترط العلماء فيه صحة السند, بل يكفي أن
يكون الحديث متواترا فانّه يكفي دليلاً


على قضية أو موضوع.


وحديث الإمام المهدي عليه السلام متواتر
في كتب المسلمين حتى انّ علماء السنّة


الذين ألّفوا في الإمام المهدي هم أكثر
عددا من الشيعة, إضافة إلى نص العلماء _


كالحاكم النيسابوري(13) _ على صحة أسانيد
حديث المهدي سلام الله عليه.(14)


هذه بعض الأمثلة والأرقام لترون هل انّ
مسألة المهدي خرافة كما يتصور البعض, أو
يجب


أن يعتقد بها كل مسلم, لنقرأ بعض النصوص:


قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة _
طبع مصر:


«قد وقع اتفاق الفِرق من المسلمين أجمعين
على انّ الدنيا والتكليف لا ينقضي إلا


عليه»(15) والضمير يرجع إلى المهدي.


وقال ابن حجر في الصواعق (ج2، 480):


قال أبو الحسن إلابري قد تواترت الأخبار
عن المصطفى بخروج المهدي, وانّه من أهل


البيت, وانّه يملك سبع سنين.(16)


وقال ابن خلدون في المقدمة (صفحة 311):


اعلم انّ المشهور بين الكافة من أهل
الإسلام على مرّ الاعصار انّه لابد في آخر


الزمان من ظهور رجل من أهل البيت, يؤيد
الدين ويظهر العدل.(17)


وصرح الشبلنجي في نور الأبصار(18), وزين
دحلان مفتي الشافعية في الفتوحات


الإسلامية(19), وآخرون بالتواتر.


نأتي إلى ألفاظ الحديث كما ورد في الصحاح:


في صحيح الترمذي (ج3 صفحة 343, ح 2333) عن أبي
سعيد الخدري قال:


خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي
الله, فقال صلى الله عليه وآله: «إن في


أمتي المهدي يخرج».


وفي صحيح أبي داود (ج2: 309, ح 4282) بسنده عن
النبي صلى الله عليه وآله:


«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوّل الله
ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً مني».


وفي حديث سفيان:


«لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من
أهل بيتي».(20)


وفي الصواعق لابن حجر (ج2، 472):


«لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله فيه
رجلاً من عترتي».


وفي صحيح البخاري (ج4، 143) بسنده قال: النبي
صلى الله عليه وآله:


«كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم
منكم».


وتأتي الصحاح الأخرى لتشرح هذه الفقرة,
فكما انّ الآيات يفسر بعضها بعضا فانّ


الروايات الواردة في الكتب الأخرى تشرح
معنى «وإمامكم منكم»(21):


قال ابن ماجة في سننه بإسناده إلى ثوبان
قال: رسول الله صلى الله عليه وآله:


«يقتتل عند كنـزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة,
ثم لا يصيروا إلى واحدِ منهم, ثم تطلع


الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم
قتلا لم يقتله قوم، ثم ذكر شيئاًَ لا احفظه


فقال: إذا رأيتموه فبايعوه ولو حبواً على
الثلج فانّه خليفة الله المهدي».


قال الشيخ فؤاد عبد الباقي في تعليقه على
سنن ابن ماجة:


في الزوائد: هذا إسناد صحيح, رجاله ثقاة,
ورواه الحاكم في المستدرك وقال: صحيح على


شرط الشيخين.(22)


وروى مسلم في صحيحه عن جابر انّه سمع
النبي صلى الله عليه وآله يقول:


«لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق
ظاهرين إلى يوم القيامة, فينزل عيسى بن


مريم فيقول أميرهم _ أي أمير الأمة _ تعال
صلّ بنا, فيقول لا, انّ بعضكم على بعض


أمراء تكرمة الله لهذه الأمة».(23)


في عقد الدرر عن الحافظ أبي نعيم في صفة
المهدي عليه السلام, قال: وعن حذيفة بن


اليمان قال: خطبنا رسول الله فذكر لنا ما
هو كائن إلى يوم القيامة, وقال:


«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوّل الله
عز وجل ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي


اسمه اسمي، فقام سلمان وقال يا رسول الله:
من أي ولد؟ قال: هو من وُلدي هذا وضرب


بيده على الحسين عليه السلام».(24)


هذه بعض البشارات عن المهدي عليه السلام
إضافة إلى الروايات التي فصّلت قضية


المهدي:


قال أبو داود في صحيحه عن أبي سعيد الخدري
قال رسول الله صلى الله عليه وآله:


«المهدي مني, أجلى الجبهة, أقنى الأنف».(25)


وعن أبي نعيم الاصبهاني في حلية الأولياء:


انّ المهدي شاب, أكحل العينين, أزجّ
الحاجبين, أقنى الأنف, كثّ اللحية, على خده


الأيمن خال(26).


وفي إسعاف الراغبين اخرج احمد والماوردي
انّ النبي صلى الله عليه وآله قال:


«ابشروا بالمهدي... إلى أن قال يرضى عنه
ساكن السماء وساكن الأرض, ويقسم المال


بالسوية, ويملأ قلوب امة محمد غنىً,
ويسعهم بعدله».(27)


واخرج احمد ومسلم عنه صلى الله عليه وآله
قوله:


«في آخر الزمان خليفة يحثو المال حثواً
ولا يعدّه عداً».(28)


وجاء في روايات: «انّ المهدي يملك الأرض
شرقها وغربها, ويبلغ سلطانه المشرق


والمغرب».(29)


وفي نور الأبصار (صفحة 231) عن علي ابن أبي
طالب (كرّم الله وجهه) _ وهذه ليست


نصوصنا _ قال:


قلت يا رسول الله أمِنّا آل محمد المهدي
أم من غيرنا؟ فقال:


«لا، بل منّا يختم الله به الدين كما
افتتح بنا, وبنا ينقضون من الفتنة كما
انقضوا


من الشرك, وبنا يؤلّف الله قلوبهم بعد
عداوة الفتنة, كما ألّف بين قلوبهم بعد
عداوة


الشرك، وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة
إخوانا في دينهم». واعترفوا بانّه حديث
عالي


السند(30).


وفي نص آخر:


«يظهر المهدي يوم عاشوراء, وهو اليوم الذي
قُتل فيه الحسين بن علي وكأني به السبت


العاشر من المحرم, بين الركن والمقام,
وجبرائيل عن يمينه وميكائيل عن يساره,
ويصيّر


الله شيعته إليه من الأطراف وتُطوى لهم
الأرض».(31)


هذه بعض الأحاديث وقد ألّف العلماء كتبا
ذكروا فيها هذه النصوص المختلفة.


واستناداً إلى كل ذلك وجّه سنة 1397 هـ سؤال
من كينيا إلى رابطة العالم الإسلامي في


المدينة المنورة عن حقيقة المهدي عليه
السلام فكان الجواب من سكرتير الرابطة
(محمد


صالح القزاز):


انّ ابن تيمية يقر بأحاديث المهدي, وقد
وقّع الرسالة خمسة من علماء الحجاز, وذكرت


التفاصيل التي ذكرناها عن المهدي وقالت:


انّه احد الخلفاء الاثني عشر الذين اخبر
عنهم النبي صلى الله عليه وآله, وذكرت انّ


آخر الأشخاص الذين كتبوا عن المهدي بحثاً
مفصلاً هو عميد الجامعة الإسلامية في


المدينة المنورة (عبد المحسن العباد) في
عدة مقالات في مجلة الجامعة, وآخر ما صرحت


به الرسالة:


إذن يجب على كل مسلم أن يعتقد بالمهدي
عليه السلام, وهذا الاعتقاد جزء من عقائد
أهل


السنة, ولا ينكره إلا الجهّال أو
المبدعون.


محمد منتصر الكناني


مدير إدارة المجمع الفقهي الإسلامي في
المدينة المنورة


إلى هنا ثبت انّ الاعتقاد بالمهدي من
ضروريات الدين الإسلامي ومن صميم الإسلام,
كما


انّ المسلم لا يستطيع أن ينكر الصلاة لا
يستطيع أن ينكر مسالة المهدي لكثرة


الروايات الواردة, أي إذا لم نصدق
بالحقيقة في هذه الروايات إذن لا نصدق بأي
شيء،


ولا تصح صلاتنا وصومنا إذ كيف نرتبهما؟
وكيف نعتقد بأجزاء المعاد والصراط وتطاير


الكتب والميزان و نعتقد بها كلها
بالروايات؟ وإذا رفضناها فسوف لا يستقر
حجر على


حجر, إذ انّنا سوف نرفض أحكامنا الشرعية
لانّ الروايات الواردة في الإمام المهدي
لم


يرد جزؤها في حكم من أحكام الشريعة.


يقول احمد أمين: فكرة الإمام المهدي خلاف
العقل(32), فنقول له: يا أخي هل هي مسألة


عقلية؟ كلا , انّها مسألة تعبدية, قد بشّر
رسول الله بالمهدي وأنت تقول انّها خلاف


العقل؟ هذا لون من التمرد على الإسلام,
وإمّا تقول كل النصوص ليست صحيحة فلا يمكن


التواتر, ولكن حديث المهدي رواه المكي
والمدني والكوفي والبصري والبغدادي
والقمي


والرازي والشيعي والسني والأشعري
والمعتزلي في أزمنة مختلفة فهل كل هؤلاء
يكذبون؟!


لا يمكن ذلك, إذن لا شك ولا ريب انّ حديث
المهدي يشكّل ضرورة من ضرورات الإسلام


ومنكرها كافر, وهذا ليست في عقيدتنا فقط
بل في عقيدة السنّة, وتبقى مسالة ثانية هي


أن الفرق بيننا وبين العامة هو انّهم
يقولون: انّ الإمام المهدي ليس موجودا
الآن


وسيوجد في المستقبل ويظهر, بينما نحن
الشيعة نعتقد بانّ المهدي مولود سنة 255
هجرية


وهو الآن موجود ويعيش بين ظهرانينا لكن لا
نستطيع أن نعرفه أحيانا, يحضر مجالسنا


وربما يمر علينا, وعندما يظهر نقول ما
أكثر ما رأيناه في حياتنا.


أدلة على وجود الإمام المهدي عليه السلام


قد تسأل ما هي أدلتنا على هذه العقيدة؟


نمتلك عديدا من الأدلة:


الدليل الأول:


قول رسول الله صلى الله عليه وآله في حديث
الثقلين:


«وانّهما لن يفترقا حتى يردا علي
الحوض»(33) وهو متواتر بين المسلمين, يقول
رسول


الله انّ القرآن وأحد العترة موجودان إلى
يوم القيامة, أليست هذه هي دلالة الحديث


ولا يوجد غيرها؟


إذا أردنا أن نعتقد انّ الثقل الأصغر
(قرين القرآن) موجود فيجب أن نعتقد بالمهدي


وإلاّ فانّ كلام النبي يكون كذباً لأنّه
سيكون القرآن موجودا فقط.


الدليل الثاني:


قول النبي في حديث متواتر بين المسلمين:


«من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة
جاهلية».(34)


هذا الحديث يدل على انّ لكل زمان إماما,
وانّ هذا الإمام ليس مُسيّبا بل معيّنا قد


وصل إلى درجة من معرفة الله بحيث من لا
يعرفه يموت على الجاهلية.


بالله عليك, تستطيع ان تقول ان هذا الإمام
هو يزيد بن معوية أو هؤلاء الطغاة


الموجودون على وجه الأرض؟


إذن من هو الإمام؟


أنا اعمل بكلام النبي واعتقد بانّ محمد
المهدي عليه السلام هو الإمام.


الدليل الثالث:


النصوص المتواترة في صحيح مسلم وصحيح
البخاري عن جابر بن سمرة قال: سمعت النبي
صلى


الله عليه وآله يقول:


«يكون اثنا عشر أميراً, فقال كلمة لم
اسمعها, فقال أبي: انّه قال: كلهم من


قريش».(35)


وفي صحيح الترمذي مثله(36).


وفي صحيح مسلم: «انّ هذا الأمر لا ينقضي
حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة كلهم من


قريش».(37)


و في مسند أحمد عن مسروق قال:


كنا جلوساً عند ابن مسعود وهو يقرؤنا
القرآن, فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن هل


سألتم رسول الله كم يملك هذه الأمة من
خليفة؟ فقال ابن مسعود: ما سألني عنها أحد


منذ قدمت العراق قبلك. ثم قال: نعم, ولقد
سألنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال:


«اثنا عشر كعدد نقباء بني إسرائيل».(38)


هذه الأحاديث تنطبق على أي مذهب, وهل يوجد
مذهب يعتقد باثني عشر خليفة؟


يقول السيوطي: انا أتي لكم بأثني عشر
خليفة: الخلفاء الأربعة ومعاوية, ثم يختار
من


العباسيين ويكمل عشرة, ثم يقول: وأما
الحادي عشر فهو المهدي المنتظر, وأما
الثاني


عشر فلا أكاد اعرفه!(39).


أين الاثنا عشر؟ النبي يقول اثنا عشر يعني
انهم متوالون إلى يوم القيامة. ويأتي


عالم معاصر من العلماء, لا اذكر اسمه,
يقول: نعم اثنا عشر خليفة كان الإسلام في


أيامهم مزدهرا منتصراً, والجهاد قائما,ً
وهم الخلفاء الأربعة ومعاوية ويزيد وعبد


الملك بن مروان وأولاده الأربعة وعمر بن
عبد العزيز! وشر البلية ما يضحك, حيث من


بينهم يزيد الذي قتل ريحانة رسول الله صلى
الله عليه وآله وقام بتلك المجزرة, وأباح


المدينة لجنده ثلاثة أيام، لماذا تتكلم
كلاما غير معقول؟


ومن بينهم الوليد الذي يستفتح بالقرآن
فيخرج: (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ


جَبَّارٍ عَنِيدٍ) (40) فيرمي القرآن
بسهامه! ويقول:


تهددني بجبار عنيد


إذا ما جئت ربك يوم حشر فها أناذا جبار
عنيد


فقل رب مزقني الوليد(41)


الوليد الذي يحمل معه الخمرة ليشربها على
الكعبة! فيمنعوه(42), وهذه كتبهم تشرح


أعمال خلفاء رسول الله هؤلاء.


هذا الحديث لا ينطبق إلا على مذهب
الإمامية الاثنى عشرية, وكفى بذلك فخراً
وإعجازاً


لرسول الله صلى الله عليه وآله، إذن
المهدي صلى الله عليه وآله احد الاثنا عشر.


الدليل الرابع:


إجماع الشيعة, وبالإضافة إلى ذلك ذكر
الشيخ لطف الله الصافي في كتابه (منتخب
الأثر)


سبعين عالما من علماء السنّة: السيوطي,
ابن حجر و... حتى الفضل بن روزبهان الذي


يردّ على العلامة الحلي يعترف كلهم بانّ
الائمة من بعد النبي اثنا عشر أولهم علي بن


أبي طالب وآخرهم محمد المهدي عليه السلام,
وكلهم يعترفون بانّ محمد المهدي ولد سنة


255 هـ.(43)


الدليل العقلي:


نعتقد انّ المهدي عندما يظهر يأتي
بالإسلام الواقعي لا الظاهري, فلو لم
يرتبط


الإمام المهدي بالمعصومين فمن أين يأتي
بالإسلام الواقعي؟ إذا كان مجتهدا فإسلام


المجتهدين إسلام ظاهري، فيجب أن يكون
المهدي من سلسلة مرتبطة بالنبي حيث قال
صلى


الله عليه وآله:


«أنا مدينة العلم وعلي بابها».(44)


وقال علي عليه السلام:


«علمني رسول الله ألف باب من العلم, يفتح
لي من كل باب ألف باب من العلم».(45)


هذا العلم ينتقل إلى صدر علي, ومنه إلى
الحسن, ومنه إلى الحسين ومنه إلى زين


العابدين عليهم السلام إلى أن ينتقل إلى
صدر الإمام المهدي عليه السلام وهو الذي


يأتي بالإسلام الواقعي, فلا يمكن أن نفترض
هذا الإنسان منفصلا عن هذه السلسلة ثم


يولد, لابد أن نعتقد بأنّه مولود ومرتبط
بهذه السلسلة.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الهامش


(1)- سورة الصف: الآية 9.


(2)- سورة الحجرات: الآية 17.


(3)- سورة يونس: الآية 32.


(4)- سورة آل عمران: الآية 19.


(5)- سورة الزمر: الآية 64.


(6)- راجع الصحاح للجوهري, ج2: 722, لسان العرب
لابن منظور, ج4: 526.


(7)- سورة الكهف: الآية 20.


(8)- راجع مفردات غريب القرآن للراغب
الاصفهاني: 318.


(9)- راجع سنن أبى داود, ج2: 309, ح 4282, مستدرك
الحاكم, ج4: 557, مسند احمد, ج3:


28, 36, 70, كمال الدين للصدوق: 256, الباب 24 و25,
دلائل الإمامة للطبري: 441, ح


413 _ 488.


(10)- راجع تاريخ ابن خلدون, ج1: 311, الفصل 52.


(11)- راجع البيانات لأبي الاعلى المودودي:
161.


(12)- المهدي والمهدوية لأحمد أمين: 108.


(13)- المستدرك للحاكم النيسابوري, ج4: 463, 502,
554, 557, باب ذكر أحاديث المهدي,


وقال بعد كل حديث: صحيح الأسناد ولم
يخرجاه, صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.


(14)- ممن صرح بذلك الترمذي في سننه, ج3: 343,
وابن تيمية في منهاج السنة, ج4: 211,


والسلمي الشافعي في عقد الدرر: 141.


(15)- شرح نهج البلاغة لابن أبى الحديد, ج10:
96.


(16)- الصواعق المحرقة: 99.


(17)- مقدمة ابن خلدون: 367.


(18)- نور الأبصار للشبلنجي: 189.


(19)- الفتوحات الإسلامية لزيني دحلان, ج2:
338.


(20)- مسند احمد, ج1: 377.


(21)- راجع فتح الباري لابن حجر, ج6: 358.


(22)- سنن ابن ماجة, ج2: 1367, ح 4084.


