ارشاد فی معرفة حجج الله علی العباد جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
( 50)
أَنفَه وسَيَّلَ الدِّماءَ على ثيابِه ،
ونثرَلحمَ خدِّه وجبينهِ على لحيتهِ ،
حتّى كسرَ القضيب . وضربَ هانئ يدَه إِلى
قائم سيفِ شُرَطِيٍّ ، وجاذبَه الرّجلُ
ومنَعه ، فقالَ عبيدُاللّهِ :
أَحَرُوْرِيٌّ سائرَ اليوم ؟ قد حلَّ لنا
دمُكَ ، جرُّوه ، فَجرَّوه فألقَوْه في
بيتٍ من بيوتِ الدّارِ، وأَغلقوا عليه
بابَه ، فقالَ : اجعلوا عليه حَرَساً،
ففُعِلَ ذلكَ به ، فقام إِليه حسّانُ بنُ
أَسماء فقالَ له : أرُسُلُ غَدْرٍ سائرَ
اليوم ؟ أَمرْتَنا أَن نجيئكَ بالرّجلِ ،
حتّى إِذا جئناك به هَشَمْت وجهَه
وسيَّلتَ دماءه على لحيتِه ، وزعمتَ
أَنّكَ تقتلُه . فقالَ له عُبيدُاللهِّ :
ِوانّكَ لَهاهنا، فأَمَرَ به فلُهِز(1)
وتُعْتِعَ (2) ثمّ أُجلسَ ناحيةً . فقالَ
محمّدُ بنُ الأشعثِ : قد رَضِيْنا بما راه
(3) الأَميرُ، لنا كانَ أَو علينا ، إِنّما
الأميرُ مؤدِّبٌ.
وبلغَ عمرو بنَ الحجّاجِ أَنّ هانئاً قد
قُتِلَ ، فأَقبلَ في مَذْحِج حتّى أَحاطَ
بالقصرِ ومعَه جمعٌ عظيمٌ ، ثمّ نادى :
أَنا عمرو بنُ الحجّاجِ ، وهذه فُرسانُ
مَذْحِج ووُجوهُها ، لم تَخلعْ طاعةً ،
ولم تُفارقْ جماعةً ، وقد بلغَهم أَنّ
صاحبَهم قد قُتِلَ فأَعظَموا ذلكَ . فقيلَ
لعبيدِاللّهِ بنِ زيادٍ : هذه مَذْحِج
بالباب ، فقال لشريحٍ القاضي : ادخلْ على
صاحبهم فانظُرْ إِليه ، ثمّ اخرُجْ
وأَعلِمْهم أَنّه حيٌّ لم يُقتَلْ . فدخلَ
فنظرَ شُريحٌ إِليه ، فقالَ هانئ لمّا
رأَى شُريحاً : يا للهِّ ! يا للمسلميمنَ !
أَهَلَكَتْ عشيرتي ؟ ! أَينَ أَهلُ
الدِّين ؟ ! أَينَ أَهلُ البَصَر(4)؟ !
والدِّماءُ تَسيلُ على
(1) اللهز: الضرب بجمع اليد في الصدر
"الصحاح - لهز- 3 : 894" .
(2) تعتعه : حرّكه بعنف . "القاموس - تعع - 3 : 9"
.
(3) في " م " وها مش " ش " رأ ى .
(4) في " م " وهامش " ش " : المصر .