نحو محاربة حوادث السیر نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

نحو محاربة حوادث السیر - نسخه متنی

ادریس الخرشاف

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

نحو محاربة حوادث السير (المغرب نموذجاً)

ادريس الخرشاف

لا يخامر أحد الشك في أن دراسة حوادث السير أو ما يسمى بحرب الطرق،أمر كان وما يزال يشكل عائقاً لتنمية البلاد، ويختلف في فضائه عما يدور ويناقش في فضاءات أخرى سواء كانت جامعية أو انتروبولوجية معيشية أو تربوية..

إن موضوعا كهذالابد وأن يشكل الحافز القوي من أجل طرح الحلول العديدة الناجعة، وخاصة المستمدة من وجهتنا، والمتمثلة في ديننا الحنيف الذي ما فرط في كتابه من شيء، هذا الكتاب الذي يشكلالمشروع الحضاري لكل برنامج مستقبلي، لما يمتاز به من حقائق علمية وبرامج تطبيقية هادفة.

1_ الجانب التقني الإحصائي:

إن الغرض من هذا البحث هو تنبيه المواطن سواءكان صاحب القرار السياسي أو الاجتماعي أو الأسري لظاهرة حوادث الطرق.

هذا وإذا قمنا بقراءة إحصائية لعدد حوادث السير على الطرقات منذ سنة 1982، أدركنا هول الأمر. حيثتبين الإحصائيات الرسمية لمديرية الطرق والسير على الطرقات، أن سنة 1982 كانت قد سجلت 25000 حادثة، أي ما يعادل 68 حادثة يومياً، نتج عنها وفاة 2500 ضحية. لكن هذا الرقم قفز ليصلسنة 1992 إلى 41331 حادثة، أي بمعدل 5 حوادث في الساعة، ونتج عن ذلك سقوط 3524 ضحية أي بمعدل 5 حوادث في الساعة، ونتج عن ذلك سقوط 3524 ضحية أي بمعدل 10 قتلى تقريبا في اليوم.

هذهالأرقام مرشحة في الأعوام المقبلة _لا قدر الله _ للصعود، إذا لم نقم جميعا باتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة من أجل الحد من حوادث السير.

أما إذا أردنا معرفة الأوقاتالتي تكون فيها الحوادث في أوج عظمتها، فهي عند ساعات خروج الموظفين (12 ظهراً والسادسة مساء) تمثل الفترة العظمى للحوادث التي تقع في مجموع التراب الوطني، سواء كان ذلكداخل المدن أو خارجها.

أما في الساعة السادسة مساء، فإن هذا الرقم يقفز إلى زيادة تقدر بـ 25% تقريبا في المدن (2600 حادثة). أما خارج المدن، فإن عدد الحوادث يصل إلى جوار3400 حادثة (أكثر من 9 حوادث يومياً).

ويعزى ذلك إلى عدم احترام أسبقية اليمين، والسرعة المفرطة، وعدم الوقوف عند إشارات المرور، والتجاوز حسب مشيئة السائق، والأميةالمتفشية في أوساط كثير من السائقين.

2_ الجانب الإسلامي:

إن السؤال الذي نطرحه هنا في هذا الجانب هو: كيف عالج ديننا الحنيف حوادث الطرق؟

لقد اعترف الذينيشتغلون بالعلم والبحث العلمي، وخاصة في عصرنا الحالي بمسلمة واضحة المعالم، ألا وهي أن الارتكاز على المنبع الذي يشكل المفاعل النووي لكل حركة عقلانية، من شأنهالمساهمة في ترجمة إسقاطات جميع الأنظمة الكونية على بساط البحث في مختبرات الأبحاث العلمية.

لذلك نقول إن من قرأ القرآن الكريم وتدبر في آياته الكونية، وجده السبيلالميسر لكشف الحقائق في الفضاء المعيش أو في الآفاق، الذي يعبر عنه علماء الرياضيات باللانهاية.