(23)- صحيح مسلم, ج1: 95.


(24)- عقد الدرر للشافعي السلمي: 24, باب1.


(25)- سنن أبى داود, ج2: 310, ح 4285.


(26) ـ حلية الاولياء لابي نعيم : 94 : ب2, ح19


(27)- اسعاف الراغبين: 148.


(28)- صحيح مسلم, ج8: 185, مسند احمد, ج3: 5, 49, 96
و98.


(29)- كمال الدين للصدوق: 330, باب 32, ح 16.


(30)- الفتن لابن حماد: 102, البيان للشافعي:
506, باب 11.


(31)- كتاب الغيبة للنعماني: 282, باب 14, ح 68,
الإرشاد للمفيد: 361.


(32)- المهدي والمهدوية _ احمد أمين: 108.


(33)- سنن الترمذي, ج5: 328, ح 3875, السنن الكبرى
للنسائي, ج5: 45, ح 8148.


(34)- صحيث مسلم, ج6: 22, مسند احمد, ج4: 96,
الكافي للكليني, ج1: 376, باب «من مات


وليس له إمام...».


(35)- صحيح البخاري, ج8: 128.


(36)- سنن الترمذي, ج3: 340, ح 2323.


(37)- صحيح مسلم, ج6: 3.


(38)- مسند احمد, ج1: 398.


(39)- تاريخ الخلفاء للسيوطي: 12.


(40)- سورة إبراهيم: الآية 15.


(41)- الكامل في التاريخ لابن الأثير, ج5: 121.


(42)- راجع الامالي للسيد المرتضى, ج1: 89,
الكامل لابن الأثير, ج5: 264.


(43)- راجع شرح إحقاق الحق للسيد المرعشي
النجفي, ج 29: 645, نقلا عن كتاب وسيلة


الخادم لابن روزبهان: 259, ط: مطبعة اية الله
المرعشي.


(44)- المستدرك للحاكم, ج3: 126, قال الحاكم:
صحيح الاسناد ولم يخرجاه, يعني


البخاري ومسلم, مجمع الزوائد للهيثمي, ج9:
114.


(45)- المناقب لابن شهرآشوب, ج1: 204 و375.


المحاضرة الثانية ضروروة الإعتقاد
بالإمام المهدي عليه السلام المحاضرة
الثانية


ضرورة الإعتقاد بالإمام المهدي عليه
السلام


بسم الله الرحمن الرحيم


قال خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد
صلى الله عليه وآله:


«لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل
الله ذلك اليوم حتى يظهر رجلاً من ولدي,


اسمه اسمي, وكنيته كنيتي, فيملأ الأرض
قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».(1)


مسألة الإعتقاد بالإمام المهدي عليه
السلام من المسائل العقائدية الحساسة
والمهمة


واللذيذة في الوقت نفسه, حيث ترتبط
بالمستقبل السعيد للبشرية التي عانت
وتعاني في


هذه الحياة من شقاء ومرارة في مختلف
المجالات.


وقد وقع في هذه المسألة الكثير من الأخذ
والرد والنقض والإبرام, سنبحث بشأنها


العديد من النقاط:


النقطة الأولى: ضرورة وجود الإمام المهدي
عليه السلام


هل أن وجود المهدي عليه السلام ضرورة
حياتية؟


هل بامكان العقل في إطار إسلامي أن يؤمن
بهذه الحقيقة؟


دعنا عن الماديين الذين لهم موقف آخر, إذا
أردنا أن نقسم الماديين إلى طبقات


فالماركسيون يعتقدون بوجود جنة موعودة في
الأرض في اليوم الذي تنتهي فيه التناقضات


الطبقية وتتولى الشيوعية الأرض, حين
تنتفي الأنانيات وشبح الملكية الفردية,


فالحكومة لا تحكم والمجتمع بلا حكومة حسب
رأيهم ومزاعمهم.


والرأسماليون الذين يسعون نحو التكامل
يرون انّ المجتمع الإنساني لا يسعد إلا
بعد


قيام دولة عالمية تنشر العدل في الأرض،
والقليل منهم يعيش عيشة تشاؤمية، ويرى انّ


الحياة لا تكامل فيها وتسير في طريق الشر
دائماً، ولذا بعض الماديين يرى أن ينتحر


الإنسان ويخلص نفسه من هذه الدنيا أفضل من
أن يعيش.


بعض الماديين أو حتى بعض المسلمين الذي
تتلمذ على يد الماديين يحاول أن يطعن


الإسلام بهذه النظرة التشاؤمية, ويرى
انّه ذو نظرة تشاؤمية إلى الحياة, لانّ
القرآن


يحكي انّ آدم عندما كان في الجنة, وأكل من
الشجرة المنهي عنها فطرد من الجنة لينزل


إلى الأرض ويتحمل مرارة الأرض, وهذا بدء
العناء للإنسان, وهذا تشاؤم، ويعني انّ


الإنسان ليس له راحة.


هذه نظرة مغلوطة عن القرآن والإسلام،
لانّ الفترة التي قضاها آدم في تلك الجنة


البدائية كانت _ كما يعبر عنها العلماء _
فترة تجربة وامتحان وتحصين للإنسان بأن


يستفيد من التجربة الأولى, وعندما ينزل
إلى الأرض يستطيع أن يحصّن نفسه من الشر


والشقاء ويسعى نحو إعمارها, ويحقق خلافة
الله في الأرض.


في مجمل النظرة الإسلامية هل هناك ضرورة
عقلية في الإعتقاد بالإمام المهدي؟


الجواب: نعم, الإنسان أولا يحس في صميمه
بالحاجة إلى التكامل، لكن متى يتحقق هذا


التكامل؟


يتحقق عن طريق انتشار العدالة والمفاهيم
الخيرة, وتطبيق المثل النبيلة في الحياة,


هذا الإحساس دليل على انّ هناك تكاملا
لابد أن يكون في الحياة يوماً ما.


ثانياً: نحن نعرف انّ الله أرسل أنبياء
ولهم هدفان في الحياة :


الهدف الأول: تعبيد الناس لله تبارك
وتعالى.


الهدف الثاني: إقامة القسط، قال تعالى:


(وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ
وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ
بِالْقِسْطِ


وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ).(2)


هل تحقق هذا الهدف الكبير من بعثة
الأنبياء في الحياة؟


هل تساوي دماء وجهود الأنبياء والمصلحين
وتلك الأثمان الباهضة هل تتناسب في الرتبة


والأهمية مع نصر موقوت يحققه مثلاً مجتمع
إسلامي في فترة من الزمن؟ فالإسلام لم


ينتصر إلا أيام الرسول لفترة, ثم كما
تلاحظون حيث أن المذاهب الباطلة موجودة
على


وجه الأرض, فلم يكن ذلك انتصاراً شاملاً
لكل الأرض، إذن بعثة الأنبياء التي جاءت


لغرض تعبيد الناس لله وإقامة القسط لابد
أن يكون هدفها اشمل وأوسع من انتصار موقوت


ومحدود للدين هنا وهناك, نعتبر هذا المعنى
هدفا من أهداف وجود المهدي عليه السلام,


أي لابد أن يكون هناك إنسان مرتبطا بالله
تعالى مثل المهدي، هو الذي يحقق هذا الهدف


على وجه الأرض.


لا تقل لماذا لم يتحقق هذا الهدف على يد
النبي صلى الله عليه وآله؟


في اعتقادنا انّ محمدا صلى الله عليه وآله
لا يفوقه إنسان في هذه الدنيا, قال


الشاعر:


قد شاء للعلياء أن تتجسّدا فقال لها كوني
فكانت محمد(3)


وقال آخر:


قلب الخافقين ظهراً لبطن فرأى ذات احمد
فاجتباها


النبي أفضل واشرف إنسان من بدء الخليقة
إلى نهايتها، وعندما يريد الله أن ينشر


شريعته وعدله لابد من تحقق الظروف
الموضوعية, والله يدير الحياة على ضوء سنن


وقوانين, والظروف الموضوعية لم تكن مهيأة
ومعدة لتنشر كلمة الله وينتشر العدل في


زمن النبي صلى الله عليه وآله ولا بعده,
فلابد أن تمضي قرون طويلة وتستمر الحضارات


المختلفة حتى يأتي حجة آخر على ضوء
الشريعة الإسلامية لينشر العدالة ويقيم
كلمة


الله في الأرض. إذن الهدف من بعثة
الأنبياء يعتمد على وجود إنسان كالمهدي
ولابد أن


يتحقق القرآن يعِد بانّ الدين والإسلام
وكلمة الله سترتفع, قال تعالى:


(كَتَبَ اللَّهُ لأََغْلِبَنَّ أَنَا
وَرُسُلِي).(4)


(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ


لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَْرْضِ)(5)
وآيات كثيرة في هذا الصدد تؤكد أن الدين


سينتصر.


وهذا المعنى يوافقنا عليه النصارى
واليهود(6)، يقول النصارى بانّ عيسى بن
مريم عليه


السلام سيحقق الدين، واليهود كذلك, هذه
إذن مسألة فطرية تتساوى فيه المذاهب


المادية, الشيوعية أو الرأسمالية حيث
تعتقد _ حسب إطارها وأفقها _ بانّ العدالة


تنتشر في الأرض، وأتباع الرسالات
السماوية يعتقدون بانّ العدالة ستحقق في
إطار


الدين وعلى يد حجة الهي، ونحن نعتقد انّه
المهدي عليه السلام وسيظهر.


النقطة الثانية: أدلة انتصار الدين على يد
المهدي عليه السلام


إذا كان من الضروري تصميم إنسان يتحقق على
يديه الدين وأهداف الأنبياء في الأرض,


فهل هناك أدلة دينية تثبت بانّ انتصار
الدين فعلاً سيكون على يد المهدي عليه


السلام، وانه سيكون على وجه الأرض؟


هل يعتقد المسلمون بهذه العقيدة؟


الجواب: نعم, لأنك تلاحظ عشرات الصحابة
والتابعين يروون حديث المهدي عن النبي صلى


الله عليه وآله, وألّف علماء المسلمين _
سنة وشيعة _ مؤلفات خاصة في الإمام المهدي


إيجازا وتفصيلا , وقد ذكرت صحاح المسلمين
(صحيح البخاري واحمد بن حنبل وسنن الترمذي


وأبي داود) هذا المعنى من قبيل:


«من خلفائكم من يحثو المال حثيا ولا يعده
عدا».(7)


«كيف فيكم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم
منكم».(8)


«لا تنتهي الدنيا حتى يملك العربَ رجل من
ذريتي, يواطئ اسمه اسمي, وكنيته


كنيتي».(9)


ومئات الروايات العجيبة الغريبة, حتى انّ
بعضهم عدّ الروايات الواردة عن طرق السنّة


فقط فبلغت أربعمائة حديث عن رسول الله صلى
الله عليه وآله.(10)


تلاحظ انّ بعض القضايا البديهية في
الإسلام لم ترد فيها روايات بهذا الحجم،
فهناك


400 رواية عن النبي صلى الله عليه وآله في
المهدي عليه السلام عن طرق السنة فقد عدّ


بعض العلماء الروايات الواردة عن طريق
السنة والشيعة فوصلت إلى ستة آلاف
رواية(11),


ومن هنا يفتي ابن حجر الهيثمي وهو من
علماء السنّة بانّ من أنكر المهدي يجب
قتله


لانّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال:


«من أنكر الدجال فقد كفر, ومن أنكر المهدي
فقد كفر»(12)، استناداً إلى قول النبي


صلى الله عليه وآله.


ويعني انّ من ينكر المهدي ينكر ضرورة, ومن
أنكر ضرورة من ضرورات الإسلام كافر


ويُقتل.


واستناداً لهذا أصدرت إدارة الفتوى في
مكة فتوى وُقّعت من قبل العلماء عام 76:


انّ من ينكر المهدي فهو إما جاهل بالسنّة
أو مبتدع كافر(13), لانّ الإعتقاد بالإمام


المهدي من صميم عقائد أهل السنّة
والجماعة, وانّ المهدي هو واحد من الخلفاء
الإثني


عشر, ولابد أن يظهر ويبايع ويمتلك الأرض،
ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً


وجوراً.


فالمسألة حقيقة من الحقائق لا يمكن أن
يدنو إليها الشك والشبهة, وإذا جاء جاهل لم


يقرأ هذه الكتب ويقول هذه خرافة فان عليه
أن يراجع العلماء والمؤلفات والكتب ليرى


ما هي حقيقة المسألة.


النقطة الثالثة: هل المهدي موجود بالفعل؟


إذا كانت العقيدة بالإمام المهدي ضرورة
إسلامية فهل انّه موجود بالفعل كما يعتقد


الشيعة وكثيرون غيرهم, أم انّه سيولد في
المستقبل ثم يظهر، ويملأ الأرض قسطاً


وعدلاً كما هو عقيدة أهل السنة, ويقولون
انّه محمد بن عبد الله العلوي؟(14)


الجواب: انّ كل الأدلة الشرعية تثبت
النظرية الأولى وهي انّ الإمام المهدي
عليه


السلام موجود فعلاً وما هي الأدلة التي
تثبت هذه المسألة إلى درجة اليقين
والضرورة؟


الأدلة هي:


1 _ رواية متواترة عن رسول الله صلى الله
عليه وآله:


«من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة
جاهلية».(15)


هذا الحديث يدل على انّ لكل زمان إماما
للمسلمين, والاّ يصبح حديث الرسول لغوا.


ومن هو الإمام في هذا العصر؟ فكل يدعي
وصلاً بليلى, والنبي لم يثبت أكثر من إمام


لكل زمان وهذا يدلل بانّ في هذا الزمان
إمام منصوب من قبل رسول الله فعلاً, وهذا
لا


ينطبق الا على عقيدة انّ المهدي موجود
فعلاً, وهو واحد من خلفاء اثني عشر نص
عليهم


رسول الله صلى الله عليه وآله.


2 _ الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى
الله عليه وآله الواردة في صحيح البخاري


وصحيح مسلم وقد بلغة (270 رواية ) والبخاري
عاش حوالي سنة 200 هـ أو أكثر قبل أن


يكتمل الأئمة الإثنا عشر, أي أيام الإمام
الهادي عليه السلام مثلاً ففي الرواية عن


رسول الله صلى الله عليه وآله:


«الخلفاء من بعدي اثنا عشر وكلهم من قريش،
كنقباء بني إسرائيل»(16) ومضمون كلام


رسول الله صلى الله عليه وآله هو انّ
الدين مادام قائماً فلابد أن يكون خليفة
من


الخلفاء الإثني عشر حاكماً وإماما على
الناس، حتى انّ علماء القوم تحيروا في
تفسير


هذا الحديث ومعرفة هؤلاء الإثني عشر؟ أين
نجدهم وهم من قريش ويمتدون من بعد رسول


الله إلى يوم القيامة؟


يأتي السيوطي _ كحاطب ليل _ ويقول الخلفاء
اثنا عشر وهم: الخلفاء الأربعة ثم معاوية


ولعله يعدّ الحسن أيضاً ثم يقفز إلى عمر
بن عبد العزيز ويجعل الناس في هذه الفترة


بلا إمام! كأن المسألة اختيارية ثم يصل
إلى بني العباس ويختار اثنين أو ثلاثة إلى


أن يكمّل عشرة بعد اللتيا والتي ويقول:
وأما الحادي عشر فهو المهدي المنتظر عليه


السلام الذي أوعدنا به رسول الله صلى الله
عليه وآله وأما الثاني عشر فلا أكاد


أعرفه!(17)


جدير بالذكر انّ فتوى علماء مكة سنة 76 تنص
على هذه الحقيقة وهي انّ المهدي عليه


السلام واحد من خلفاء اثني عشر, يعني من
سلسلة, فهل يخلقه الله في آخر الزمان أم


لابد أن يكون مرتبطا بهذه السلسلة الإثني
عشر؟ من الواضح يجب أن يكون مرتبطا


بالسلطة.


3 _ تنصيص الأئمة أحدهم على الآخر.


كلكم تعلمون انّ حديث الغدير متواتر(18),
يعني انّ رسول الله صلى الله عليه وآله


نصب علي بن أبي طالب عليه السلام إماما
على المسلمين, ولما أصبح إمام حق نصب


الإمام الحسن عليه السلام، والإمام الحسن
نصب الحسين عليه السلام، والحسين نصب زين


العابدين عليه السلام و... حتى نصب الإمام
الحسن العسكري الإمام المهدي سلام الله


عليه وهذا أيضاً ثابت عن طريق الروايات.(19)


4 _ انّ ولادة المهدي ووجوده حقيقة اجمعت
عليها طائفة من المسلمين بالإضافة إلى


علماء الشيعة منذ ألف عام وإلى الآن, وغير
الشيعة من السنّة أيضا يعترفون بانّ


الإمام المهدي عليه السلام قد ولد(20) في
ظروف شبه سرية حتى يُؤمن عليه من شر


العدو, وكان الإمام الحسن العسكري عليه
السلام يُري ولده الجديد إلى بعض الخواص


كأحمد بن إسحاق الأشعري وكان من خواصه حيث
يقول دخلت ذات يوم على الإمام الحسن


العسكري عليه السلام فقال:


يا بن إسحاق! انّ الله لا يخلي الأرض من
حجة منذ خلق الله آدم إلى ان تقوم القيامة,


بهذا الحجة يُدفع البلاء عن الأرض, وتخرج
الأرض بركاتها, وينـزل الغيث. قلت سيدي


أبا محمد! إذا كان كذلك فمن هو الحجة من
بعدك؟ وإذا بالإمام العسكري يدخل إلى
البيت


ويخرج وهو يحمل غلاماً ثلاثياً على عاتقه
ووجهه كفلقة قمر طالع، فقال إمامك من بعدي


هذا, انّ الله سيملأ به الأرض قسطاً
وعدلاً كما امتلأت ظلماً وجوراً. فقلت له
سيدي


أبا محمد! ما العلامة ليطمئن بها قلبي؟
وإذا بالإمام وله من العمر ثلاث سنين ينطق


بكلام فصيح:


يا أحمد بن إسحاق أنا بقية الله في أرضه,
وأنا المنتقم من أعدائي.(21)


والتاريخ يتحدث عن الكثير من المشاهدين
الذين وصلوا بخدمة الإمام المهدي وحل


مشاكلهم, وتوسلوا به وحضروا بخدمته,
والكتب تحدّث بذلك, وهناك أشخاص شهود
معاصرون


وقعوا في حرج شديد فتوسلوا بالإمام
المهدي عليه السلام وإذا به يحضرهم
وينقذهم من


المشكلة.(22)


وهذا الإجماع لا يمكن أن يكون على شيء
كاذب, لانّ الإمام غاب الغيبة الصغرى وكان


عنده أربع نواب وعن طريقهم تصل رسائله إلى
الشيعة, وتجبى إليه الأموال, ويجيب عن


الرسائل فهل يمكن بحساب الإحتمالات
الرياضية ان تمتد الغيبة الصغرى سبعين سنة


وتجتمع هذه الطائفة والجماعة كلها على
أمر كذب في حين يقال: حبل الكذب قصير؟
فلابد


أن يدل كل هذا الإجماع والتعاضد على وجود
حقيقة في هذه المسألة.


