إسلام و ظاهرة الجنوح نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إسلام و ظاهرة الجنوح - نسخه متنی

محمد علی الهمشری، وفاء محمد عبدالجواد، علی إسماعیل محمد

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

محمد علي الهمشري، وفاء محمد عبدالجواد، علي إسماعيل محمد

الإسلام وظاهرة الجنوح

المجتمع المسلم تحكمه قيم دينية أنزلها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم على نبيه الأمين ليعتصم بها أتباع الدين السماوي الخالص، ولتعصم أفراد هذا المجتمع من الزللوالغواية، ولتهديهم إلى خير الدنيا والآخرة، ولذلك تدعو الشريعة الغراء إلى الاعتصام بحبل الله تعالى: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) الآية 103 آل عمران.

فالمسلمون أمة ملتزمة، يعملون للدنيا والآخرة في إطار أحكام دستورهم المنزل من ربهم، وسنة بينهم (ص)، هادي البشرية للخير والاستقامة، الذي يقول: ((مثل المؤمنين فيتوادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر)) رواه البخاري.

ومن ثم فإننا نعجب كل العجب كيف يمكن أن تظهر ظاهرة الجنوحفي مجتمع صح إسلامه؟ لكننا نجد في قرآننا الكريم ما يسري عنا وقوع بعض تلك الظواهر، فالغواية والفجور كما أن الاستعداد للتقوى والطاعة والصلاح من الاستعدادات الموروثةفي النفس الإنسانية.. الخير والشر معاً موجودان في الطبيعة البشرية ـ قال تعالى: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) الآيتان 7 ـ 8 الشمس.

المجتمع الاسلامي إذنمجتمع تظلله راية الاسلام، ويجمع بين أفراده رباط العقيدة السمحة، ويربط بين أفراده الود والتراحم، ويحرص المنتمون إليه على قوته وتماسكه وازدهاره. والاسلام يحمل الفردالمسلم والأسرة المسلمة المسؤولية كاملة في تطبيق شعائر المجتمع المسلم والحفاظ على هذا المجتمع وحمايته من كل شر. ويعتبر ذلك جهاداً في سبيل الله. والمقاتل الغازي فيسبيل الله يعود من الجهاد الأصغر في القتال إلى الجهاد الأكبر وهو جهاد النفس.

وحواس الانسان المسلم تجعله مسؤولاً عن كل ما يقع تحت سمعه وبصره من حيد عن الصراط السويللعلاقات في مجتمعه المسلم، وعما يقع منها من زيفه، يقول الحق تبارك وتعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) الآية 26 الإسراء. ويقول سبحانه وتعالى:(وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه) الآية 13 الإسراء.

ومن ثم كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجباً على المسلم، يحض عليه الدين، ويبشر من يقومون به بخير قالتعالى: (الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين) الآية 12 التوبة.

والجنوح إفساد في الأرض وعدوان على حقوق الآخرين، والمولى سبحانهوتعالى يقول: (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين) الآية 190 البقرة). وإتيان الفواحش، وارتكاب الإثم والبغي في الأرض بغير الحق جنوح، يقول المولى عز وجل: (قل إنما حرم ربيالفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق) الآية 33 الأعراف.

والسعي في الأرض بالفساد جرم كبير، ينذر الله فاعله بالعقاب الشديد، ويدعو إلى محاربة أهله فيالدنيا، حيث يقول تعالى: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفعوا من الأرض ذلك لهم خزيفي الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) الآية 33 المائدة.

وارتكاب جريمة السرقة جنوح، لأنه فعل موجه إلى أمن الآخرين والعدوان على ممتلكاته، والله يقول: (والسارقوالسارقة فاقطعوا أيديهما جزاءً بما كسبا نكالاً من الله) الآية 38 المائدة.

والحفاظ على حدود الله أمر واجب على كل مسلم، فشرب الخمر أو الزنى أو شهادة الزور أو سبابالغير أمور محرمة في الاسلام، ولكل منها عقوبة خاصة حددتها الشريعة الغراء، وكلها صور من صور الجنوح توعد الله مرتكبها بدخول جهنم، قال تعالى: (ومَن يعص الله ورسولهويتعد حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) الآية 14 النساء.