بالإضافة لكل ما سبق، نجد الإنسان المتوازن والسوي، هو الذي يدرك أنآيات الله عز وجل، وما نطق به معلمنا الأكبر محمد (ص) يمثل المنظومة التي تنصهر فيها كل القضايا المطروحة على العقل البشري، انطلاقا من الدقائق التي لا تدركها العقول_حاليا _ إلى الكون بأكمله.

ضمن هذه المنظومة، توجد أنظمة جزئية نذكر منها على الخصوص، النظام الأرضي بما فيه التركيبة الطرقية، والحوادث السلبية التي تترتب عنالاستعمال اللاعقلي لهذه التركيبة، والتي تتمثل في حوادث السير أو ما يسمى بحرب الطرق.

فكيف عالج ديننا هذه الإشكالية المركبة؟ وما هي الأدوات المستعملة في ذلك؟

لقد أقام الدين الإسلامي في هذا الجانب مبدأين:

أولهما: هو أن الإنسان كائن مخلوق يدخل في نفس المنظومة الطبيعية التي خلقها الله سبحانه، وبالتالي فإنه مطالب بضماناستمرارية بناء المجتمع، والطبيعة والحفاظ عليها وعدم الفساد في الأرض، بما في ذلك التهور في الطرقات، وقتل الأبرياء بغير حق.

والثاني: استخدام كل ما خلق الله سبحانهللإنسان، وتصريفه لقضاء حاجاته.

كذلك جاءت آيات عديدة في هذا المجال تركز على تلك التي تتحدث عن الطرقات ونظامها الجيد، من أجل استعمالها والوصول إلى مآرب الإنسان،نذكر منها:

(وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون). (الأنبياء/ 31)

يقول القرطبي في كتابه 'تفسير القرآن': 'الفجاج: معناه السبل، والفج هو الطريق الواسع بين الجبلين'.وهو ما يوافق الطريق الواسع 'السيار' بمفهومه العصري. كما يقول جل جلاله:

(وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا). (النحل/15)

ويشرح لنا الشوكاني لفظة'السبل': بالطريق، حيث يقول: 'أي وجعل فيها طرقا، أظهرها وبينها لأجل أن تهتدوا بها في أسفاركم وإلى مقاصدكم'.

إلا أننا نلاحظ، أنه من الأخطاء الشائعة التي يرتكبهاالفرد (عن قصد أو عن غير قصد) أثناء قيادة السيارة، تتمثل في عدم التمييز بين متطلبات الفرد الإنسانية والتي تنبثق عن حاجاته الفردية، والرغبات اللاإنسانية للسائق التيتخرج لحيز الوجود في فترة زمنية محددة، فتؤدي به أحيانا إلى التهور وارتكاب حوادث قاتلة، يكون ضحيتها في أغلب الأحيان أبرياء لا يمتلكون يد القرار من أجل تجنب حوادثالسير.

وكثيراً ما تكون حوادث السير متشعبة، وتخرج من نفق لتدخل في آخر دون ضوء يزيل عتمة تلك الأنفاق، لها عوامل عديدة نذكر منها:

1_ غياب تربية العقل والنفس.

2_تعاطي المخدرات والخمور.

3_ النقص في بناء التجهيزات الأساسية، من طرقات وإنارة وإشارات المرور...إلخ.

4_ نقصان في طرق المراقبة سواء كانت متحركة أو ثابتة. والسؤالالذي يخطر ببال الباحث والمهتم هو: هل للإسلام حل لحوادث السير؟ وكيف ذلك؟

لقد بذل أهل الاختصاص من مهندسي الطرق والقناطر وميكانيك السيارات وعلماء النفس، جهوداضخمة في التعرف على الأسباب الرئيسية لحوادث الطرقات وظواهرها. وبالرغم من الإنجازات الضخمة في هذا المجال الحيوي _أدى بهم أحيانا للقيام بتجارب على الأموات _ إلا أنمشكلة التعامل مع ظاهرة الحوادث ظلت في معظمها لغزا، لا تجد مفتاحه إلا من خلال التعاليم السماوية التي أنزلها خالق هذا الكون على الإنسان، التي تضم أسسا ومعالم محددةحتى يضمن الفرد مسيرته المعيشية والحياتية، نذكر منها:

أولا: تربية النفس والعقل.