5 _ الدليل العقلي: نحن نعتقد بانّ الإمام
المهدي الذي سيظهر أنيطت به مهمة تغيير


العالم برمته, وتلكم مهمة عظمى جداً لا
يستطيع أن ينجزها كل إنسان، هل يكون إنسان


يريد أن يحكم ويغير العالم على ضوء شريعة
الله إنسانا بسيطا وعاديا؟


إنساناً ينفصل عن فترة الرسالة ألف سنة,
فكم من البدع حدثت منذ ألف سنة حتى اليوم؟


وكم من التغييرات يريد هذا القائد
اجراءها على ضوء الإسلام باعتراف المذاهب


الإسلامية والمسلمين؟


لابد أن يمتلك هذا الإنسان نظرة صائبة
وواقعية عن الإسلام مائة بالمائة, أليس
كذلك؟


القائد الذي يولد اليوم يكون مجتهداً
ربما يصيب وربما يخطأ في أحكام الشريعة,
بينما


نحن نقول انّ هذا الإنسان الذي أناط الله
به تغيير الحياة, ويريد أن ينجز أهداف


الأنبياء كلها على يديه لابد أن يرتبط
بالسماء, ويمتلك طاقات معنوية ربانية
وذخائر


روحية وأن يكون قد درس الشريعة, ووصل إلى
لبابها والى منهج الله تعالى, واليوم لا


يمكن أن يولد إنسان في ظل هذه الحضارات
الزائفة, وتناط به مهمة التغيير العالمي


كله, هذا الإنسان لابد أن يرتبط بالرسول
صلى الله عليه وآله والسلسلة المعصومة،
وما


أحسن قول شاعرهم في الحث على أتباعهم:


ووال أناساً قولهم وحديثهم روى جدنا عن
جبرائيل عن الباري.(23)


ألم يقل علي بن أبي طالب عليه السلام:


«علمني رسول الله ألف باب من العلم, يفتح
لي من كل باب ألف باب».(24)


هذه الألف باب من العلم التي انتقلت من
صدر الرسول إلى صدر علي انتقلت هي الأخرى
من


صدر علي إلى صدر الحسن والى الحسين والى
علي بن الحسين إلى أن انتهت إلى الإمام


المهدي عليه السلام , فالإمام المهدي حامل
علوم الرسول, ومتصل بالسماء عن طريق


آبائه المعصومين فلا يمكن أن يخطأ ويزل أو
ينحرف عن حاق الشريعة لحظة من اللحظات.


هذا إذن دليل عقلي على انّ الإمام المهدي
لا يمكن أن يولد في المستقبل, فهو موجود


فعلاً وهو واحد من السلسلة المعصومة سلام
الله عليهم أجمعين.


ولكن مع الأسف هناك كثير من التهم وكلمات
التهريج أثيرت ضدنا لإيماننا بهذه


الحقيقة, يسأل شخص احد العلماء: عندي ميت
وأوصى ان أعطي أمواله إلى أحمق الناس فلمن


أعطي؟ قال: أعطها إلى واحد من الشيعة, لانّ
هذا الشيعي الذي يعتقد بوجود المهدي


إنسان مخرفّ وأحمق!(25)


أو يأتي ابن حجر في مسألة السرداب الذي لا
نعتقد انّ الإمام المهدي فيه فهذه تهمة


ضدنا ويقول ولقد أحسن القائل:


أما آن للسرداب أن يلد الذي


فعلى عقولكم العفا إذ انّكم كلمتموه
وبجهلكم ما آنا


ثلّثتم العنقاء والغيلانا


حينما تأخذ الأدلة الشرعية بعنق الإنسان
للاعتقاد بحقيقة كمسلم فلماذا يشنّ هذه


الحملات؟


ما هي الخرافة ؟


الخرافة هي القول الذي لا يستند إلى العلم
واليقين, أما أنا الذي اعتقد بحقيقة


الإمام المهدي عليه السلام وتسندني
الأدلة الشرعية عليها من يستطيع أن يقف
إمامها


بضرس قاطع؟


أي مسلم يستطيع أن يتنكر لهذه الحقيقة وقد
نص علماء المسلمين بانّ من ينكر الإمام


المهدي أما جاهل بالسنّة أو مبتدع كافر.


من يستطيع أن يقف أمام قول الرسول صلى
الله عليه وآله: «الخلفاء اثنا عشر وكلهم
من


قريش»؟


هل انّ كلامه يبقى بلا تفسير أم لابد أن
يكون الإعتقاد بالمهدي حقيقة تسندنا
الآيات


القرآنية والعقل والأدلة الروائية؟


العقيدة التي لا تمتلك أدلة أو القول الذي
يطلق بلا دليل خرافة.


من جهة ثانية يستغل بعض الشيعة مسألة
الإمام المهدي عليه السلام فعندما يعتقد


بالإمام المنتظر يقول انتظر الفرج لان
الإمام سيظهر ويغير الأرض, ولذا يقول: لا


داعي لان أصلح أو اتحرك أو آمر بالأمر
بالمعروف أو انهى عن المنكر. مادام الإمام


المهدي سيظهر ويغير الأرض إذن اتقاعس عن
كل فساد لتمتلئ الأرض فسادا حتى يظهر.


بأي مبرر هذا وبأي منطق؟


هل تسقط الاحكام الإسلامية والتكاليف
الشرعية كلها؟ الإسلام يقول (كُنْتُمْ
خَيْرَ


أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
وَتَنْهَوْنَ عَنِ


الْمُنْكَرِ)(26) وعلى المسلم أن يسعى
ويقول كلمة الحق.


انّ مسألة انّ الأرض تمتلئ بالفساد حقيقة,
وعلى كل مسلم أن يسعى نحو الإصلاح ضمن


عشيرته وجيرانه وقرابته وإخوانه, ولابد
أن ينشر الخير, ويقول كلمة الله.


النقطة الرابعة: مسائل وشبهات


هناك مسائل وشبهات في مسألة الإعتقاد
بالإمام المهدي, يمكن حلها بطريق عقلي
وشرعي,


لانّ الإنسان المسلم إذا آمن بحقيقة
تعبدا فانّ هذه الشبهات تنهار
اتوماتيكياً.


من الشبهات: مسألة طول عمر الإمام المهدي
عليه السلام هل يمكن لإنسان أن يطول عمره


لهذه الفترة الطويلة من الزمن؟


الجواب: ان العلم لا يمانع من هذا أبداً.
هذه المسألة أولاً ليست كقول العقل انّ


الحرارة والبرودة لا يجتمعان في مكان
واحد, أما أن العمر يطول أو لا يطول فانّه


ليس حكماً عقلياً, بل العقل يقول انّه
ممكن ولا يحكم بالإستحالة.


ولو نسأل العلم بتجاربه المتقدمة هل يمكن
أن يطول عمر الإنسان؟ يقول العلم انّه


ممكن.


صحيح انّ هذه المسألة لم تتحقق عمليا حتى
الآن, لكن العلم في خطوطه المتطورة لا


يمنع من إطالة عمر الإنسان, فرغم قانون
الشيخوخة إما بسبب احتكاك البدن الإنساني


بالعوامل الخارجية، أو انّ خلايا الإنسان
بنفسها تهرم ولابد ان تسلك هذا الطريق


وعلى كلا التقديرين فان بامكان العلم
بالأساليب المتطورة أن يوفر الظروف
لإطالة عمر


الإنسان ويتغلب على هذه المشاكل.


ثم إننا نقرأ في التاريخ كم من المعمرين
عمّروا في الماضي مئات السنين, فإذا جاز أن


يكون عمر إنسان ثلاثمائة سنة جاز أن يكون
ألف سنة ولا مانع من ذلك.(27)


يبقى ان تقولوا انّ العلم لم يكتشف هذه
الحقيقة, لكن الدين سبق العلم في ذلك, ألم


يتحدث القرآن:


(سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ
لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ
إِلَى


الْمَسْجِدِ الأَْقْصَى الَّذِي
بارَكْنا حَوْلَه).(28)


بأي طريق اسري برسول الله؟ هل كان في ذلك
اليوم صاروخ؟


لقد ذلل الله العسير, واستناداً إلى سنن
طبيعية لم يكتشفها العلم في ذلك الزمان


هيأها الله تبارك وتعالى لرسوله, وجعلها
تسري به إلى المسجد الأقصى.


لو تسأل العلم: هل يمكن لأحد أن يصل إلى
الشمس؟ لاجاب لا يمكن حتى في المستقبل,


لأنّه لا يملك ذاك الدرع الواقي الذي يقيه
من حرارة الشمس, لكن لو تسأله هل يمكن أن


يطول عمر الإنسان؟ لاجاب لا مانع, إذ من
الممكن ان نهيئ الظروف فيطول عمر الإنسان


في المستقبل، إذن هذا أمر علمي ممكن, لكنه
لم يُكتشف.


الدين والإسلام سبقا العلم في ذلك, فصمم
الله عمر وليه الإمام المهدي عليه السلام


على أن يكون طويلاً لحكمة ومصلحة إلهية,
ويعيش كل الحضارات الزائفة, وينظر إليها


بعين الحقارة, ثم ليظهر غالباً مظفراً
منتصراً على كل الكيانات الزائفة.


ومن ناحية إسلامية يحدّث القرآن انّ نوحا
لبث في قومه ألفاً الا خمسين عاما, يعني


يدعو إلى الله 950 سنة فكم كان عمره؟


كأنّه شاء الله أن يقضي على الفساد
والفوضى على يد رجلين في هذه الأرض طال
عمرهما:


الرجل الأول هو نوح عليه السلام حيث طهّر
الأرض من الفساد عن طريق الطوفان، والرجل


الثاني هو الذي سيملأ الله تبارك وتعالى
الأرض على يديه خيراً وبركة وعدلاً وهو


الإمام المهدي عليه السلام.


ولعل أحسن من بحث الموضوع بشكل عقلي هو
الشهيد السيد محمد باقر الصدر في كتاب (بحث


حول المهدي) رغم انّه كتبه مقدمة لكتاب.
ويوجد كتاب بحثه بشكل شرعي عنوانه (المهدي)


للسيد صدر الدين الصدر جمع فيه أحاديث
السنّة في مسألة الإمام المهدي.


النقطة الخامسة: فائدة وجود الإمام
المهدي عليه السلام


ما فائدة وجود الإمام المهدي الآن؟


هذه المسألة مسألة غيبية بالدرجة الأولى,
كما إنّنا لا ندري لماذا نطوف حول البيت


سبع مرات؟ ولماذا تكون صلاة الصبح
ركعتين؟ لا ندري.


لكن توجد في الروايات مقرّبات للحكمة
فلماذا الإمام المهدي عليه السلام غائب؟
تقول


الرواية انه كالشمس إذ يجلّلها السحاب(29)،
يعني أن الشمس عندما يجللها السحاب هل


نعدم فوائدها؟ كلا, فمن فوائد وجود الإمام
عليه السلام:


أولا: انه يعيش بين ظهرانينا وموجود على
الأرض, وتقول الروايات ربما يمر علينا في


مكان ونراه لكن لا نعرفه, تضلله الشمس هذا
الستر المادي لا يمنع من فائدة الإمام


سلام الله عليه, وكما قال الإمام العسكري
انّ الله لم يخلِ الأرض من حجة ولا


يخليها, لأنهّ يمنع البلاء عن الأرض بهذه
الحجة وينزل الغيث, وتخرج الأرض بركاتها,


فهو كالشمس إذ تجللها السحاب.


ثانياً: انّ المادية اليوم متشائمة في
العالم, لانّ استخدام هذه الأسلحة المدمرة


لدى أمريكا وروسيا والعالم معناه تدمير
العالم, انّ نهاية البشرية ومصيرها مرعب
وهو


مظهر ملؤه التشاؤم والتطير, والإنسان
يعيش حالة الذعر في هذه الحياة، أما
الإنسان


الذي يعتقد بالإمام المهدي عليه السلام
فلا يشعر بهذا الرعب أبداً, لأنّه يؤمن أنّ


الحياة لا تنتهي على يد الأشرار, وانّ
الحياة لابد أن يكون لها هدف, ومن وجود ذلك


المصلح العظيم, لابد أن يظهر حجة الله
ويقضي على كل الأشرار ويطبّق العدل على
وجه


الأرض.


يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: يخرج
المهدي بعد زلزال وبعد اختلاف شديد بين


الناس, فيملأ الأرض قسطا وعدلاً, وينشر
الخير. تقول رواية أن المهدي عندما يخرج


يملأ قلوب الأمة غنى ويسعها عدله, وينادي
المنادي ألا من له حاجة إلى المال فليأتِ.


هذه الرواية عن طريق السنة ثم تقول: لا
يأتي أحد إلى الإمام إلا واحد فيقول: أنا


محتاج للمال اعطني, يقول له الإمام: امضِ
إلى السادن, يأتي إلى خازن بيت المال


فيقول له: خذ كل ما تريد, يأخذ ما شاء الله
من النقود, لكنه لا يستطيع أن يوصله إلى


بيته, فيلقي بعضه ليأخذ البقية فيراه
كثيرا, يرجع إلى الخازن ويقول له: أرجوك خذ


المال, لا أريده, أنا أجشع امة محمد نفساً,
كل الناس لم يأخذوا من الأموال الا أنا،


فيقول له السادن: لا نسترجع ما أعطيناه,
خذه.(30)


هكذا تنتشر العدالة في ظل الإمام المهدي
عليه السلام وهكذا آمالنا كبيرة, وكلنا


تفاؤل بانّ اليد الغيبية لابد ان تنقذنا
وتخلصنا من كل شر وشقاء على وجه الأرض.


ثالثاً: نحن نعتقد بانّ الإمام المهدي
سيظهر وليس في عنقه بيعة لظالم(31), والجدير


بمن يعتقد بالإمام المهدي أن يعيش مثل
الإمام المهدي ان لا يخضع لظلم وان لا يؤيد


ظالما.


رابعاً: في الروايات أن أعمال الأمة تعرض
مرتين في كل أسبوع على الأئمة ومنهم


الإمام المهدي.(32)


يا شيعة المهدي:


حذار من أن تقدم صفائحكم سوداء إلى الإمام
المهدي عليه السلام, بيّضوا وجوهكم عنده,


ارتبطوا به عاطفياً وروحياً وعملياً
دائماًَ وليرتبط أولادكم به استغيثوا,
توسلوا


بالإمام المهديعليه السلام ففي الروايات
انّ الإنسان الذي يثبته الله على إمامة


المهدي هو الذي يدعو بتعجيل الفرج عن
الإمام المهدي عليه السلام اللهم عجل
فرجه,


وسهل مخرجه, واجعلنا من أنصاره وأعوانه.


بعد كل هذا أن الإمام المهدي هو المنتقم
الإلهي الأكبر, وهو الذي يشفي صدورنا من كل


ظلم وغيض, ويرجع الظلامات إلى أصحابها. ما
أكثر ما رأينا من ضياع وتشرد وظلم في


التاريخ. عندما تسمع انّ المختار قتل قتلة
الحسين كم يفرح قلبك؟ لكن المختار فعل


جزءا ضئيلا, أما الإمام المهدي فحين يظهر
ينتقم من كل عدو وظالم ويأخذ بثار كل


الدماء الطاهرة عبر التاريخ ولذلك طالما
تغنّى شعراؤنا بالإمام المهدي وتوسلوا به.


كان السيد حيدر الحلي من أعظم الذين
ارتبطوا بالإمام المهدي ارتباطا دائماً,
يذكر


الإمام يقول له: سيدي متى تظهر؟ يذكره
بمصائب أجداده الطاهرين ويقول له:


فلا وصفحك انّ القوم ما صفحوا ولا وحلمك
انّ القوم ما حلموا


ثم يقول:


فحمل أمك قدماً اسقطوا حنقاً وطفل جدك في
سهم الردى فطموا


ويقول في قصيدة أخرى قرأها على سمع الإمام
المهدي في الطريق إلى كربلاء وكان عليه


السلام قد طلب منه قراءتها وأخذ يبكي:


سيدي كم ذا القعود ودينكم


تنعى الفروع أصوله


ماذا يهيجك ان صبرت


أترى تجيء فجيعة


حيث الحسين على الثرى


ورضيعه بدم الوريد هدمت قواعده الرفيعة؟


وأصوله تنعى فروعه


لوقعة الطف الفظيعة؟


بأمضّ من تلك الفجيعة؟


خيل العدا طحنت ضلوعه


مخضب فاطلب رضيعه


يقال حين يظهر المهديعليه السلام يأتي
إلى كربلاء يمد يده إلى الحائر الحسيني
فيخرج


عبد الله الرضيع والسهم مشتبك في نحره,
فينادي: يا أهل العالم! ما ذنب هذا الرضيع


حتى يذبح من الوريد إلى الوريد.


