خطورة القرآن نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

خطورة القرآن - نسخه متنی

محمود حمدی زقزوق

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. محمود حمدي زقزوق

خطورة القرآن...


القرآن الكريم كتاب مقلق للغربيين، ومحير لهم، ومبلبل لأفكارهم.

يقول (بلاشير): (قلما وجدنا بينالكتب الدينية الشرقية كتاباً بلبل بقراءته دأبنا الفكري أكثر مما فعله القرآن).

ولكن الأمر في الواقع ليس مجرد قلق أو حيرة أو بلبلة فكرية، وإنما الأمر أبعد من ذلكبكثير، إنه الشعور بخطورة هذا الكتاب. وقد كان للاستشراق دوره في التحذير من خطورة القرآن على العالم الغربي، فقد تكفل بالكشف عن أخطار القرآن طائفة من المستشرقين الذينأخضعوا بحثوهم العلمية للأهواء الشخصية أو الأهداف السياسية والدينية، فأعماهم ذلك عن الحق وأضلهم عن سواء السبيل.

وعندما تدرس هذه الفئة القرآن الكريم دراسةعميقة، وتتأمل مبادئه الأساسية، وتتبين مزاياه الفريدة، وما فيه من دعوة إلى الترابط، والاعتصام بحبل الله المتين، والتعاون على البر والتقوى، والتحذير من الشر أوالظلم، والنهي عن السخرية بغيرنا أو التجسس عليه، والتحذير من الغيبة والنميمة، والحض على الصدق والأمانة، والعدل والوفاء بالعهد، والحث على طلب العلم والتخلص من الجهلـ عندما يتبينون ذلك كله يحاولون طمس هذه الحقائق، وإبعاد المسلمين عنها، ويسارعون إلى أولي الأمر في بلادهم من المستعمرين القدامى أو الجدد، ويوحون إليهم بأن هذاالقرآن كتاب خطير، لأنه اشتمل على مبادئ تقيم الدنيا وتعقدها، وإذا تحقق فهمها وتطبيقها ساد أهله العالم كله وتحكموا في مصيره.

وهذا يعني أن المسلمين إذا عرفواكتابهم حق المعرفة، وطبقوه تطبيقاً تاماً، فالويل كل الويل للاستعمار القديم والجديد. إذ أنه لن تقوم له قائمة بعد الساعة التي تتم فيها هذه المعرفة، ويتحقق فيها ذلكالتطبيق. ومن ثم يتبين ذلك المجهود الذي يبذله المستعمرون في أن يبقى القرآن مجهولاً، وأن تظل مبادئه بعيدة عن التنفيذ.

ومن هنا نعرف سبب هلع الغرب وفزعه الذي لا حد لهعندما يشعر بوجود تيار إسلامي في أي مكان في العالم الإسلامي، أو ما يعرف الآن بالصحوة الإسلامية، التي تعني ـ لو أحسن ترشيدها ـ عودة إلى هذا القرآن الخطير، الذي يزرعالعزة في قلوب أبناه، ويرفض أن يكونوا أذلاء لأعدائهم. وهذا يعني أيضاً انطلاق المارد الإسلامي من سجنه ليثبت وجوده مرة أخرى، الأمر الذي يهدد أطماع ومصالح الغرب فيالشرق الإسلامي.

وتقوم وسائل الإعلام في الشرق والغرب بتصوير الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي بالتطرف والتشدد والجمود والرجعية والتعصب والإرهاب وكل ما فيالقاموس من ألفاظ من هذا القبيل. ويعمل الغرب والشرق مجتمعين على ألا تقوم للإسلام قائمة مرة أخرى، وهذا هدف لا خلاف عليه بين كلا المعسكرين، ولكن المسلمين لايدركون هذهالحقيقة إدراكاً تاماً.

وتتجه الجهود إلى تحويل أنظار المسلمين إلى أن طريق الخلاص هو في اتباع سبيل الغرب العلماني. ولهذا تنطلق الدعوة من جانب بعض المستشرقين إلىإصلاح الإسلام. فالإسلام في زعمهم دين جامد لم يعد مسايراً لروح العصر. ومن أجل ذلك فهو في حاجة إلى إصلاح جذري. وفي ذلك يقول (ك. كراج K. Cargg) رئيس تحرير مجلة العالمالإسلامي:

(إن على الإسلام إمّا أن يعتمد تغييراً جذرياً فيه أو أن يتخلى عن مسايرة الحياة).

ولعله من نافلة القول أن نشير هنا إلى أن الإسلام يشتمل على أصول لايملكأحد أن يغير فيها شيئاً، وهي عقائد الإسلام الأساسية، ويشتمل على فروع وهي قابلة للتغيير حسب المصلحة الإسلامية، وأن الإصلاح الذي نفهمه نحن المسلمين هو إصلاح للفكرالإسلامي الذي هو في حاجة إلى المراجعة المستمرة حتى يتلاءم مع متطلبات العصر وحاجات الأمة في إطار التعاليم الإسلامية. ويعبر الداعية الإسلامي الكبير الشيخ محمدالغزالي عن ذلك بأنه (مراجعة لا رجوع).

ويتورط بعض من أبناء المسلمين في حمل لواء الدعوة إلى إصلاح الإسلام كما يفهمه المستشرقون. ومن أحدث الكتب في هذا الشأن كتاب صدرفي ألمانيا الغربية (عام 1981) بعنوان: (أزمة الإسلام الحديث) لمؤلف عربي مسلم ـ يعمل في إحدى جامعات ألمانيا ـ يدعو فيه بحماس إلى الأخذ بالأنموذج الغربي في الإصلاح المتمثلفي جعل الدين مجرد تعاليم خلقية لا تكاليف إلزامية، فذلك في نظره هو الحل الوحيد لأزمة الإسلام. وبذلك يتم إبعاد الدين كلية عن التدخل في شؤون الحياة حسب الأنموذجالعلماني الغربي.

وقد وصل الأمر في بعض البلاد الإسلامية العلمانية إلى معاملة الفكر الإسلامي معاملة الفكر الماركسي من حيث كونهما خطراً تجب مكافحته وتعقب الداعينإليه.

وقد قام الاستعمار بالتخطيط المدروس لإضعاف العالم الإسلامي وإبعاده عن مقوماته الإسلامية، ومنع أية محاولة لجمع شمل المسلمين مرة أخرى، ووجد الاستعمار منبين أبناء العالم الإسلامي أناساً ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات لتحقيق أهدافه. ونحن لانلقي هنا القول على عواهنه، وإنما هذا ما تنطق به الوثائق السرية الاستعماريةنفسها. فقد جاء في تقرير وزير المستعمرات البريطاني (أورمسبي غو) لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير (كانون الثاني) 1938م ما يأتي:

(إن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هيالخطر الأعظم الذي ينبغي على الامبراطورية أن تحذره وتحاربه، وليس الامبراطورية وحدها، بل فرنسا أيضاً، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة، وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة.

إنسياستنا الموالية للعرب في الحرب العظمى (يعني الأولى) لم تكن مجرد نتائج لمتطلبات (تكتيكية) ضد القوات التركية، بل كانت مخططة أيضاً لفصل السيطرة على المدينتينالمقدستين مكة والمدينة عن الخلافة العثمانية التي كانت قائمة آنذاك.

ولسعادتنا فإن كمال أتاتورك لم يضع تركيا في مسار قومي علماني فقط، بل أدخل إصلاحات بعيدةالأثر، أدت بالفعل إلى نقض معالم تركيا الإسلامية).



المصدر: الاستشراق والخلفية الفكرية للصراع الحضاري

/ 1