ارشاد فی معرفة حجج الله علی العباد جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
( 59)
وعجزَ عنِ القتالِ ، فانبهرَ وأَسندَ
ظهرَه إِلى جنب تلكَ الدّارِ، فأَعادَ
ابنُ الأَشعثِ عليه القولَ : لكَ الأَمانُ
، فقالَ : آمِنٌ أَنا؟ قالَ : نعم . فقالَ
للقوم الّذينَ معَه : لي (1) الأمانُ ؟ فقالَ
القومُ له : نعم ، إلاّ عبيدَاللّه بن
العبّاسَِ السُّلميّ فإِنّه قالَ : لا
ناقةَ لي في هذا ولا جَمل ، وتنحّى؟ فقالَ
مسلمٌ : أَما لو لم تُؤَمِّنوني ما وضعتُ
يدي في أَيديكم .
وأُتِيَ ببغلةٍ فحُمِلَ عليها، واجتمعوا
حولَه وانتزعوا سيفَه ، فكأَنّه عندَ ذلكَ
أيِسَ (2) من نفسهِ ودمعتْ عيناه ، ثمّ قالَ :
هذا أوّلُ الغدرِ، قالَ له محمّدُ بنُ
الأشعثِ : أَرجوألاّ يكونَ عليكَ باْسٌ ،
فقالَ : وما هوإلاّ الرّجاءُ ، أَينَ
أمانُكم ؟ إِنّا للهِّ وِانّا إِليه
راجعونَ ! وبكى ، فقالَ له عبيدُاللّه ابن
العبّاسِ السُّلمي :إنّ من (3) يَطلبُ مثلَ
الّذي تطلبُ ، إِذا نزلَ به مثلُ الّذي
نزلَ بكَ لم يبك . قالَ : إنِّي واللّهِ ما
لنفسي بكيت ، ولا لها منَ القتل أرثي ،
ِوان كنتُ لم أحبّ لها طرفةَ عينٍ تلفاً،
ولكنْ (4) أبكي لأهلي المُقبِلينَ إِليّ ،
أَبكي للحسينِ عليه السّلامُ والِ الحسين
.
ثمّ أقبلَ على محمّدِ بنِ الأشعثِ فقالَ :
يا عبدَاللّهِ إِنِّي أَراكَ واللّهِ
ستعجزُ عن أَماني ، فهل عندَكَ خيرٌ ؟
تَستطيعُ أَن تَبعثَ من عندِكَ رجلاً على
لساني أَن يُبلِّغَ حسيناً؟ فإنِّي لا
أَراه إِلاّ قد خرجَ إِليكمُ اليومَ
مقبلاً أو هو خارجٌ غداً وأَهل بيتهِ ،
ويقولَ له : إِنّ ابنَ عقيلٍ بعثَني إِليكَ
وهو أسيرٌ في أيدي القوم ، لا يرى أَنّه (5)
يمسي حتّى يُقتَل ، وهو يقولُ :
(1) في هامش "ش " : الّي.
(2) في هامش "ش " و"م " : أحس .
(3) في هامش "ش " و"م ": ان الذي .
(4)في هامش "ش " و"م ": لكني .
(5)في هامش "ش " : ان .