اللهم عجل لوليك الفرج, وهب لنا دعاءه
وخيره, واجعلنا من أنصاره وأعوانه.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الهوامش


(1)- سنن أبي داوود، ج2: 309، باب 31 _ كتاب
المهدي، ح 4282، سنن الترمذي، ج3: 343،


باب 44 _ ما جاء في المهدي، ح 2331 و2332، مسند
أحمد، ج 1: 99... وقد ورد الحديث


بألفاظ مختلفة... منها: «لو لم يبق من
الدهر... لبعث الله منا... حتى يملك رجل منم


أهل بيتي... يبعث رجلاً مني...»...


(2)- سورة الحديد: الآية 25.


(3)- الأزرية للشيخ الأزري: 32.


(4)- سورة المجادلة: الآية 21.


(5)- سورة النور: الآية 55.


(6)- لمزيد من الإطلاع راجع محاضرات في
النصرانية لأبي زهرة: 26 _ 27، المسيح في


القرآن والتوراة والإنجيل: 533.


(7)- صحيح مسلم، ج8: 185، مسند أحمد، ج3: 317،
مجمع الزوائد، ج7: 316... وقد روي


الحديث بالفاظ مختلفة، منها: «من خلفائكم
خليفة يحثو المال حثياً لا يعده عدداً»،


«يكون في آخر أمتي خليفة يحثو المال حثواً
لا يعده عداً»، «يكون في أمتي خليفة يحثو


المال في الناس حثياً».


(8)- صحيح البخاري، ج4: 143، صحيح مسلم، ج1، 94.


(9)- سنن أبي داوود، ج2: 309، ح 4282، سنن
الترمذي، ج3: 343، ح 2331... وقد ورد


بلفظ: «لا تذهب، أو لا تنقضي الدنيا...».


(10)- لاحظ كتاب المهدي للسيد حسن الصدر.


(11)- لاحظ كتاب منتخب الأثر للشيخ الصافي.


(12)- سئل ابن حجر عمن أنكر المهدي... فأجاب:
أن ذلك إن كان لإنكار السنة رأساً فهو


كفر يقضى على قائله بسبب كفره وردّته
فيقتل...


وقد ذكر المتقي الهندي في كتابه البرهان:
178، هذه الفتوى، وأوردها المفتي ابن حجر


مختصرة في الفتاوى الحديثية: 37. وقد روي
حديث إنكار المهدي في عقد الدرر للشافعي


السلمي: 157، ب 7، فرائد السمطين للحموي
الجويني، ج2: 334، ح 585، ينابيع المودة


للقندوزي الحنفي، ج3: 295، باب 78، ح1...
وغيرها من المصادر.


(13)- مجلة الجامعة الإسلامية، العدد: 3،
السنة الأولى: 161 _ 162 (المدينة


المنورة).


(14)- أنظر النهاية لابن الأثير، ج1: 96 و301
و302.


(15)- صحيح مسلم، ج6: 22، مجمع الزوائد، ج5: 218،
الكافي للكليني، ج1: 376، باب «من


مات وليس له إمام...»، ح 1 _ 3، وقد ورد
الحديث بألفاظ عدة، فلاحظ.


(16)- صحيح البخاري، ج8: 127، صحيح مسلم، ج6: 3،
أما لفظة «عدة نقباء بني اسرائيل»


فقد رواها الحاكم في المستدرك على
الصحيحين، ج4: 501، والطبراني في المعجم
الكبير،


ج10: 157، ح 10310.


(17)- تاريخ الخلفاء للسيوطي: 12.


(18)- حديث الغدير، أخرجه الحاكم في
المستدرك، ج3: 109، وقال: هذا حديث صحيح على


شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله، ورواه
النسائي في سننه، ج5: 45، ح 8148، وابن كثير


في البداية والنهاية، ج5: 228.


(19)- الكافي للكليني، ج1: 292 _ 329، وفيه أبواب
في الإشارة والنص على كل إمام من


الأئمة عليهم السلام.


(20)- تاريخ ولادته عليه السلام رواه جماعة
من أعلام القوم على ما في شرح إحقاق


الحق للسيد المرعشي النجفي ج13: 88، وج 19: 633،
منهم العلامة ابن طولون الدمشقي


الحنفي في «الشذورات الذهبية»: 117، (ط:
بيروت)، ومنهم العلامة ابن طلحة الشافعي
في


«مطالب السؤول»: 89 (ط. طهران)، والعلامة
ابن خلكان في «وفيات الأعيان»، ج1: 571 (ط


بولاق بمصر)، والعلامة ابن الجوزي في
«تذكرة الخواص»، 204 (ط. طهران)، والعلامة


الشبلنجي في «نور الأبصار»: 168 (ط:
الشعبية)، والكنجي الشافعي في «كفاية
الطالب»:


458 (ط: الغري)، والحافظ الذهبي في «العبر»:
(ط: الكويت)...


(21)- راجع نص الرواية في كمال الدين للصدوق:
384، باب 38، ح1.


(22)- راجع كمال الدين للصدوق: 442، باب 43 «ذكر
من شاهد القائم ورآه وكلمه»، ح 16


_ 26، الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي:
605، ح 553 _ 562،...


(23)- الصراط المستقيم للعاملي، ج3: 207.


(24)- مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب، ج1:
204.


(25)- روضة الطالبين للنووي، ج5: 157، قال: ولو
أوصى لأجهل الناس... فإن قال من


المسلمين... قال المتولي: يصرف إلى
الإمامية المنتظرة للقائم...


(26)- سورة آل عمران: الآية 110.


(27)- لمزيد من الإطلاع راجع كتاب كمال
الدين للصدوق: 523، الباب 46 (ما جاء في


التعمير)، والباب 49 إلى 54، وفيه ذكر من
عمّر من الأمم السالفة، فلاحظ.


(28)- سورة الإسراء: الآية 1.


(29)- أنظر نص الحديث في كمال الدين للصدوق:
250، ب 23، ح 3.


(30)- مسند أحمد، ج3: 52، كنز العمال، ج 14: 261، ح
38653.


(31)- عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
«يقوم القائم وليس في عنقه بيعة لأحد»،


راجع كتاب الغيبة للنعماني: 191، ح 45 و46،
كمال الدين للصدوق: 480، باب 44، ح 1 _


5.


(32)- راجع البحار للمجلسي، ج 23: 333، باب 20
«عرض الأعمال عليهم، عليهم السلام


وأنهم الشهداء على الخلق».


المحاضرة الثالثة أسباب الغيبة ومعنى
الإنتظارالمحاضرة الثالثة


أسباب الغيبة ومعنى الإنتظار


بسم الله الرحمن الرحيم


قال رسول الله صلى الله عليه وآله:


«لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل
الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي,


اسمه اسمي, وكنيته كنيتي, فيملأ الأرض
قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلما وجورا».(1)


هناك نقاط مهمة نتعرض لها:


النقطة الأولى: عمر الإمام المهدي عليه
السلام


من المسائل المطروحة حول قضية الإمام
المهدي عليه السلام هي مسألة العمر
الطويل,


حتى قال بعض العامة إذا أوصى إنسان ان
تعطى أمواله لأجهل الناس فإنّها تعطى
للشيعة


لأنّهم يعتقدون بالمهدي وعمره الطويل(2)!
رغم ان هذا البعض يعتقد بالمهدي عليه


السلام أيضاً ولكنه يقول انّه سيولد,
فإشكاله على الشيعة هو مسألة العمر الطويل


للحجة عليه السلام.


هذا القول والإشكال غريب في الواقع،
واعتقد انّ اجهل الناس ليس من يعتقد بطول
عمر


الإمام المهدي عليه السلام بل الذي لا
يعتقد بطول العمر, ويسيء الظن بقدرة الله


تعالى, والمسألة تماماً كما يحدثنا
القرآن الكريم عن بعض المشركين الذين
كانوا


يستبعدون أمر المعاد ويقولون:


(أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً
وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ).(3)


القرآن ينكر عليهم هذا التشكيك
والإستبعاد ويقول:


(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي
رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا


خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ
نُطْفَةٍ).(4)


انتم تستبعدون العودة لكن فكّروا في
أصلكم من أين؟ من نطفة وعلقة ومضغة إلى
تكون


إنساناً كاملاً.


إذن الذي يسيء الظن ويجهل قدرة الله إلى
هذا الحد هو الجاهل، وليس الذي يعتقد بها،


ثم ان المسألة لا تصطدم مع العقل فانه يرى
بعض الأمور مستحيلة كوجود المعلول بلا


علة واجتماع النقيضين ولا يحيل العمر
الطويل, كما لا تصطدم مع العلم .


أجل, إننا لم نشاهد عادة إنساناً يعمّر
هذا العمر الطويل اعتيادياً لكن مسألة


العادة غير العلم والعقل, فإذا جاءت
النصوص المعتبرة والأدلة القطعية لتؤكد
وجود


الإمام المهدي عليه السلام فماذا نصنع
إزاءها وهي التي النصوص التي نأخذ شريعتنا


عن طريقها؟ أن أحاديث النبي صلى الله عليه
وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام تدل


على وجود المهدي عليه السلام فلا مجال لنا
إلاّ أن نتعبد بها, والمسألة عقائدية


التي دلت عليها النصوص المعتبرة عن النبي
صلى الله عليه وآله وروتها كل فئات


المسلمين لا يكون صرف الاستبعاد دليلاً
منطقيا وعلمياً أمام الأدلة القاطعة.


ثم ليست هي المرة الأولى التي يمر فيها
شخص عمره طويل على الإنسان المسلم, وعلى حد


قول السيد ابن طاووس: إذا جاء شخص يمشي على
البحر فان الناس يجتمعون متعجبين, وفي


اليوم الثاني إذا جاء آخر وقال أنا امشي
على الماء أيضا ضعف الإستبعاد, وفي اليوم


الثالث سوف لا يجتمع الناس لأنّه أصبح
أمرا غير غريب.


فمسألة طول عمر الإمام المهدي ليست غريبة
لدى المسلم لانّ القرآن يصرح عن نوح _


مثلاً _:


(فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ
خَمْسِينَ عام).(5)


وصريح القرآن عن يونس:


(فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ
الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ
إِلى


يَوْمِ يُبْعَثُونَ)(6) يعني من الممكن أن
يطول عمره في بطن الحوت بقدرة الله.


كل المسلمين يعتقدون بانّ عيسى بن مريم
عليه السلام حي وانّه ينزل فيصلي خلف
الإمام


المهدي عليه السلام(7) وصريح القرآن:


(وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ
لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ).(8)


ليس فقط عيسى بن مريم بل يقرّ الكثير من
المسلمين بحياة الخضر، كما ان إدريس حي في


اعتقاد الكثير من المسلمين، وحتى إبليس
هذا الوجود الشرير قد طلب العمر الطويل من


الله وقال:


(قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ * قالَ إِنَّكَ مِنَ


الْمُنْظَرِينَ).(9)


إذا صح منطقنا الإسلامي القرآني هذا
فلماذا الإستبعاد؟ هل تستبعد قدرة الله؟
انه


سوء ظن بالله الذي خلقك, وفي منظارنا يكون
الإيجاد من العدم أصعب من الإعادة مرة


ثانية. أنّ إيجاد الإنسان في تلك الظلمات
الثلاثة والمراحل التي مرت على الإنسان هي


أصعب من العمر الطويل قطعاً.


رحم الله الشهيد الصدر (ره) له كلمة يقول
فيها:


أنتم تستغربون العمر الطويل للإمام
المهدي عليه السلام والأجدر بكم أن
تستغربوا


مهمة هذا الإنسان، المهمة التي لم تكن على
وجه الأرض, هذا الإنسان الذي يظهر بنهضة


عالمية شاملة فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً
كما ملئت ظلماً وجوراً، الإنسان الذي يفرغ


كل الحضارات من محتواها الفاسد, ويقيم
حضارة ربانية في الأرض, الإنسان الذي يقضي


على كل القوى فلا تبقى إلاّ قوة التوحيد
والإسلام مسيطرة على الأرض, أليست هذه
مهمة


غريبة، المهمة التي لم تنجز على أيدي
الأنبياء حتى خاتم الأنبياء صلى الله عليه


وآله.(10)


لا يحصل التباس, فنحن الشيعة نعتقد بانّ
النبي محمد صلى الله عليه وآله هو أفضل


موجود على ظهر هذا الكوكب, وكل الشيعة
يعتقدون بقول شاعرنا الأزري:


قلب الخافقين ظهراً لبطن فرآى ذات احمد
فاجتباها


لكن الظروف الموضوعية ما كانت مهيأة أيام
النبي صلى الله عليه وآله ليقوم بهذا


الدور المهم, وستتهيأ للإمام المهدي عليه
السلام, وبدعم الغيب سيقوم بهذا الدور


الشامل على وجه الأرض.


أليس من الغريب أن ينزل نبي من أنبياء
أولي العزم وهو عيسى بن مريم عليه السلام


فيصلي خلف الإمام المهدي عليه السلام؟


هذا ما يقوله البخاري في صحيحه:


«كيف بكم إذا نزل بن مريم فيكم وإمامكم
منكم».(11)


النقطة الثانية: سبب غيبة الإمام عليه
السلام


لماذا غاب الإمام المهديعليه السلام وما
هي الفائدة من إمام مستور عن الأنظار؟


هناك نص وارد عن الإمام جعفر الصادق عليه
السلام يبين لنا الجواب على هذا السؤال:


يروى عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قوله:


كنت عند الإمام أبي عبد الله الصادق عليه
السلام إذ التفت إليّ فقال:


«يا بن الفضل أنّ لصاحب هذا الأمر غيبة
يرتاب فيها كل مبطل، قلت له سيدي جعلت
فداك:


لم هذه الغيبة؟ فأجابني: يا بن الفضل لأمر
لم يؤذن لنا في كشفه، قال يا أبا عبد


الله: ما هي الحكمة في غيبته؟ فقال: يا بن
الفضل وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة


فيمن تقدمه من حجج الله, وان وجه الحكمة في
غيبته لن يكشف إلاّ بعد ظهوره، كما خرق


خضر السفينة, وقتل الغلام, وأقام الجدار
لليتيمين إلاّ عند افتراقهما، افتراق
الخضر


عن موسى، يا بن الفضل أنّ ذلك أمر من أمر
الله, وسر من سر الله, وغيب من غيب الله,


ومتى آمنا بانّ الله حكيم صدقنا بانّ
أقواله وأفعاله حكيمة وان لم يكشف لنا عن


الوجه في ذلك».(12)


خلاصة جواب الإمام هي:


انّ المسألة إذا آمنا بها عن طريق النصوص
المعتبرة فانّها تعود غيبية, والدليل على


انّ المسألة غيبية هو بعض الآيات
القرآنية, فقد لاحظت في الروايات في تفسير
الآية:


(الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا
رَزَقْناهُمْ


يُنْفِقُونَ)(13) تقول: يؤمنون بالغيب يعني
يؤمنون بالمهدي(14), ولا أقول انّ تفسير


الآية هو هذا لانّ تفسير الآية مطلق يشمل
كل شيء غيبي: أي يؤمنون بالله, الملائكة


والشيء الغائب عن الحواس فيؤمنون به عن
طريق العقل.


ومن المسائل الغيبية التي يجب انّ نتعبد
فيها هي هذه المسألة ما دام أنّها ثبتت عن


طريق الأدلة, يعني نحن آمنا بالإسلام
كقاعدة, وآمنا بالقرآن ككتاب منزل من قبل
الله


تعالى, وآمنا بالنبي صلى الله عليه وآله
خاتم الأنبياء والمرسلين, وآمنا بأنّه لا


ينطق عن الهوى, ان هو الاّ وحي يوحى, وفي
الأخبار المتواترة أخبر النبي صلى الله


عليه وآله بانّ المهدي موجود ولابد أن
يظهر, وعنه صلى الله عليه وآله:


«من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة
جاهلية».(15)


«الخلفاء من بعدي اثنا عشر وكلهم من
قريش».(16)


وصلنا إذن إلى هذه النتيجة وهي انّ المهدي
واحد من اثني عشر, وانّ كل زمان لا يمكن


أن يخلو من إمام(17), والإمام الموجود في
هذا العصر هو المهدي عليه السلام.


انّنا إذا لم نعرف السبب نتعبّد بالشريعة,
وهل الإنسان يعرف كل شيء في كل الكون


الذي تسوده ملايين الأنظمة والقوانين
التكوينية؟


هل اكتشف علماؤنا كل ما يوجد في الشريعة
من حكم ومصالح؟


أين الإنسان من العلم، والعلماء يقولون
لم تصل نسبة جهلنا إلى علمنا نسبة قطرة إلى


البحار والمحيطات؟


ماذا نعرف من السنن التكوينية أو
التشريعية, والإمام يؤكد على هذه النقطة,
فعندما


مشى الخضر مع موسى عليه السلام _ يقولون
انّ موسى وهو نبي من أولي العزم ابتلي بهذه


القصة لانّ الله أراد أن ينبهه انّك لست
بأعلم الناس حيث توجد أشياء في الدنيا لا


تعلم بها, ولذلك قال له إذهب إلى ذلك
المكان المعين والتق بالخضر عليه السلام.


ولما قتل الخضر ذلك الغلام، قال قتلت
نفساً زكية بغير ذنب, قال ألم اقل لك اصبر,


ولما جاء إلى السفينة وخرقها قال أتخرق
سفينة لا تملكها؟ ثم جاء إلى الجدار
وأقامه


في حين لم يضيفهما أهل تلك المنطقة. ترى
انّ الله أراد أن يعلم موسى بوجود مناطق


غيبيه في هذا العالم لا يعرفها والخضر
يعرفها.


إذن كلنا جهل لا ندري ما يدور في هذا
العالم, فمادام انّ المسألة ثبتت عن طريق


الأدلة الشرعية يبقى السؤال: لماذا غاب
الإمام؟


الجواب: إنّنا لا نعلم, هذا مجهول, والإمام
يقول انّ الوجه في غيبة الإمام لا يظهر


إلا عند ظهوره سلام الله عليه.