إن الأمر المقطوع به، هو أن التعاليم السماوية ربطت في كثير من النداءات القوةالشخصية بالقوة العقلية وفي شتى مجالاتها، سواء منها التطبيقية والروحية.

ولقد كانت الاتجاهات الأساسية لتلك التعاليم، تتجه نحو تنمية عقل المسلم في مراحل التعليمالمختلفة، وخاصة منها الخطوات الابتدائية لبراعم الإيمان، حتى يتسلح المسلم منذ صغره بما يفيد نفسه، وينفع أمته، ويجنّب وطنه من كل الوضعيات السيئة، ومن بينها إيذاءالغير وانتهاك طمأنينة الناس والسرعة المفرطة بالسيارة وفي الطرقات العامة وخاصة منها الضيقة، والمرور بالشوارع الممنوعة، واستخدام السيارات الفاخرة من طرف بعضالمراهقين الذين يعبثون في الطرقات وخاصة أيام العطل، ويتولى مسؤولية ذلك الآباء والأقارب. فلذلك جاءت الشريعة _حسب رأي جمهور الأصوليين والفقهاء _ مبنية على مصالحالأمة جملة وتفصيلا، كما أنها (أي الشريعة) جاءت تهدف إلى تحقيق مصالح المخاطبين بها من المكلفين.

_فعن العز بن عبد السلام، يعرف المقصد بأنه جلب المصالح ودرءالمفاسد.

-وعند الشاطبي يكون: 'إخراج المكلف من داعية هواه ليكون عبد الله اختيارا كما هو عبد الله اضطراراً'.

قسم علماء الحديث المقاصد العامة للشريعة إلى فصول،نذكر من بينها: الضرورية، ومن أمثلتها أصل التشريعات في الأمور الخمسة الكلية: الدين _ النفس _ العقل _ النسل _ المال.

وما يهمنا في هذا الجزء هو حفظ النفس، من أجل ذلكشرع القصاص، والحدود والدين والكفارة، والحرمان من الميراث والحرمان من الوصية.

في هذا المضمار جاءت آيات عديدة تبيّن دور تربية عقل المسلم، وتطعيمه بالتعاليمالسماوية حتى يلتزم بكل المواصفات الحسنة، فلا يتعدى حدود الله ولا يتخطاها أو يتحداها، لأن في ذلك هلاكا لنفسه وللأبرياء، مصداقا لقول رب العالمين: (تلك حدود الله فلاتعتدوها، ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون). (البقرة/229) كما يقول جل شأنه: (وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) (الطلاق/1).

ثانيا: إصلاح المرافق العامةللطرقات:

في هذا الصدد يقول عمر بن الخطاب (رض) في رواية له: 'لو عثرت ناقة بالفرات لخشيت أن أسأل عنها يوم القيامة'. وهذا يعتبر منتهى التربية الإسلامية للنفس البشرية،وإحساسها بالمسؤولية الملقاة على عاتقها أمام أبناء المسلمين، وأمام الله، وذلك في تحسين الطرق وإزالة الأذى منها.

في هذا الإطار، روي عن معلمنا الأكبر محمد (ص): 'منأخرج من طريق المسلمين شيئاً يؤذيهم كتب الله به حسنة'.

