كمسلمين، وسلكوا مسلك الأتقياء من المسلمين، وهم القراء». «وقد وجهت التقوى في الدولة الإسلامية توجيهاً سياسياً، وكانت في أعلى درجاتها عند الخوارج؛ فإن الله تعالى طلب إلى المسلم عندما تعصى أوامره ألاّ يسكت على ذلك»(1). وقالوا أيضاً: «كانوا حزباً ثورياً، يعتصم بالتقوى، لم ينشأوا عن عصبية العروبة، بل عن الإسلام»(2). هذا التصور ليس جديداً: وقد انخدع الناس بهذه المظاهر منذ بداية ظهورهم، حتى اضطر علي (عليه السلام) وأصحابه إلى مواجهة هذا الفهم الساذج للأمور، فقد ذكر «الخوارج» عند ابن عباس، فقال: «ليسوا بأشد اجتهاداً من اليهود والنصارى، وهم يصلون»(3) وفي نص آخر: يضلون(4). على أنه يكفي في بيان زيف هذه الظاهرة، ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حقهم من تنصيص على أن اجتهادهم في العبادة ما هو إلا زيف ومظاهر، لا حقيقة لها، ولا تعني أن ثمة عمقاً إيمانياً مستقراً في القلوب، بل هي مجرد حركات للخوارج، ليس وراءها سوى الخواء التام عن أية حالة إيمانية صادقة، فليس هناك إلا الجهل الذريع، والحماقة القاتلة.
(1) نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي، ص170 للدكتور علي حسن عبد القادر. (2) الإباضية عقيدة ومذهباً، ص31 عن الخوارج والشيعة ص41. (3) المصنف للصنعاني ج10 ص153. (4) راجع: الإباضية عقيدة ومذهباً ص38 والتنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع ص184.