فوائد غيبة الإمام عليه السلام


ما هي الفائدة من وجود إمام غائب مستور عن
الأنظار؟ يمكن الإشارة إلى هذه الفوائد:


الأولى: هناك روايات معتبرة عن رسول الله
صلى الله عليه وآله كقوله:


«أهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل
بيتي ذهب الأرض»(18) _ «لا يزال هذا الدين


قائماً أو يكون عليكم اثنا عشر وكلهم من
قريش فإذا ذهبوا ساخت الأرض بأهلها».(19)


يقول الله عزّ وجل للنبي صلى الله عليه
وآله:


(وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ
وَأَنْتَ فِيهِمْ).(20)


وأهل البيت كذلك, فصريح قول النبي صلى
الله عليه وآله يعني: لولا الإمام المهدي


ولولا وجود الإنسان الكامل لنزل البلاء
على هذا الكون ولما بقيت الأرض، إذن
وجودنا


كله والبركات الموجودة والعلوم التي
نتوصل إليها قد جعلها الله ببركة وجود
الإنسان


الكامل.


هذه الكلمة المعروفة _ لو خليت لقلبت _ لا
تعني من الناس الصالحين فقط وإنّما من


الإنسان المعصوم الكامل, فوجود الحياة
مرتبطة به, كما عند كثير من أهل العرفان
انّ


الحياة لابد لها من وجود إنسان كامل,
والإنسان الكامل لا ينطبق إلاّ على
الإنسان


المعصوم .


الثانية: على حد قول نصير الدين الطوسي:
وجود الإمام الحجة.


لطف, وتصرفه لطف آخر, وعدمه من(21), لماذا
الإمام الآن غائب؟


أليس السبب في غيبته هو الظلمة والطغاة؟
إذن نحن البشرية الظالمة السبب في غيبة


الإمام.


الثالثة: من قال انّ الإمام المهدي مستور
تماماً؟ ربما ينكشف عليه السلام لبعض


الأولياء في الأمور المهمة, ربما يلهم أو
يحضر عند بعض الأولياء, قد يعطيهم برنامجا


لا نستطيع أن نتأكد مائة بالمائة انّ
الإمام غائب عن كل الناس, ربما يلتقي ببعض


الناس ويعطيهم بعض البرامج, الله العالم.


إذن لا نستطيع ان نقول الإمام غائب
تماماً, الإمام الصادق يقول لسليمان بعد
سؤاله


عن فائدة الإمام المستور: كفائدة الشمس
حين يسترها السحاب.(22)


النقطة الثالثة: معنى الانتظار


ورد في الرواية عن رسول الله صلى الله
عليه وآله:


«أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج».(23)


وهناك رواية أيضاً عن أمير المؤمنين عليه
السلام بهذا المعنى.(24)


عندما نعتقد بالإمام المهدي عليه السلام
فانّ هذه العقيدة فيها لوازم وخصائص


ومميزات:


الأولى: انّ هذا الإنسان ينظر إلى مستقبل
البشرية نظرة متفائلة, فالنظريات اليوم


تذهب بانّ الدنيا ملازمة للشر والشقاء
والإنسان لا يستطيع أن يتخلص من هذا الشر,


فأحسن خطوة يقدم عليها الإنسان العاقل هي
أن ينتحر ويخلص نفسه من شر الدنيا!


هناك نظرية أخرى تُنقل عن أنشتاين يقول
فيها انّه يرى انّ أجل البشرية أوشك على


الإنتهاء, وانّ البشرية بواسطة التقدم
التكنولوجي وتقدم الوسائل العلمية ليس
بينها


وبين القبر الذي حفرتها بأيديها لنفسها
إلاّ خطوة واحدة، إذن لا يوجد أمل, ومستقبل


البشرية مظلم.


طبعاً الإنسان عندما ينظر إلى القرآن
والأدلة الظاهرية يراها نظرية معقولة حسب


الظاهر, فعندما يكون مصيرك بأيدي
المستكبرين ووسائل الدمار بأيديهم ففي
لحظة من


اللحظات ينتهي كل شيء.


هناك نظرية الماركسية _ وبحمد الله انتهت _
تقول لا شر ولا شقاء في الدنيا إلاّ


بسبب الملكية الفردية, ومتى ما تقدمت
وسائل الإنتاج وقضينا على الملكية
الفردية


وطبقت الشيوعية فسوف يقضي على كل شر وشقاء
في الدنيا.


هناك نظرية رابعة تقول: أنّ هناك خللاً في
الحضارة المادية لكن هذا الخلل لم يأت من


طبيعة الإنسان وإنّما هناك نقص معنوي
وخلل أخلاقي في حضارة البشر, فلا تزال
الشهوة


والحقد والغضب تحكم مسيرتها وعقلها, يعني
انّ العقل اليوم لا يسيّر البشر وإنّما


الشهوة والغضب, البشرية تعيش عدم النضج
فمتى تنجو البشرية من هذا الشقاء؟


تنجو إذا سارت في طريق التكامل الأخلاقي
والإجتماعي والفكري, ومتى يكون هذا


التكامل؟


هذه النظرية تقول يكون هذا التكامل حين
تفرّغ الحضارة من محتواها الفاسد, حين
تجتث


جذور الظلم والفساد من الأرض، إذن هناك
مستقبل مشرق وزاهر للبشرية.


على يد من يتحقق هنا الأمل في انتصار
الإنسانية في هذه الحياة؟


هذا المستقبل المشرق سوف لن يتحقق إلاّ
على يد ولي الله المهدي عليه السلام وهذه


نظرية أهل الدين:


(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ
بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَْرْضَ
يَرِثُها


عِبادِيَ الصَّالِحُونَ).(25)


تلك هي الميزة الأولى من مميزات انتظارنا
للفرج.


الثانية: القضاء على الإستكبار
والإستعباد وانتصار الحرية والعدالة
والتوحيد وكل ما


هو شريف في الدنيا.


الثالثة: الحكومة العالمية الواحدة على
يد الإمام المهدي عليه السلام.


الرابعة: أعمار جميع نقاط الأرض بحيث لا
تبقى منطقة خربة في الأرض.


الخامسة: النضوج العقلاني للبشر وتحرر
البشر من الغرائز الهابطة


السادسة: توزيع الثروة على البشر بشكل
متساو, وهذا وارد في الروايات انّ الإمام


المهدي يوزع الثروة بشكل متساوٍ(26) مع
زوال شبح الحروب والقلاقل والإضطرابات,


وانتشار الأمن والسلام في الدنيا,
والقضاء على الفساد كالزنا والربا والظلم


والخيانة والقتل.


ثم انسجام الإنسان مع الطبيعة, هذه بعض
المميزات لعصر الإمام المهدي عليه السلام


فنحن حين ننتظر ذلك العصر تنتظره بكل هذه
الخصائص والمميزات.


لنعرف ما هو معنى الإنتظار؟


الكثير من الناس يتصور أن الإنتظار هو انه
إذا رأى منكرا وفسادا أن يقول للفساد


انتشر حتى يظهر الحجة عليه السلام وهذا لا
يجوز. أين الأمر بالمعروف والنهي عن


المنكر, (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ


وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)(27)؟
الإنتظار إذن ليس معناه التكاسل والتخلي
عن


المسؤوليات وإنّما يعني انّ الإنسان
ينتظر وضعاً أفضل، كالمريض ينتظر لشفاء
العاجل


أو المسافر ليلا أو نهارا تنتظر عودته،
أنت عندما تنتظر عودة مسافر تتهيأ له أو
لا؟


إذن كل انتظار يلازمه لون من التهيؤ
والإعداد النفسي. يا ترى نحن المنتظرون
للمهدي


هل يجب ان نستعد أم لا؟ يجب ان نكمل أنفسنا
خلقياً واجتماعياً وفكرياً حتى نكون


لائقين لنكون جنوداً تحت لواء المهدي
عليه السلام المظفر وهذه نعمة لأنّه ليس
كل


احد يكون جنديا تحت لوائه، كيف نستعد حتى
ننسجم مع الحضارة الجديدة للإمام المهدي,


وقد قرأت بعض النصوص تقول انّ بعض الناس
يستعجلون متى يظهر الإمام, في حين إذا ظهر


الإمام يكون صعباً عليهم. إذن الإعداد
النفسي والفكري والأخلاقي هو معنى
الإنتظار


المهدي عليه السلام، نحن ننتظر الإمام
المهدي حتى يقضي على الظلم، فأنا الذي
اظلم


بالحياة هل انتظر المهدي ليقضي على
الظلم؟


أنا الذي أعيش بحضارة فاسدة وأفلام خليعة
ولا اعرف غير الخلاعة والفساد كيف انتظر


قيام المصلح الذي سيحرق كل المدمنين
بالرذيلة؟


إذن متى انتظر هذا المصلح الذي يقضي على
الرذيلة والفساد والظلم عندما لا أكون


ظالماً لا أؤيد الحضارة الفاسدة بل أتمرد
على هذه الحضارة لأنّني مهدوي.


هناك فلسفة أخرى للانتظار الحقيقي هي
وجود الأمل للإنسان المنتظر, ورد في


الروايات(28) والقرآن الكريم أيضا يقول:


(لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ
الْقَوْمُ الْكافِرُونَ).(29)


اشد جريمة في الإسلام هو اليأس من رحمة
الله، لانّ نتيجة اليأس استمرار العصيان


والجريمة, فعندما أرى هذا العالم المغمور
بالجريمة والرذيلة والفساد أقول هذه


الدنيا كلها فساد فلأكن معهم «حشر مع
الناس عيد» لكن المنتظر للحجة عليه السلام
ليس


كذلك لأنّه يملك قوة عزيمة وأمل ويعلم انّ
هذا الفساد يجب أن يقضى عليه, والصلاح


والفضيلة لابد ان تنتصر وتتغلب في الحياة.


فلسفة الإنتظار إذن لا تذوب إرادة المسلم
في الكيانات الفاسدة بل تبقى باب الأمل


مفتوحة على الإنسان المسلم, فمهما تفشى
الفساد وانتشر الظلام والرذيلة لابد ان


ستمتد اليد الربانية على يد ولي الله
الإمام المهدي عليه السلام ولابد أن يوجد
ذلك


النصير للمظلومين وتزال كل الظلامات
وينكشف الغطاء عن ذلك الوجه المشرق، إذن
أنا لا


أيأس لأنّي لست وحدي بل عندي المهدي عليه
السلام هذا هو معنى الإنتظار


الحقيقي.­­­­­


سلام الله عليك يا بن رسول الله, متى نرى
وجهك ما بيننا كالشمس أضاءت بعد طول


استتار، ذلك الأمل الحلو النغم العذب
الحلم الجميل, الأمنية التي ليس نحن
تعشقناها


فقط بل أئمتنا تعشقوا وجود المهدي عليه
السلام فعندما دخل دعبل الخزاعي على
الإمام


الرضا قرأ القصيدة التائية المعروفة:


مدارس آيات خلت من تلاوة ومنـزل وحي مقفر
العرصات


ثم اخذ يعدد قبور أهل البيت عليهم السلام:


قبور بكوفان وأخرى بطيبة وأخرى بفخ نالها
صلواتي


وأخرى بارض الجوزجان محلها وأخرى بباخمرى
لدى الغربات وقبر ببغداد لنفس زكية تضمنها


الرحمن بالغرفات


ثم أضاف الإمام لدعبل وقال قل:


وقبر بطوس يالها من مصيبة ألحت على
الأحشاء بالزفرات


ثم قال دعبل:


إلى الحشر حتى يبعث الله قائماً يفرج عنا
الهم والكربات


قال له الإمام يا دعبل! تعرف هذا القائم من
هو؟


قال: سيدي لا اعرفه, لكني سمعت عنه من
أئمتي انّه يوجد قائم سيظهر يطهر الأرض,
قال


يا دعبل! انّ ولدي محمد وابن محمد هو علي
وابن علي هو الحسن وابن الحسن هو محمد


المهدي المنتظر عليه السلام.(30)


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الهوامش


(1)- سنن الترمذي, ج3: 343, ح2332, سنن أبي داود,
ج2: 309, ح 4282, المعجم الكبير


للطبراني, ج10: 135, ح 10222, كمال الدين للصدوق:
317, ح4,....


(2)- انظر روضة الطالبين للنووي، ج5: 157.


(3)- سورة المؤمنون: الآية 82.


(4)- سورة الحج : الآية 5.


(5)- سورة العنكبوت: الآية 14.


(6)- سورة الصافات: الآيات 143 و144.


(7)- انظر كنز العمال للمتقي الهندي, ج14: 579,
ح 39652, تاريخ دمشق لابن عساكر,


ج47: 505, ينابيع المودة للقندوزي الحنفي,ج3:
344, الفتن لابن حماد: 230,...


(8)- سورة النساء: الآية 159.


(9)- سورة الأعراف: الآيات 14 و15.


(10)- انظر بحث حول المهدي عليه السلام
للسيد الشهيد محمد باقر الصدر (المبحث


الأول).


(11)- صحيح البخاري, ج4: 143.


(12)- كمال الدين للصدوق: 481, ح11.


(13)- سورة البقرة: الآية 3.


(14)- انظر كمال الدين: 17, 340: ح 19 و20.


(15)- ورد الحديث بالفاظ مختلفة, راجع صحيح
مسلم, ج6: 22, مسند احمد, ج4: 96,


الكافي للكليني, ج1: 376, باب «من مات وليس له
إمام ...».


(16)- انظر صحيح البخاري, ج8: 127, صحيح مسلم, ج6:
3, سنن أبى داود, ج2: 309, ب31,


(كتاب المهدي)...


(17)- انظر الكافي للكليني, ج1: 178, باب «أن
الأرض لا تخلو من حجة».


(18)- كمال الدين للصدوق: 205, ح19, ينابيع
المودة للقندوزي, ج2: 114, ح 320.


(19)- مناقب آل أبى طالب لابن شهر آشوب, ج1: 250,
كنز العمال للمتقي الهندي, ج 12:


34, ح 33861, إعلام الورى للطبرسي, ج2: 161.


(20)- سورة الأنفال: الآية 33.


(21)- تجريد الاعتقاد لنصير الدين الطوسي:
285, شرح العلامة الحلي (ره).


(22)- كمال الدين للصدوق: 207, ح22.


(23)- كمال الدين للصدوق: 644, ح3, المناقب لابن
آشوب, ج3: 527.


(24)- انظر كمال الدين للصدوق: 287, ح6.


(25)- سورة الأنبياء: الآية 105.


(26)- عن أبى سعيد الخدري قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: «أبشركم


بالمهدي... يرضى عنه ساكن السماء وساكن
الأرض, يقسم المال صحاحا, فقال له رجل: ما


صحاحا؟ قال: بالسوية بين الناس...» انظر
مسند احمد, ج3: 27.


(27)- سورة آل عمران: الآية 110.


(28)- منها ما روي عن أمير المؤمنين عليه
السلام في حديث طويل قال: «انتظروا الفرج,


ولا تيأسوا من روح الله فان أحب الأعمال
إلى الله عز وجل انتظار الفرج...» انظر


الخصال للصدوق: 610, ح10.


(29)- سورة يوسف: الآية 87.


(30)- فرائد السمطين للحمويني الشافعي, ج2:
337, ح591.


المحاضرة الرابعة دلائل وجود الإمام
المهدي عليه السلامالمحاضرة الرابعة


دلائل وجود الإمام المهدي عليه السلام


بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم يا سالكي خط الولاية،
السلام على العاشقين لمحمد وآل محمد صلى
الله


عليه وآله، السلام عليكم جميعاً ورحمة
الله وبركاته.


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام
على سيدنا ونبيّنا خاتم الأنبياء
والمرسلين


محمد وآله الطاهرين.


الحديث عن الإمام المهدي عليه السلام
حديث شيّق ومهم ومشرق، ولماذا لا يكون
لذيذاً


وشيّقاً ونحن نقرأ عن النبي صلى الله عليه
وآله أن الإمام المهدي حين يظهر يقسّم


المال صحاحاً, قيل يا رسول الله: وما
صحاحاً؟ قال: أن يقسّم المال بالسوية،
فيقول


للناس: هلموا وخذوا.. فلا يأتي أحد، ثم
يأتي شخص فيقول له الإمام: اذهب إلى السادن


_ أي أمين الصندوق _ فيحثو له المال حيثا،
فيأخذ ويخرج ثم يندم ويقول: كنت أجشع أمة


محمد صلى الله عليه وآله، فيرجّع المال
فيقولون له: نحن لا نرجّع الأموال التي


نعطيها.(1)


هكذا مستقبل تمتلئ الأرض فيه قسطاً
وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً:


«لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله
ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من ولدي اسمه


اسمي وكنيته كنيتي يملأ الأرض قسطاً
وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً».(2)


لا شك أن الحديث عن مثل هذا المستقبل
والغد المشرق للبشرية حديث لذيذ وشيّق،
أما


أنه حديث مهم لأنه يرتبط بمسألة الإمامة
الإلهية وبخط الإمامة الربّانية في
الحياة.


لا أحب أن أطيل في موضوعي وبحثي، وإنما
أركّز بشكل سريع على مسألتين فقط من دون


الدخول في التفاصيل:


المسألة الأولى: أصل فكرة الإمام المهدي
عليه السلام:


من أين أتت الفكرة؟


هل إنها فكرة شيعيّة محضة؟ أم انّ بقيّة
المسلمين يشاركون الشيعة فيها؟


قد يتصوّر بعض الناس أن الفكرة قد اختلقها
الشيعة وليست فكرة إسلامية، ولكننا حين


نرجع إلى كتب الأحاديث والتأريخ نرى أن من
ألّف في المهدي من علماء السنة أكثر من


علماء الشيعة، وقد نصّ علماء المسلمين, بل
أكّدوا على تواتر أحاديث الإمام المهدي


عجل الله فرجه.


أقرأ لكم كلمات بعض العلماء الناصّة على
التواتر:


قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج
البلاغة:


«قد وقع اتفاق الفرق من المسلمين أجمعين
على أنّ الدنيا والتكليف لا ينقضي إلاّ


عليه»(3) يعني على المهدي..