و (خيانة الأمانة) وعدم أدائها إلى أهلها (جنوح) فيه إضرار بالغير، وهو مخالفة صريحة للدين الذييدعو إلى رعاية الأمانة، قال تعالى: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) الآية 58 النساء.

وشهادة الزور من أكبر الكبائر حذر الله منها في القرآن الكريم، قالتعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان، واجتنبوا قول الزور) الآية 30 الحج.

ويحرم الاسلام الحنيف (الغصب) وأخذ حق الغير عدواناً وقهراً، قال تعالى: (ولا تأكلوا أموالكمبينكم بالباطل) الآية 88 البقرة.

ومنهج الاسلام التربوي في إعداد الناشئة للتمسك بآداب الدين وتعاليمه، وللسير حسب مقتضاه شرحه الرسول الكريم (ص) حين قال: ((إنما بعثتمعلماً)).

ونص على ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: (هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) الآية 2 الجمعة.

والوعظوالنصح والتوجيه ركن مهم في عملية التعليم، وقد سلك القرآن الكريم مسلك الوعظ والنصح والتوجيه، لم يدع جانباً من جوانب إصلاح النفس الانسانية إلا عالجه بالعظة المباشرةوغير المباشرة، فالقصص القرآني مليء بالعبر، إلى جانب ما يأتي بطريقة صريحة في هذا السبيل ومن ذلك قوله تعالى: (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشركلظلم عظيم * ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهناً على وه وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير * وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهمفي الدنيا معروفا * واتبع سبيل من أناب إلي ثم غلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون * يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو الأرض يأت بها الله إنالله لطيف خبير * يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور * ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كلمختال فخور * واقصد في مشيك وأغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) الآيات 13 ـ 19 لقمان.

والاسلام حين يخاطب الناس فإنما يخاطبهم جميعاً، كبيرهم وصغيرهم، ذكورهموإناثهم، وهو يعلم أن هؤلاء رعاة ورعية. والرسول الكريم (ص) يقول: ((كلكم راع وكلم مسؤول عن رعته)).

ولذلك يحمل الأبوان المسؤولية كاملة في تنشئة الصغار على أداء الفروضوالنوافل، وعلى الالتزام بأحكام الشرع، وعلى محبة الله وخشيته، وعلى السعي من أجل كسب الخير في الدنيا والآخرة، ويحمل المسجد والمدرسة ومن ورائهما وسائل الإعلام فيالمجتمع الاسلامي المسؤولية كاملة لتوجيه الناشئة الوجهة الاسلامية الصحيحة، ويتحمل الحاكم المسلم المسؤولية لتوفير أسباب الحماية والتوجيه وتوفير التربية السليمةللناشئة ليشبوا على طاعة الله ولحمايتهم من الجنوح والانحراف.

وذا كان العلم الحديث يُرجع بعض حالات الجنوح والانحراف إلى وجود أنواع من القسوة أو الإهمال أو عدمالرعاية المادية والصحية والنفسية والتعليمية للأطفال في سني حياتهم الأولى أو لعدم توافر الاستقرار في الظروف الأسرية التي ينشأ فيها مثل هؤلاء الأطفال فإن الاسلام قدحدد لنا السبل توفير الرعاية الكاملة للمولود منذ ولادته، وحتى تتوافر له القدرة على إعالة نفسه وغيره، ومن ذلك:

ـ الضوابط التي وضعها الاسلام لتكون الأسرة الصالحة،بما في ذلك الشروط التي ينبغي أن تتوافر في الزوجة، وأولها شرط توافر الدين، فعن النبي (ص) أنه قال: ((إذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه)) الترمذي.

ـ المناخ الذي ينبغي أنيظلل الحياة الأسرية، بحيث تبنى الأسرة على المودة والتراحم، وتكون بمثابة الاستقرار والسكن، قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعلبينكم مودة ورحمة) الآية 21 الروم.