ثالثاً: الاقتصاد في الطاقة:

يعتبر الإفراط في السرعة مضرة مباشرة للفرد وللمجتمع وللموارد الطبيعيةكالاستهلاك الزائد لخيرات البترول، وتخريبا للطبيعة (تلويث النباتات والمزروعات والإضرار بها...)، ويصبح الإنسان وقتئذ في خانة المبذرين الذين يعتبرون خارج القانونالسماوي، مصداقا لقوله تعالى:

(إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين). (الإسراء/27)

فالسرعة المتوسطة (80 كلم _ 90 كلم/ س) على الطريق السيار فيها راحة للنفس، وللركابوللناس كافة. كما أن فيها اذخار للثروات الوطنية الطاقية، ولنا في نصائح رب العالمين المثل الأعلى بالاقتصاد في خيراته، حيث يقول:

(ولا تبذر تبذيرا). (الإسراء/26)

كما يقول معلمنا الأكبر: 'الأناة من الله والعجلة من الشيطان فتبينوا'.

رابعاً: راحة السائق الجسمية والنفسية:

كما أن في السفر المستمر عذابا للسائق ولذويه،وخطرا على الناس في الطرقات، فلذلك أمرنا الإسلام بالراحة وعدم التفريط في مدة السفر، مصداقا لقول رسول الله (ص): 'السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم قومه وطعامه وشرابه،فإذا قضى نهمته من وجهه فليعجل إلى أهله'.

خامساً: محاربة المخدرات والخمر تحت شعار:

'العقل السليم في الجسم السليم'. ولقد جاءت الشريعة الإسلامية كضرورة لابد منهامن أجل قيام مصالح الدين والدنيا، وقد أدخلنا الشرع ضمن الأمور الخمسة الكلية في المقاصد العامة للشريعة، حيث شرع تحريم الخمر والمسكرات وتحريم المخدرات، كعناصر أساسيةلحفظ توازن العقل، وحفظ الأمة من مفسدات عمل المخمور، التي توقع العداوة بين الناس وتزهق أرواح الأبرياء، مصداقا لقول رب العالمين: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمروالميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون، إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر). (المائدة/ 90_91).

وبالفعل،لقد أثبتت التجارب والدراسات المخبرية المتعددة، التي أجريت في مجالي تعاطي الخمر والمخدرات، أن المتعاطي يقوم بإفساد سير العمل الاجتماعي، ويعرقل مسيرة المجتمعالتنموية، ويشكل تهديدا مباشرا لأمن واستقرار الأمة، فضلا عن النتائج السلبية على صحة وحياة نفس الفرد.

سادساً: تشجيع السائقين:

وهذا جانب له دور أساس في تفاديحوادث السير، وذلك بتشجيع السائقين الذين قضوا أكثر من 25 سنة في السياقة دون حوادث السير، وذلك بأن نقيم لهم حفلات خاصة لتكريمهم حتى يكونوا قدوة لغيرهم، ويتم منحهمجوائز وهدايا تشترك فيها كل من مديرية الطرق، وشركات السيارات، والمؤسسات المختصة في التأمين وكل من له علاقة من قريب أو بعيد بإشكالية حوادث الطرق. وبهذا نكون قد حاولناجميعاً المساهمة في تقليل نسبة الحوادث السنوية التي لا تنذر بالتفاؤل، خاصة وأن الطرق هي ملك للجميع.

إنها رؤية طبقنا فيها قول الطب الحديث حينما يقول: 'إذا اردت شفاءالمريض، فعليك بمعرفة أسباب مرضه أولا، لأنك حين تعرف الأسباب يصبح العلاج يسيرا، لأن العلاج ما هو إلا إزالة الأسباب'.

فلابد من وضع استراتيجية للقيام ببحث ميداني،نستطيع من خلاله بناء نموذج علمي، وهذا لا يكون إلا إذا قمنا ببناء جدول استطلاع من أجل دراسته، ومعرفة العوامل الرئيسة التي تؤثر في شتى مناحي مشكل الحوادث في المغرب.كما يجب أن يضم الجدول أسئلة تتعلق بإقامة الشعائر الدينية المطلوبة من أجل معرفة تنشئة الأفراد من الناحية التربوية، والثقافية، والاجتماعية والروحية.



المصدر: المعرفة الاسلامية والعولمة، أي آفاق؟


/ 1