وقال بعضهم في حاشيته على صحيح الترمذي:


«قال الشيخ عبد الحق في اللمعات: قد
تظاهرت الأحاديث البالغة حدّ التواتر في
كون


المهدي من أهل البيت من أولاد فاطمة».(4)


وقال الصبان في إسعاف الراغبين:


«وقد تواترت الأخبار عن النبي صلى الله
عليه وآله بخروج المهدي وأنه من أهل بيته


وأنه يملأ الأرض عدلاً».(5)


وقال الشبلنجي في نور الأبصار:


«تواتر الإخبار عن النبي أن المهدي من أهل
بيته وأنه يملأ الأرض عدلاً».(6)


وقال ابن حجر في الصواعق:


«قال أبو الحسن الابري: قد تواترت الأخبار
واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى بخروج


المهدي، وأنه من أهل بيته، وأنه يملك سبع
سنين، وأنه يملأ الأرض، وأنه يخرج مع عيسى


فيساعده على قتل الدجّال بباب لدّ بأرض
فلسطين، وأنه يؤمّ هذه الأمة فيصلّي عيسى


خلفه».(7)


وقال السيد أحمد بن دحلان مفتي الشافعية
في الفتوحات الإسلامية:


«والأحاديث التي جاء فيها ذكر المهدي
كثيرة متواترة. فيها ما هو الصحيح، وفيها
ما


هو حسن، وفيها ما هو ضعيف، وهو الأكثر
لكنها لكثرتها وكثرة مخرجيها يقوّي بعضها


بعضاً حتى صارت تفيد القطع، لكنّ المقطوع
به أنه لا بد من ظهوره، وأنه من ولد


فاطمة، وأنه يملأ الأرض عدلاً، نبّه على
ذلك العلامة السيد محمد بن رسول البرزنجي


في آخر الإشاعة، وأما تحديد ظهوره بسنة
معينة فلا يصح لأنّ ذلك غيب لا يعلمه إلاّ


الله, ولم يرد نص من الشارع بالتحديد».(8)


المهدي في الصحاح:


وهناك كلمات أخرى موجودة أعرض عنها الآن
وأقرأ لكم بعض أحاديث صحيح الترمذي في باب


(ما جاء في المهدي):


حدثنا عبيد بن أسباط بن محمد القرشي،
حدثنا أبيّ، حدثنا سفيان الثوري عن عاصم


بن...؟ عن زر عن عبد الله قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وآله: «لا تذهب الدنيا


حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ
اسمه اسمي».


قال الترمذي: وفي الباب عن علي وأبي سعيد
وأم سلمة وأبي هريرة، وهذا حديث حسن


صحيح.(9)


وفي صحيح الترمذي أيضاً:


حدثنا محمد بن بشّار محمد بن جعفر شعبة،
قال: سمعت زيداً العمى قال: سمعت أبا


الصديق الناجي يحدّث عن أبي سعيد الخدري
قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا


نبي الله قال: فقال: إن في أمتي المهدي،
يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً. زيداً


الشاك ـ يعني ليس النبي شاكاً في مدة حكم
المهدي، وإنما الراوي شاك ربما لم يسمع


جيداً ـ قال: قلنا: وماذا ذلك؟ قال: سنين،
قال: فيجيء إليه الرجل: فيقول: يا مهدي


اعطني اعطني، قال: فيعطى له في ثوبه ما
استطاع أن يحمله.


قال: هذا حديث حسن، ورواه أحمد بن حنبل في
مسنده عن أبي سعيد..إلى آخره.(10)


صحيح أبي داوود:


حدّثنا أحمد بن إبراهيم عبد الله بن جعفر
الرقّي أبو المليح الحسن بن عمر عن زياد


بن بيان عن علي بن مثيل عن سعيد بن مسيب عن
أمّ سلمة قالت: سمعت رسول الله صلى الله


عليه وآله يقول: «المهدي من عترتي من ولد
فاطمة».(11)


ورواه ابن ماجة في سننه في الجزء الثاني
في باب خروج المهدي من أبواب الفتن.. إلى


آخره.


صحيح البخاري:


بعضهم يقول: حديث المهدي ليس وارداً في
صحيح البخاري، ولكن تعلمون يا أخوة
الأحاديث


يفسّر بعضها بعضاً، انظروا البخاري ماذا
يقول في كتاب (بدء الخلق _ الجزء الثاني _


في باب ظهور عيسى بن مريم):


حدثنا ابن بكير، حدثنا الليث عن يونس عن
ابن شهاب عن نافع مولى أبي قتادة الأنصاري


أن أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وآله: «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم


فيكم وإمامكم منكم».


الروايات المتقدمة وكلمات العلماء التي
قرأتها عليكم تقول: إن المهدي يؤمّ هذه


الأمة وأن عيسى يصلي خلفه، فحديث البخاري
يفسر تلك الأحاديث أو تفسّره تلك


الأحاديث، كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم
وإمامكم منكم، يعني عيسى يصلّي خلف


المهدي.


إلى هنا نعرف أن الفكرة ليست شيعية وإنما
إسلامية، فكرة المهدي عليه السلام في


الإسلام مثل فكرة الصلاة والصوم، إذا
تمكّن أحد أن ينكر الصلاة والحج في
الإسلام


فله أن ينكر المهدي.


وليس الأحاديث فقط، القرآن فسّر بالإمام
المهدي عليه السلام أيضاً, قال تعالى:


(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى


الدِّينِ كُلِّهِ).


تريد الآية أن تقول: إن الله بعث خاتم
الأنبياء محمداً صلى الله عليه وآله بدين


الإسلام كي ينتصر على الأديان والمذاهب
كافة.


هل حدث ذلك في التأريخ؟


كلا, لأن النبي صلى الله عليه وآله ومن
بعده لم يستطع أن يحقق نصراً على كل
المذاهب


والأديان، لا النبي ولا من بعده.


إذن لا بدّ أن يتحقق هذا اليوم في حياة
البشرية. تأتي الروايات المتواترة
والقطعية


عن النبي تؤكّد أن انتصار الإسلام سيكون
انتصاراً غيبياً، وسوف لن يتحقق إلاّ على


يد ولد علي وفاطمة وولد رسول الله محمد
المهدي الإمام الثاني عشر عليه السلام.


المسألة الثانية: ولادته عليه السلام:


صحيح أن الأمة الإسلامية متفقة على فكرة
الإمام المهدي عليه السلام، لكن هناك


اختلاف بين السنة والشيعة في تفاصيلها،
فالسنّة يقولون: أن المهدي غير مولود وغير


موجود وسوف يوجد في المستقبل، سوف يولد في
يوم من الأيام ويظهره الله تعالى.


أما الشيعة فيقولون: المهدي هو الإمام
محمد بن الحسن العسكري عليه السلام
المولود


ليلة 15 شعبان سنة 255 هـ في مدينة سامراء.


في الفترة الأخيرة أخذوا يحاربوننا
ويحاربون التشيع بكل شيء وسبيل، ولم يكفهم
ذلك


فأتوا من الداخل وخلقوا عملاء لهم من
الشيعة كي يحاربوا التشيع.


مثلاً هذا أحمد الكاتب وهو صعلوك ليست لم
يدرس ولا ثقافة لديه وتاريخه معلوم لا


يناقش بشكل علمي وإنما بشكل استفزازي،
وواضح العمالة في مواقفه وكلماته فيقول:


الشيعة يعتقدون بالإمام المهدي عجل الله
فرجه ودليلهم على ذلك النوّاب الأربعة،


وليس معلوماً أنهم صادقون، وفكرة الإمام
المهدي ليست متفقاً عليها، فلان


اختلقها..وما شابه من هذه الكلمات.


نتساءل ونقول: عقيدتنا بالإمام المهدي هي
انه مولود ليلة 15 شعبان، والآن هو يعيش


الساحة، يعيش آمالنا وآلامنا، لكن نحن
محرومون من الوصول إلى خدمته، والقيادة


والإمامة الحقيقية هي للمهدي حدّدتها
الآية الكريمة:


(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَأُولِي الأَْمْرِ
مِنْكُمْ).(12)


والأمر هم محمد وآل محمد. نحن مجبورون في
زمن الغيبة _ حيث لا مرجع ولا ملجأ وقد


حرمنا الظالمون من بركات المهدي _ على
اللجوء إلى العلماء.


أدلّة الولادة:


ما هي أدلتنا على ولادة الإمام المهدي؟


أشير إلى بعض الأدلة بشكل سريع:


أولاً: الرواية المتواترة بين المسلمين _
وعندي مصادرها _ أن النبي صلى الله عليه


وآله قال:


«من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة
جاهلية».(13)


من هو هذا الإمام الذي إذا لم نعرفه فإننا
نموت ميتة جاهلية!


هل الناس يختارون هذا الإمام؟ هل هو حسني
مبارك، أم صدّام؟


إنه الإمام الذي وصل إلى درجة القمة من
النظافة واللياقة والتقوى والكمال
الإنساني


والنقاء والشموخ والصعود في رحاب الله
والطهارة والعرفان لله بحيث إذا لم تعرفه


تموت ميتة جاهلية.


هذا الإنسان الذي يكون بهذا المستوى هل
الناس يختارونه أم الله يعيّنه؟ لا يمكن


للناس أن يختاروه، بل الله يجب أن يعيّنه.


إذن ثبت أنّ لكل زمان إماماً معيّناً من
قبل الله، وثبت أنّ لكل زمان إماماً


معصوماً.


أنتم الذين تنكرون المهدي، من هو البديل
الذي تضعونه؟!


نحن الشيعة: نقول: من مات ولم يعرف إمام
زمانه مات ميتة جاهلية، وإمام زماننا هو


محمد بن الحسن العسكري عليه السلام، أنتم
من هو إمامكم؟


ثانياً: حديث الثقلين المتواتر القطعي
بين المسلمين.


ان حديث الثقلين أكثر الأحاديث بركة، ولا
يستطيع أحد أن ينكره من المسلمين، ولا شكّ


في صدوره عن لسان الوحي:


«إني مخلّف فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم
بهما لن تضلوا بعدي أبداً».(14)


هذا الحديث يدل على أن العترة معصومة لأن
النبي قرن العترة بالقرآن، والقرآن


معصوم.


لا أريد أن أفصّل أكثر من هذا، فالأمر
يحتاج إلى عدّة محاضرات حول حديث الثقلين،


لكن اسمع التكملة لقول النبي صلى الله
عليه وآله قال: «وإنهما لن يفترقا حتى يردا


عليّ الحوض» فماذا يعني؟


يعني أنّهما لا يفترقان إلى يوم القيامة،
يعني إذا كان القرآن موجودا في يوم


القيامة فالعترة موجودة أيضاً.


ولكن أي عترة هي المقصودة هنا؟ هل كل سيد
نستطيع أن نسمّيه العترة الباقية؟ كلا.


إنّ العترة الموجودة مع القرآن إلى يوم
القيامة هي العترة المعصومة، لأنّ حديث


الثقلين يؤكد على عصمة أهل البيت عليهم
السلام.


وهذا عين ما نعتقده من أنّ محمد المهدي
عليه السلام موجود إلى أن يظهر قبل يوم


القيامة، وهذا المعنى ليس أنا الذي أقوله,
بل قاله ابن حجر في الصواعق المحرقة، حيث


قال:


ان حديث الثقلين «وإنهما لن يفترقا حتى
يردا عليّ الحوض» يدل على أن القرآن
والسنة


وواحد من أهل البيت العلماء بالقرآن
والسنة موجودون إلى يوم القيامة.(15)


طبعاً نحن نقول العلماء بالقرآن والسنة
ليس كل عالم وإنما العالم المعصوم من


العترة.


ثالثاً: قوله تعالى: (يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ و
كُونُوا


مَعَ الصَّادِقِينَ).(16)


انتبهوا يا شباب جيداً:


إنّ الآية لم تقل: وكونوا من الصادقين، بل
قالت: وكونوا مع الصادقين، وهذا يعني أنّ


الصادقين فئة خاصة معيّنة وجماعة محددة
اتبعوها وكونوا معها.


هنا مسألتان:


المسألة الأولى: الآية تدل على عصمة
الصادقين. لماذا؟


انها أمرتنا أن نكون معهم وأن نتبعهم
تبعية مطلقة، وكيف يأمر الله تعالى بتبعية


إنسان غير معصوم؟ لا يمكن حاشا لله.


المسألة الثانية: هل جاء القرآن مؤقتاً أم
خالداً؟ جاء خالداً.


وقوله تعالى: (يا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ و كُونُوا مَعَ


الصَّادِقِينَ) هل هو مخصوص في زمان النبي
أم شامل لكل الأزمان؟


شامل طبعاً، هذا المعنى الذي أقوله ليس
أنا الذي أقوله، حتى الرازي إمام المشككين


في السنّة يعترف بهاتين الحقيقتين، يقول:
الأمر بتبعية الصادقين تبعية مطلقة تدل


على عصمة الصادقين، وأوامر القرآن أوامر
خالدة ودائمة.(17)


النتيجة لا بدّ من وجود صادق في كل زمان،
والصادق من هو؟


انه المعصوم، فلا بدّ من وجود معصوم في كل
زمان، ويتمثّل في زماننا في الإمام


الثاني عشر محمد المهدي عجل الله فرجه.


المعروف في الروايات أنّ الإمام المهدي
يأتي بالإسلام الواقعي, حتى الناس يقولون:


جاء بدين جديد، لماذا؟


السبب أننا انفصلنا عن النبي والأئمة،
والعلماء عندهم اجتهادات مختلفة في أحكام


الشريعة، ولا تمثّل اجتهاداتهم صميم
الإسلام بل الأحكام الظاهرية.


من هو الذي يحمل الحكم الواقعي؟


الإمام المعصوم هو الذي يعلم بالحكم
الواقعي. كيف؟


الإمام المهدي عليه السلام يأتي بالحكم
الواقعي في الإسلام مدعوم من الغيب
والسماء،


بحيث يحقق انتصاراً ساحقاً على كل الفئات
والمذاهب.


وهنا لابدّ لنا من سؤال:


الإمام المهدي عليه السلام إذا لم يكن ابن
الحسن العسكري عليه السلام ولم يكن من


سلسلة الاثني عشر الذين ورثوا العلم عن
رسول الله، وتقولون: يوجد في المستقبل فمن


أين يأتي بالإسلام الواقعي؟ يرتبط بمن؟


نحن نعتقد بأنّه مرتبط بالغيب وبالله،
لأنه ابن الحسن العسكري عليه السلام ورث


العلم عن أبيه، و ورث أبوه العلم عن
آبائه، عن علي أمير المؤمنين عليه السلام
الذي


قال:


«علمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح
لي من كل باب ألف باب من العلم».(18)


والذي قال بحقه رسول الله صلى الله عليه
وآله:


«أنا مدينة العلم وعلي بابها».(19)


هذا العلم من النبي، العلم الواقعي
للإسلام وصل إلى صدر المهدي سلام الله
عليه.


فإذا تقولون أنّ المهدي لم يولد وسوف يولد
في المستقبل فمن أين يأتي بالإسلام


الواقعي، اذ انه ليس بنبي، فمن أين يأتي
به؟


إذا قلنا بأن الإمام المهدي مدعوم من
الغيب ويأتي بالإسلام الواقعي فلابد أن
نقول


منطقياً بولادة الإمام المهدي، وأنه ابن
الحسن العسكري عليه السلام وأنه الإمام


الثاني عشر من الأئمة المعصومين سلام
الله عليهم.


رابعاً: اتفاق الشيعة الإمامية قائم مع
لفيف من علماء السنة على ولادة الإمام


المهدي.


المرحوم السيد محسن الأمين العاملي يذكر
في كتابه (المجالس السنية) اثني عشر عالماً


من علماء السنّة يعترفون بولادة المهدي
ليلة 15 شعبان.


وسماحة آية الله العظمى الشيخ لطف الله
الصافي في كتابه (منتخب الأثر) يذكر (65)


عالماً عبر القرون: الشبلنجي، ابن حجر،
ابن صباغ المالكي،... يوافقون الشيعة على


ولادة الإمام المهدي ليلة (15) شعبان، بعد
ذلك ماذا تقولون: لماذا التشكيك؟


كتبة في كل مكان: ان الأمة الإسلامية
متفقة اليوم على بعثة النبي محمد صلى الله


عليه وآله، فلو أتى شخص مسيحي أو يهودي
يقول: أنتم المسلمون تكذبون فإن محمداً
ليس


له وجود، نقول له اذهب وصحّح أفكارك وعقلك
أنت مجنون، لأنّ الأمة الإسلامية بكافة


أجيالها متفقة على وجود النبي محمد صلى
الله عليه وآله.


الآن هؤلاء الذين يشككون بان المهدي ليس
موجوداً الآن، نقول لهم: الشيعة بأجيالها


وعلماؤها كافة متفقون على ولادة المهدي
مع لفيف من علماء السنة، فما هو الفرق لو


كان الإجماع إجماع الأمة أو إجماع
الشيعة، إجماع الشيعة وهذا المذهب
والكيان كله


على هذه الحقيقة ليس فقط هذا الكيان، بل
مع عشرات من علماء السنة يقرّون بهذه


الحقيقة: بأن الإمام المهدي مولود سلام
الله عليه, فهذا التشكيك إذن تشكيك مقابل


بديهة وحقيقة مادية، وحقيقة وجدانيّة،
وحقيقة تأريخية.


يعني أنت لم تناقش في حديث ولا في سند, ولا
في حقيقة عقلية، بل في وجود إنسان.


أقول لك: إن علماء المذهب مع لفيف من علماء
السنة يعترفون بولادة هذا الإنسان، فمن


لم يعترف لعل له مصالح.


على أية حال عندنا روايات تقول: أن الإمام
المهدي سوف لن يظهر حتى يرتد أكثر الناس،


ويشكّك أكثر الناس فيه. في الرواية: «سوف
تميّزون وتمحّصون وتغربلون» تطول غيبته


حتى أن أكثر الناس يشكك بهذه الحقيقة.