ـ ويوصي الاسلام بحسن المعاشرة بين الزوج والزوجة، قال تعالى: (وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيهخيراً كثيراً) الآية 19 النساء.

ـ ويحدد سبيل الإصلاح بين الزوج والزوجة إذا ما دب الخلاف بينهما، قال تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً منأهلها * إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً) الآية 35 النساء.

ـ ويدعو الاسلام الآباء والأمهات وغيرهم من القائمين على أمور التربية إلى حسنتأديب الأبناء. وفي الحديث الشريف قال (ص): ((أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم)) رواه ابن ماجه.

ـ وخشية أن تولد مشاعر الغيرة والحقد بين الأبناء يدعو الاسلام الحنيف إلىالمساواة بينهم في العطية، ففي الحديث الشريف عن ابن عباس (رض) قال: ((قال رسول الله (ص): سووا بين أولادكم في العطية ولو كنت مفضلاً أحداً لفضت النساء)). رواه الطبرانيوالبيهقي.

ـ ويحث الاسلام على اختيار الصحبة الصالحة، ويكون ذلك أمراً واجباً حتمياً لحماية الصغار من الانحراف، عن ابن حبان (رض) قال: ((قال رسول الله (ص): المرء علىدين خليلهن فلينظر أحدكم من يخالل)) رواه الترمذي.

ويروي أبو هريرة (رض) عن النبي (ص) قوله: ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسكإما أن يحذيك (يعطين) أو تشتري منه أو تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحاً منتنة)) رواه البخاري ومسلم.

ـ ولم يدع الاسلام مشكلة (وقتالفراغ) لتضر بالأهداف التربوية التي ننشدها لأبنائنا، فالاسلام يحث على تعليم الأبناء السباحة والرمي وركوب الخيل باعتبارها رياضات تفيد الجسم والعقل والروح وتساعدفي القضاء على مشكلة وقت الفراغ. عن أبي هريرة (رض) أن النبي (ص) قال: ((وارموا واركبوا وإن ترموا أحب إلي من ن تركبوا)) رواه الترمذي.

ـ وإذا كان العلم الحديث قد توصل إلىالأمراض التي تعتري الانسان فتترك بصماتها على هيئة اضطرابات سلوكية يرجع بعضها إلى العصاب Neurosis أو إلى الذهان Psychosis، وذهب في تشخيص الاضطرابات السلوكية الناتجة عن تلكالأمراض شوطاً بعيداً، وتوصل إلى أنواع من العلاج الدوائي والنفسي لها، فإن الكثير من تلك الحالات لم يكن موجوداً إبان صدر الاسلام حيث كان الناس بعيدين عن الضغوطالنفسية والاجتماعية التي جلبتها الحياة في المجتمعات الحديثة، بما يحكمها من سياق مادي وتكنولوجي في ظروف بالغة الصعوبة. وهناك الآن من يعيش تحت مستوى الفقر، وهناك منتتوافر له أسباب الغنى والثورة وبلا حدود، بل هناك شعوب كاملة لا تجد قوت يومها، بينما هناك دول تلقي بفائض الحاصلات الزراعية في عرض المحيط، وهناك أسلحة فتاكة وحروبكيميائية وإشعاعات نووية ومستقبل يتهدده الفناء بين لحظة وأخرى، مما جلب الكثير من المعاناة للبشر.

ومع ذلك فإن الاسلام الذي كان يكفي المسلم فيه أن يلجأ إلى الوضوءوالصلاة ليزيل الكثير من أسباب القلق والتوتر، وإلى قراءة القرآن ليذهب عنه الكثير من الخوف، ولتعود إليه الدعة والاطمئنان.. هذا الاسلام يدعو البشرية إلى التحابوالتعاون لتظلل راية الاسلام والسلام والمعمورة.

وهو لا يحول بين المسلم وبين اللجوء إلى التداوي بسائر السبل المتاحة، ومع ذلك فإن المسلم الصحيح الاسلام لا يقطعصلته بالله، وهو يردد دائماً قوله تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) الآية 62 البقرة.

/ 1