قصّة الولادة:


أما كيفية ولادة الإمام كما نقلها
التأريخ والمؤرخون، ففي مثل هذه الليلة،
تقول


حكيمة عمّة الإمام الحسن العسكري: كنت عند
أبي محمد ليلة النصف من شعبان، فقال: يا


عمّة باتي هذه الليلة عندنا، قلت له:
لماذا؟ قال: في هذه الليلة سيرزقني الله


ولداً، قلت: يا ابن أخي ممّن؟ قال: من نرجس
أو صيقل الجارية أو مليكة، تقول حكيمة:


جئت فقلبتها ظهراً لبطن، فلم أجد بها
أثراً للحمل ، قلت: يا سيدي ليس فيها أثر


للحمل، قال: يا عمّة إنّ مَثلها مثل أم
موسى لم يظهر أثر الحمل بها إلاّ عند


الولادة.


تقول: بتُّ تلك الليلة في بيت الإمام
الحسن العسكري إلى أن انتصف الليل شكّكت
في


الأمر، وإذا بصوت الإمام الحسن العسكري
من حجرته: يا عمّة لا تعجلي، تقول: حتى إذا


قرب الفجر وإذا بنرجس أم الإمام المهدي
ترتعد فرائصها، تقول: جئت إليها وأنا أقرأ


آية الكرسي وسورة الإخلاص وسورة الحمد
وإذا بي أسمع صوت الجنين يردّد معي آيات


القرآن، بينا ان كذلك إذ أضاء البيت بنور
الإمام المهدي وسقط إلى الأرض ساجداً وهو


يقول: الحمد لله ربّ العالمين، فنادى
الإمام الحسن العسكري: يا عمّة ائتيني
بولدي,


جئته بولده، فأذّن في أذنه اليمنى وأقام
في اليسرى، ثم قال: تكلّم يا بني بإذن


الله، وإذا بالإمام المهدي ينطق:


بسم الله الرحم الرحيم (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا
فِي


الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ).(20)


تقول: ورأيت مكتوباً في ذراعه الأيسر:


(قل جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ
إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوق).(21)


ثم قال يا عمّة ردّيه إلى أمّه كي تقرّ به
عينها.(22)


يا سيدي يا أبا صالح! لقد ضاقت صدورنا متى
الفرج؟


إننا نعتقد بك عقيدة تزول الجبال ولا نزول
عنها، لأن أدلتنا وبراهيننا كالشمس في


رابعة النهار، العقل يحكم لابدّ للحياة
من وجود إنسان كامل، الشريعة تحكم لا بدّ
من


وجود إمام للزمان.


ولكن يا سيدي يا أبا صالح! لقد ضاقت
صدورنا، ومللنا الحياة، صحيح إننا بعينك
تعيش


آمالنا وآلامنا. ولكننا لا نمتلك الطاقة
الإيمانية وطاقة الصبر التي تملكها أنت،


ونحن نعلم قطعاً أنّ نهضتك محدّدة
ومعيّنة وموقوتة بأمر من الله تعالى. ولكن
مع ذلك


نشكو إليك ما نعيشه من آلام ومصائب في هذه
الحياة.


وفي الوقت نفسه نعتذر إليك يا أبا صالح,
لأننا في الحياة مجّدنا وخدمنا زيداً


وعمرواً، وكان الجدير أن يكون المدح
والخدمة لك وحدك يا إمام الزمان.


فيا سيدي, يا أبا صالح! نسألك أن تبعث لنا
ببركاتك ودعواتك الطاهرة، ونسألك أن


تمنحنا البركة في هذه الليلة للثبات على
العقيدة، ولحل المشاكل ، ولكي نكون جنوداً


أوفياء تحت لوائك المقدس.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الهوامش


(1)- لاحظ: كنز العمّال: 14/ 262، الدر المنثور:
6/ 57، بحار الأنوار: 51/ 92، معجم


أحاديث الإمام المهدي: 1/ 92.


(2)- الكافي ج1: 338.


(3)- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد، ج10:
96.


(4)- حاشيه صحيح الترمذي، ج2: 46.


(5)- إسعاف الراغبين للصبان، ج2: 140.


(6)- نور الأبصار للشبلنجي: 170 _ 189.


(7)- الصواعق المحرقة لابن حجر، ج2: 480.


(8)- الفتوحات الإسلامية، لزيني دحلان ج2:
338.


(9)- شرح اصول الكافي ج 6 ص 256، الترمذي ج 3: 343.


(10)- شرح أصول الكافي ج6: 256، مسند أحمد ج3 ص22.


(11)- شرح اصول الكافي ج6: 258، سنن ابن ماجة ج2
/ 1368.


(12)- سورة النساء (4): الآية 59.


(13)- إكمال الدين وإتمام النعمة / 409، كفاية
الأثر / 296، وسائل الشيعة / 16/


246/ الحديث 21475، العمدة لابن بطريق / 471 /
الحديث 991.


(14)- تهذيب الأحكام للشيخ الطوسي ج1: 29، شرح
أصول الكافي ج6 ص422، صحيح الترمذي:


5/ 327 والحديث 3874، السنن الكبرى للنسائي: 5/45
الحديث 8148.


(15)- الصواعق المحرقة لابن حجر، ج2: 438.


(16)-


(17)- راجع التفسير الكبير للفخر الرازي، ج3:
632 _ 636.


(18)- الخصال للشيخ الصدوق: 647، الاختصاص /
للشيخ المفيد: 283.


(19)- الاحتجاج ج1: 102.


(20)- سورة القصص (28): الآية 5.


(21)- سورة الإسراء (17): الآية 81.


(22)- كمال الدين للصدوق: 424 ح1، الغيبة للشيخ
الطوسي: 234: 204.


المحاضرة الخامسة أدلة وجود الإمام
المهدي عليه السلامالمحاضرة الخامسة


أدلة وجود الإمام المهدي عليه السلام


بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام
على نبينا خاتم الأنبياء والمرسلين محمد
صلى


الله عليه وآله وعلى آله الطيبين
الطاهرين.


تواترت الروايات عن رسول الله صلى الله
عليه وآله أنّ الدنيا لا تنتهي إلاّ على يد


مهدي فاطمة حجّة آل محمد صلى الله عليه
وآله, وألفاظ الروايات مختلفة منها:


«لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم لطوّل الله
ذلك اليوم حتى يظهر رجل من ولدي, اسمه


اسمي, وكنيته كنيتي, يملأ الأرض قسطاً
وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً».(1)


الروايات في كتب المسلمين عن مسألة
المهدي متواترة، والخبر المتواتر هو
الخبر الذي


ينشأ من اجتماع جماعة على شيء يمتنع
تواطؤهم على الكذب(2), كأن يروي المكّي
والكوفي


والبصري والخراساني والمدني ومختلف
الأجيال رواية, فلا يمكن ان يجتمع هؤلاء
كلّهم


على الكذب. كما إذا دخل يدخل شخص _ مثلاً ­_
وقال: حدثت حادثة في الشارع, وبعد قليل


يدخل شخص ثانٍ ويقول: حدثت الحادثة ذاتها
في الشارع، وبعد فترة يدخل ثالث ويقول:


وقعت تلك الحادثة في الشارع وهكذا الرابع
والخامس و... دون ان يعرف احدهم الآخر وإن


كانوا ضعافا وليسوا ثقاة.


من هنا أيّها السادة, نحن لا نستدل في
عقيدتنا الشيعيّة بأخبار الآحاد بل
بالخبر


المتواتر, ونستدل بالخبر الواحد ذي السند
الصحيح على الأحكام الشرعيّة في الحلال


والحرام، والخبر المتواتر فيه ميزتان:


الميزة الأولى: انه كالقرآن, ويعني لا فرق
بين الخبر المتواتر وبين القرآن.


الميزة الثانية: انه يفيد القطع والعلم
على إن الحادثة واقعة مائة بالمائة، ونأتي


إلى مسألة الحجّة سلام الله عليه فنستدل
عليها بالأخبار المتواترة بين المسلمين,


وليست هي بالعشرات بل المئات قد وردت عن
رسول الله صلى الله عليه وآله, ويجمع


المسلمون على أن الدنيا لا تنتهي إلاّ على
يد الحجّة من آل محمد صلى الله عليه


وآله.


قبل عشرين أو خمسة وعشرين سنة سئل ابن باز
(شيخ الوهابيين في السعوديّة) عن مسألة


المهدي عليه السلام قال: نعم, نحن نعتقد
بالمهدي, والذي ينكره جاهل.(3)


المسلم الذي يقرأ الكتب لابد أن يعترف
بالمهدي، فان مسألة المهدي في الإسلام هي


كمسألة الصلاة والصوم, حتى أنّ بعض علماء
السنّة صرّح أنّ منكر المهدي كافر(4),


لأنّ من أنكره فقد أنكر ضرورة إسلامية,
وإجماع المسلمين قائم والروايات متواترة


عليها, فكل كتاب تفتحه ترى روايات رسول
الله صلى الله عليه وآله حول آخر الزمان


وظهور المهدي ونزول عيسى بن مريم وأنه
يصلّي خلف الإمام الحجّة(5), يقول له تقدّم


فيقول: لا، إنّي لا أتقدّم, أنت تقدّم,
فيتقدّم الإمام الحجّة ويصلي عيسى بن مريم


خلفه.


من ينكر الإمام المهدي إما جاهل وليس
مطّلعا على الكتب أو معاند, وإلاّ فان
مسألة


الإمام المهدي كالشمس في رابعة النهار في
الأحاديث الإسلاميّة، يبقى شيء هو أنّ


الأخوة (العامّة) يقولون: المهدي لم يولد
بعد وإنّما يولد في المستقبل.(6)


أمّا الإمامية الشيعة فيعتقدون بأنّ
الإمام المهدي واحد من سلسلة اثني عشر
إماما


معصوما, قد ولد سنة 255 ليلة منتصف شعبان في
مدينة سامراء في العراق.(7)


يؤسفنا ان نسمع احد الأقزام _ كان في إيران
ثم سافر إلى بريطانيا _ ينكر مسألة


الإمام المهدي ويقول: ان قضية الإمام
المهدي كاذبة من الاساس, فهو ليس موجود!


هذه المسألة _ كما قلت لكم _ مسألة
عقائديّة ضروريّة في الإسلام, هذا الشخص
إذا


اراد أن ينكر أصل وجود المهدي فقد أنكر
ضرورة إسلامية, إذ ان كل المسلمين _ سنّة


وشيعة _ مجمعون على أنّ الدنيا لا تنتهي
إلاّ على يد المهدي، أمّا مسألة ولادة


المهدي فنحن لا نستدل عليها بخبر الواحد,
بل بأخبار متواترة وأدلّة قطعيّة.


أدلة وجود الإمام المهدي عليه السلام:


هنا أسلّط الضوء على بعض الأدلّة على وجود
الإمام المهدي بالفعل:


الدليل الأوّل: قوله تعالى:


(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ


الصَّادِقِينَ).(8)


يستدل الفخر الرازي إمام السنّة بهذه
الآية ويقول:


ان الآية تقول (وَكُونُوا مَعَ
الصَّادِقِينَ) ولم تقل «وكونوا من
الصادقين» فيعني


ان الصادقين جماعة معيّنة فاتّبعهم وكن
معهم. وتدل الآية على أنّ الصادقين هؤلاء


معصومون, لأنّه لا يجوز إتّباع غير
المعصوم تبعيّة مطلقة, بينما الآية أمرت


المسلمين أن يتبعوا الصادقين تبعية
مطلقة.(9)


هؤلاء الصادقون يجب أن يكونوا معصومين,
فان كانوا غير معصومين فلا يجوز أن نتبعهم


تبعية مطلقة.


ولا شك ولا ريب ان القرآن نزل ليكون
خالداً وقانونا إلى يوم القيامة, فمعنى
ذلك أنّ


الصادقين هؤلاء وهم المعصومون موجودون في
كل زمان _ وهذا ما يوافقنا عليه الإمام


الفخر الرازي _ لان القرآن ما نزل لأيّام
النبي صلى الله عليه وآله فقط، بل إلى يوم


القيامة.


نحن نقول: ان كلمة الصادقين في الآية
تنطبق على الحجّة بن الحسن الإمام مهدي آل


محمد صلى الله عليه وآله, وإذا كان المهدي
غير موجود فمن هو المثال للصادقين, ومن


هو المعصوم في هذا الزمان , لا احد يدعي
وجود معصوم آخر. هذه الآية تدل على وجود


المعصوم ووجوب أتباعه في كل زمان، نحن
نعتقد ان الآية انطبقت في زمان على علي بن


أبي طالب عليه السلام وفي زمان على الحسن
عليه السلام وفي زمان على الحسين عليه


السلام و... وفي هذا الزمان تنطبق على
الحجة بن الحسن مهدي آل محمد عليه


السلام.(10)


اعتقد أن الدليل واضح وهو الدليل الأول
الذي يدل على وجود الإمام المهدي في هذا


الزمان وهو دليل قرآني.


الدليل الثاني: حديث الثقلين


يقول حديث الثقلين عن رسول الله صلى الله
عليه وآله بألفاظ مختلفة:


«إنّي تارك فيكم الثقلين: كتاب الله
وعترتي أهل بيتي, ما إن تمسكتم بهما لن
تضلّوا


بعدي أبدا, وإنّهما لن يفترقا حتى يردا
عليّ الحوض».(11)


هل ان حديث الثقلين خبر واحد أم متواتر؟


انه خبر متواتر ليس عند الشيعة فقط بل عند
السنّة أيضاً فقد ورد عن 35 طريقا من طرق


السنّة, والخبر المتواتر _ كما قلنا _ يفيد
العلم والقطع وهو كالقرآن.


وعنه صلى الله عليه وآله: «لا تقدموهما
فتهلكوا ولا تعلّموهم فأنّهم أعلم


منكم».(12)


إنّ شرح هذا الحديث يحتاج إلى عدّة
محاضرات, ويدل على:


أولاً: عصمة العترة لان رسول الله صلى
الله عليه وآله قرنها بالقرآن, والقرآن
معصوم


عن الخطأ بإجماع المسلمين وبدليل القرآن,
قال تعالى:


(لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ
يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ).(13)


القرآن معصوم عن الضلال والخطأ, إذن
الأشخاص الذين قرنهم رسول الله بالقرآن
يجب أن


يكونوا معصومين مثل القرآن.


كما ان رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
أنتم إذا اتبعتم القرآن والعترة لن


تضلّوا، فإذا كانت العترة ضالة وغير
معصومة فهل يمكن أن تعصمنا من الضلال؟


لا يمكن, يجب اذن أن تكون العترة معصومة عن
الضلال مائة بالمائة كي تعصم الأمّة عن


الضلال ثمانين بالمئة أو سبعين بالمئة
مثلاً, فلا شك ولا ريب ان حديث الثقلين يدل


على عصمة العترة , أهل البيت عليهم السلام.


ثانيا: وجود المهدي بالفعل لان الحديث
يقول: إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله


وعترتي, فهل ترك النبي هذين العنصرين حتى
يعصما من الضلال بعد وفاته فقط أم تركهما


إلى يوم القيامة؟


الجواب: إلى يوم القيامة, لأنه لا يوجد
تخصيص في الحديث لزمان ما, ومعنى ذلك ان


لدينا _ بعد رسول الله _ عنصران وركنان
ودعامتان إلى يوم القيامة إذا تمسكنا بهما


لا نضل في الحياة الدنيا ولا في الآخرة


هما أولاً: القرآن، وثانياً: العترة.


فيدل الحديث دلالة واضحة على وجود معصوم
من العترة إلى يوم القيامة, فإذا كان


المهدي غير موجود فان حديث الثقلين يكون
كذباً.


الدليل الثالث: يقول الرسول في حديث
الثقلين «وإنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ


الحوض» أي ان القرآن موجود مع العترة إلى
يوم القيامة، وإنهما لن يفترقا، معنى ذلك


أنّ القرآن موجود وأحد العترة معصوم
موجود أيضاً, ليسمع هذا القزم الذي ذهب إلى


بريطانيا وينكر الإمام المهدي, أنا
أتحدّى هذه الثلّة وهؤلاء الجهّال بل
العملاء


الذين يريدون أن يشكّكوا في العقيدة.


هذه الأدلة ليست أدلة ظنيّة وأخبار آحاد,
بل أدلة قطعيّة من القرآن ومن حديث


الثقلين.


الدليل الرابع: الحديث المعروف بين
المسلمين أنّ رسول الله صلى الله عليه
وآله قال:


«من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة
جاهلية».(14)


ينقل ان عبد الله بن عمر الذي اعتزل بيعة
أمير المؤمنين عليه السلام قائلا: أنا


أحتاط لا أبايعك, لكن عندما جاء الحجّاج
إلى مكّة دخل عليه فقال له: مرحباً! ما أتى


بك؟ قال له إني سمعت رسول الله يقول «من
مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية»


وأخاف ان تمر عليّ ليلة, ولم أبايع إمام
زماني!


مدّ الحجّاج رجله, وقال له تكفيك قدمي هذه!
ان يدي مشغولة بالطعام, فقام عبد الله


بن عمر الذي يحترمونه كثيراً وبكل زراية
وحقارة بمسح يده على رجل الحجّاج وخرج!(15)


أريد أن أقول ان هذا الحديث يعترفون به,
ولكل زمان إمام فإذا كان المهدي غير موجود


فاني أسأل المسلمين: من هو إمام زمانكم؟


نحن الشيعة نقول ان إمام زماننا هو محمد
بن الحسن الإمام المهدي الإمام الثاني
عشر,


وأنتم تقولون ان هذا الحديث صحيح, فمن هو
إمام زمانكم؟


الدليل الخامس: توجد نصوص صحيحة ومتواترة
في (صحيح البخاري) في (صحيح مسلم) في أنّ


النبي صلى الله عليه وآله قال: «لا يزال
الدين قائماً، أو يكون عليكم خليفة من
اثني


عشر وكلّهم من قريش, عددهم كنقباء بني
إسرائيل»(16) معناه أن النبي يقول: الأئمة
من


بعدي اثنا عشر خلفاء من قريش، فمن هم
هؤلاء الخلفاء الاثنا عشر؟


يقول السيوطي وهو عالم من علماء السنّة:
هؤلاء الاثنا عشر هم الأربعة والحسن


ومعاوية وعمر بن عبد العزيز ثمّ يقول:
وأمّا الحادي عشر فهو المهدي المنتظر
لأنّه


يعتقد بالمهدي، وأمّا الثاني عشر فلا
أكاد أعرفه(17)، وقفت سفينة المساكين! لم


يستطع أن يكمّل الاثني عشر. ابن باز عنده
كلمة يقول: انهم اثنا عشر خليفة كان الدين


قائماً في زمانهم، الخلفاء والأربعة
الحسن ومعاوية ويزيد و... كيف رسول الله
يقول


لا يزال الدين قائماً أو يكون عليكم خليفة
من اثني عشر ثمّ يقول هؤلاء الخلفاء


الاثنا عشر أحدهم بعد الآخر يأتون على
التوالي، فكيف تختار أيّها السيوطي؟ ثمّ
ان


النبي يقول بان أحد هؤلاء الاثني عشر
موجود إلى يوم القيامة, لا يزال الدين
قائماً


أو يكون علكيم خليفة من خلفاء اثني عشر،
وكلّهم من قريش, هذا الحديث القطعي الذي


ورد في صحيح البخاري وصحيح مسلم لا ينطبق
إلاّ على أئمة أهل البيت، أولهم علي بن


أبي طالب عليه السلام وآخرهم محمد المهدي
عليه السلام.


هذه أدلة خمسة على ولادة المهدي، أسالكم
هذه الأدلّة ظنيّة أم قطعيّة؟ انها


قطعيّة, أي انها أدلّة علميّة كالشمس في
رابعة النهار, فمن الذي يستطيع أن يتحدى


ويواجه هذه الأدلّة؟


انها أدلة قطعية علمية على أننا نمتلك في
هذا الزمان إماماً معصوماً نصّبه الله


وعيّنه, أيّ مسلم من المسلمين عنده إمام
معصوم؟ لقد أتيت بخمسة أدلّة قطعيّة لا


يستطيع أحد أن يناقش فيها أبداً على ولادة
المهدي سلام الله عليه, وعلى أنّ إمامنا


المعصوم في هذا الزمان هو محمد المهدي.


أمّا أصل ولادة المهدي فقد أجمعت
الإماميّة وعشرات من علماء السنّة, راجع
كتاب


(المجالس السنيّة) للسيد محسن الأمين فقد
ذكر منهم عشرة هم طلحة الشافعي وصاحب


الفصول المهمّة و... اعترفوا بولادة
المهدي في مثل هذه الليلة وبعضهم يقول في 23


رمضان.


وأمّا سماحة آية الله العظمى الشيخ لطف
الله الصافي فقد ذكر في كتابه (منتخب الأثر


حول الإمام المنتظر) 65 عالما من علماء
السنّة يعترفون مع الشيعة بولادة الإمام


المهدي عليه السلام في ليلة النصف من
شعبان في مدينة سامراء سنة 255 هجريّة.(18)


سيدي يا حجّة بن الحسن! يا مولاي! انظر
نظرة على هذا المجلس, نظرة على شيعتك, نحن


مقصّرون ولسنا صالحين, لكن أنظر علينا
نظرة رحيمة يا بن الحسن, متى نرد مناهلك


الرويّة فنروى؟ أين معز الأولياء ومذل
الأعداء؟


في مثل هذه الليلة تقول حكيمة عمّة الإمام
الحسن العسكري عليه السلام زرت ابن أخي,


فلمّا أردت الانصراف قال يا عمّة باتي هذه
الليّلة عندنا, سيرزقني الله في هذه


الليلة الخلف الصالح. جئت وقلّبت نرجس
ظهراً لبطن فلم أر لها أثراً للحمل, فقلت
يا


بن أخي لا أرى لها أثراً للحمل, قال يا
عمّة إنّ مثل ولدي هذا مثل موسى بن عمران
لا


يظهر على أمّه أثر الحمل إلاّ عند
الولادة.


تقول حكيمة: بتّ تلك الليلة مع نرجس أمّ
الإمام المهدي في حجرة, وجلست نصف الليل


لأتهجّد وجلست نرجس للتهجّد وتتعبّد, صار
في خاطري كيف يقول الإمام عندي ولد الليلة


ولا يوجد أثر للحمل وإذا بصوت الإمام
العسكري عليه السلام من حجرته: يا عمّة لا


تستعجلي, فخرجت إليه ورجعت وإذا بنرجس
ترتعد فرائصها, فضممتها إلى صدري وصرت
أقرأ


(إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ
الْقَدْرِ...) وآية الكرسي و( قُلْ هُوَ
اللَّهُ


أَحَدٌ...) وإذا بالجنين يقرأ القرآن معي,
فبينا أنا كذلك وإذا بالبيت قد أضاء بوجه


الإمام المهدي عليه السلام.


حملته وجئت به إلى والده, فأجلسه في حجره,
وألقمه في فيه ثم قال: تكلّم يا بني,


وإذا بالإمام الحجّة يتكلّم بإذن الله:


بسم الله الرحمن الرحيم (وَنُرِيدُ أَنْ
نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا
فِي


الأَْرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ).(19)


تقول حكيمة نظرت إلى ذراع الإمام الحجّة
وإذا مكتوب عليه (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ


الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ
زَهُوق)(20) ورأيت طيوراً خضراً, فقال
الإمام


العسكري لأحد الطيور: خذ هذا واستودعه
عندك حتى يبلغ الله به فانّ الله غالب
أمره،


سألت الإمام العسكري ما هي هذه الطيور
قال: هذا الطير هو جبرئيل عليه السلام وتلك


الطيور هي ملائكة الرحمة.(21)


أجل, هكذا أضاءت الدنيا في هذه الليلة
بنور إمامنا, وهكذا أشرقت الحياة بنور


الإمامة, بنور ولي الله وحجّة الله على
الخلق.


وعندنا روايات كثيرة أنّ الإمام المهدي
لا يظهر حتى تكثر الشكوك(22), أي حتى الذين


يعتقدون بالمهدي يشكّكون فيه, وهذه من
علامات المهدي، ومن علاماته أنّه لا يظهر


حتى تحكم كل فئة تدّعي العدالة حتى لا
يقولوا عندما يظهر المهدي: لو كنّا فانا
نطبق


العدالة مثل المهدي(23)، الله يعطي الفرصة
إلى كل الأحزاب والفئات فتأتي إلى الحكم


قبل الإمام صاحب الزمان سلام الله عليه,
ولكنّ المنقذ الأكبر الذي يطبّق العدالة


على ظهر كوكب الأرض ويجسّد في الحياة ما
لم يجسّده حتى رسول الله محمد صلى الله


عليه وآله.


نحن نعتقد ان أفضل إنسان على هذا الكوكب
هو محمد صلى الله عليه وآله وبعده علي بن


أبي طالب عليه السلام لكن نعتقد ان الذي
يحقّقه الإمام المهدي وينجزه في الأرض لم


ينجزه علي بن أبي طالب ولا رسول الله صلى
الله عليه وآله.


الإمام المهدي تكون له الفرصة الكبرى,
فيقضي على كلّ فساد وجور, ويحقق أمنيات


الصالحين, ويطبق العدالة, ويرفع لواء
«أشهد أن لا إله إلاّ الله, محمدا رسول
الله,


عليا ولي الله».


اللهم ثبتنا على ولايته، اللهم أرزقنا
رأفته ودعاءه, اللهم اجعلنا من أنصاره
وجنده,


اللهم عجّل فرجه في القريب العاجل، إذا
كان عندك مريض وهذا مجرّب أعطِ صدقة عن


الإمام المهدي الله يعجّل في شفاء مريضك.


إمامنا في هذا الزمان هو الإمام المهدي,
فعلينا أن نبكي لفراقه, إذا ضاعت كل


الأمنيات تبقى لنا أمنية واحدة, كل
الأمنيات تضيع, كل الدول تخفق ولا تستطيع
أن


تطبق العدالة والإسلام, لكن عندنا أمنية
واحدة, ودولة واحدة تطبق العدالة والإسلام


على وحيه, هي دولة الإمام محمد المهدي
عليه السلام مهدي فاطمة.


السلام عليه وعلى أجداده الطاهرين


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الهوامش


(1)- سنن أبي داود, ج2: 309, باب 31 _ كتاب المهدي,
ح 4282, سنن الترمذي, ج3: 343,


باب 44 _ ما جاء في المهدي, ح 2331 _ 2332, كنز
العمال, ج 14: 264, ح 3661,... وقد


ورد الحديث بألفاظ مختلفة.


(2)- راجع عدة الأصول للشيخ الطوسي, ج1: 266.


(3)- مجلة الجامعة الإسلامية, العدد 3, السنة
الأولى: 161 _ 162 (تصدر من المدينة


المنورة).


(4)- راجع عقد الدرر للشافعي السلمي: 157, ب 7,
فرائد السمطين للحموي الجويني,


الفتاوى الحديثية لابن حجر: 27..., وغيرهم من
أعلام العامة... جميعهم رووا عن


النبي صلى الله عليه وآله قوله: «من كذب
بالدجال فقد كفر, ومن كفر بالمهدي».


(5)- صحيح البخاري, ج4: 143, ولفظ الحديث: «كيف
انتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم


منكم», صحيح مسلم, ج1: 95, ولفظه: «فينزل عيسى
بن مريم فيقول أميرهم: تعال فصل بنا


فيقول: لا, ان بعضكم على بعض أمراء», فيض
القدير للمناوي, ج5: 383, كنز العمال, ج


14: 580, ح 39652.


(6)-


(7)- راجع كمال الدين للصدوق: 424, باب 42 «ما
روي في ميلاد القائم...», ح1 _ 16.


(8)- سورة التوبة: الآية 119.


(9)- التفسير الكبير للفخر الرازي، ج 16، 220.


(10)- يدل على ذلك ما رواه العامة والخاصة في
أن الآية نزلت في محمد وآله عليهم


السلام، راجع شواهد التنزيل للحسكاني، ج1:
341، الدر المنثور للسيوطي، ج3: 290،


الكافي للكليني، ج1: 207.


(11)- سنن الترمذي، ج5: 327، ح 3874، مسند أحمد،
ج5: 182...


(12)- المعجم الكبير للطبراني، ج3: 66، ح 2681،
مجمع الزوائد للهيثمي، ج9: 163، كنز


العمال، ج1: 188، ح 957، وهذه العبارة هي
تكملة الحديث الثقلين، فلاحظ.


(13)- سورة فصلت: الآية 42.


(14)- صحيح مسلم، ج6: 22، مجمع الزوائد
للهيثمي، ج5: 218، الكافي للكليني، ج1: 376،


باب «من مات وليس له إمام...» ح1 _ 3، وقد ورد
الحديث بألفاظ مختلفة...


(15)- أنظر المعيار والموازنة للإسكافي: 24،
ووردت روايات آخر بأنه (ابن عمر) جاء


إلى عبد الله بن مطيع عندما كان من أمر
الحرة ما كان زمن يزيد، فحدثه بهذا الحديث


ثم بايعه، راجع صحيح مسلم، ج6: 22، سنن
البيهقي، ج8: 156.


(16)- صحيح البخاري، ج8: 127، صحيح مسلم، ج6: 3،
وأما لفظة «عدة نقباء بني إسرائيل


نقد رواها الحاكم في المستدرك على
الصححين، ج4: 501، والطبراني في المعجم
الكبير، ج


10: 157، ح 10310.


(17)- تاريخ الخلفاء للسيوطي: 12.


(18)- منتخب الأثر، ج2: 371.


(19)- سورة القصص: الآية 5.


(20)- سورة الإسراء: الآية 81.


(21)- كمال الدين للصدوق: 424، الباب 42 (ما روى
في ميلاد القائم)، ح2.


(22)- راجع الكافي للكليني، ج1: 336، ح2، وفيه:
«... لا بد لصاحب هذا الأمر من غيبة


حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به...»
وح3، وفيه: «... ولتمحصن حتى يقال: مات


قتل، هلك، بأي واد سلك؟...»...


(23)- عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:
ما يكون هذا الأمر حتى لا يبقى صنف من


الناس إلا وقد ولو على الناس حتى لا يقول
قائل «إنّا لو ولينا لعدلنا...» راجع كتاب


الغيبة للنعماني: 274، ح 53.


مصادر التحقيقمصادر التحقيق


القرآن الكريم


صحيح البخاري: محمد بن إسماعيل البخاري _
دار الفكر/ بيروت


صحيح مسلم: مسلم النيسابوري _ دار الفكر/
بيروت


سنن أبي داود: سليمان بن الأشعث السجستاني
_ دار الفكر/ بيروت


سنن الترمذي: محمد بن عيسى الترمذي _ دار
الفكر/ بيروت


سنن ابن ماجة: محمد بن يزيد القزويني _ دار
الفكر/ بيروت


السنن الكبرى للنسائي: أحمد بن شعيب
النسائي _ دار الفكر/ بيروت


المستدرك على الصحيحين: الحاكم
النيسابوري _ دار المعرفة/ بيروت


السنن الكبرى: أحمد بن الحسين بن علي
البيهقي _ دار الفكر/ بيروت


مسند احمد بن حنبل: أحمد بن حنبل _ دار
صادر/ بيروت


فتح الباري في شرح صحيح البخاري:
العسقلاني/ دار المعرفة/ بيروت


تاريخ ابن خلدون: ابن خلدون _ دار إحياء
التراث العربي/ بيروت


الصواعق المحرقة: ابن حجر العسقلاني


شرح نهج البلاغة: ابن أبي الحديد المعتزلي
_ دار إحياء الكتب العربية


نور الأبصار: الشبلنجي


الفتوحات الإسلامية: زيني دحلان


الصحاح: إسماعيل بن حماد الجوهري _ دار
العلم للملايين _ بيروت


لسان العرب: ابن منظور _ نشر أدب الحوزة/
قم/ إيران


مفردات غريب القرآن: الحسين بن محمد
المعروف بالراغب الاصفهاني


البيانات: أبو الاعلى المودودي


المهدي والمهدوية: أحمد أمين المصري


منهاج السنة: ابن تيمية الحراني


عقد الدرر: يوسف بن يحيى المقدسي / نشر
نصايح _ إيران


حلية الأولياء: أبي نعيم الأصفهاني


البيان في أخبار صاحب الزمان: محمد بن
يوسف الكنجي الشافعي


الفتن: ابن حماد


تاريخ الخلفاء للسيوطي: جلال الدين
السيوطي


الكامل في التاريخ: ابن الأثير


إسعاف الراغبين: محمد بن علي الصبان


المعجم الكبير: أبو القاسم سليمان بن أحمد
الطبراني


روضة الطالبين: يحيى النووي الدمشقي _ دار
الكتب العلمية/ بيروت


كنـز العمال: علاء الدين الهندي _ مؤسسة
الرسالة/ بيروت


تاريخ دمشق: علي الشافعي المعروف بابن
عساكر _ دار الفكر/ بيروت


ينابيع المودة: سليمان بن إبراهيم
القندوزي الحنفي _ دار الأسوة _ إيران


محاضرات في النصرانية: أبو زهرة


مجمع الزوائد: نور الدين علي الهيثمي _ دار
الكتب العلمية/ بيروت


الفتاوى الحديثية: ابن حجر العسقلاني


فرائد السمطين: الحموي الجويني


مجلة الجامعة الإسلامية: تصدر في المدينة
المنورة


النهاية: ابن الأثير


التفسير الكبير: الفخر الرازي


فيض القدير: محمد عبد الرؤوف المناوي _ دار
الكتب العلمية/ بيروت


شواهد التنـزيل: الحاكم الحسكاني/ مجمع
إحياء الثقافة الإسلامية/ طهران


الدر المنثور: جلال الدين السيوطي _ دار
الفكر/ بيروت


المعيار والموازنة: محمد بن عبد الله
المعتزلي (أبو جعفر الاسكافي)


دلائل الإمامة: محمد بن جرير الطبري _
مؤسسة البعثة/ قم/ إيران


كمال الدين وتمام النعمة: الشيخ الصدوق/
مؤسسة النشر الإسلامي/ قم


كتاب الغيبة: محمد بن إبراهيم النعماني _
مكتبة الصدوق/ طهران


كتاب الغيبة: محمد الطوسي/ مؤسسة المعارف
الإسلامية/ إيران


الإرشاد: الشيخ المفيد _ مؤسسة آل البيت
لإحياء التراث/ قم/ إيران


الكافي: محمد بن يعقوب الكليني _ دار الكتب
الإسلامية/ طهران


الأمالي: السيد المرتضى/ مكتبة المرعشي/
قم


مناقب آل أبي طالب: ابن شهر آشوب _ مؤسسة
انصاريان/ قم.


شرح إحقاق الحق: السيد المرعشي النجفي _
مكتبة المرعشي/ قم


أعلام الورى: الفضل الطبرسي _ مؤسسة آل
البيت/ قم/ إيران


الخصال: الشيخ الصدوق _ جماعة المدرسين/
قم/ إيران


تجريد الإعتقاد: نصير الدين الطوسي بشرح
العلامة الحلي


بحث حول المهدي: السيد محمد باقر الصدر


الأزرية: الشيخ كاظم الأزري


المهدي: السيد حسن الصدر


منتخب الأثر: الشيخ لطف الله الصافي _ مكتب
المؤلف/ قم/ إيران


الثاقب في المناقب: ابن حمزة الطوسي _
مؤسسة انصاريان/ قم/ إيران


الصراط المستقيم: ابن يونس العاملي _
المكتبة الرضوية/ مشهد


بحار الأنوار: محمد باقر المجلسي _ مؤسسة
الوفاء/ بيروت


عدة الأصول: أبو جعفر محمد الطوسي _ مؤسسة
آل البيت/ قم/ إيران


معجم أحاديث الإمام المهدي: الشيخ علي
الكوراني ضمن المعجم الفقهي


العمدة: يحيى الأسدي (ابن البطريق) مؤسسة
النشر الإسلامي/ قم/ إيران


تهذيب الأحكام: محمد الطوسي _ دار الكتب
الإسلامية/ طهران


الإحتجاج: أحمد بن علي الطبرسي _ مطبعة
النعمان/ النجف الأشرف


الإختصاص: الشيخ المفيد _ جماعة المدرسين
قم/ إيران.


/ 103