اشکاليه التعريب - إشکالیة التعریب نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إشکالیة التعریب - نسخه متنی

عبدالله العروی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

اشکاليه التعريب

الإصلاح اللغوي والسلطة القومية:

عبد الله العروي

إن العمل الضخم الذي قام به اللغويون المسلمون خلال القرنين الثانيوالثالث للهجرة، يدل بكيفية واضحة على أن اللسان المعرب، لسان الشعر والسجع، كان دائماً، حتى أيام الجاهلية، لسان المحافل، ولم يكن مستعملاً في نطاق العائلة أو القبيلة.مع انتشار الكتابة وتدوين النحو حسب قواعد متأثرة بالمنطق المجرد، تعمقت الهوة بين اللسان المكتوب واللغات المحكية، وهي ظاهرة عامة نجدها في تاريخ كل لغة ونلاحظهااليوم، بنسب متفاوتة، في كل مجتمع، حتى الأكثر توحيداً، والأغنى بوسائل الاتصال. يعني هذا أن مجرد تدوين لغة ما، أي جعلها لساناً مضبوطاً مبنى ومعنى يخلف تناقضاًمستمراً في علاقات اللسان بالمجتمع. المجتمع يتطور، يتمايز إلى فئات متعارضة أو متصارعة، اللهجات تتغير. النطق، التركيب، الاشتقاق.. كل ذلك يتحول بإطراد، واللسانالمقوعد مجمد في القواعد التي حررها النحاة واللغويون. فتنشأ بمجرد تدوين اللسان مشكلتان متلازمتان: مشكلة الفصاحة ومشكلة الإصلاح.

اللسان لهجة بين عدة لهجاتمتساوية، اختيرت لأسباب عارضة لتكون مثالاً. ولكي تمثل ذلك الدور، كان لا بد من أن تكتسب قدراً كبيراً من الاستقرار، أي لا بد من أن تتطور بوتيرة أبطأ من تطور اللهجاتالأخرى. اللسان إذن، بحكم دوره المعياري، يتأخر شيئاً ما عن التجربة التاريخية. يميل الناس إلى الاقتصاد في النطق وإلى السهولة في التركيب، وفي شأن المفردات إلى تبني أولكلمة أطلقت على شيء معين مهما كان أصلها، وفي ميدان النظريات إلى نحت المصطلحات وإبداع الرموز دون التفات لقواعد الاشتقاق. كل هذا يحصل والنحاة واللغويون عاكفون علىتدوين حالة سابقة من المسيرة اللغوية. مهما يكن تفتحهم، يستحيل أن يعتبروا أنفسهم مجرد آلة تسجل كل جديد، لأن هذا الاتجاه مناقض لمنطق صناعتهم، الهادفة إلى إعطاء قواعدقارة للهجة التي اختيرت كلسان جامع. إن كتب النحو والقواميس متأخرة بالضرورة عن وضع اللغة في الزمن الذي كتبت فيه. قضية الإصلاح إذن مطروحة منذ البداية: إصلاح الحرفوالنحو وطرق الاشتقاق. وبمجرد طرحها تظهر صعوبة القرار فيها، لأنها تبدو تراجعاً عن قرار تدوين وقولبة اللسان الجامع. لذا، تكون قرارات إصلاح اللغة أصعب القرارات فيتاريخ كل مجتمع، ولا يجرؤ على اتخاذها إلا الزعماء الأقوياء في بدء نظام قوي. من اتخذ مثل هذه القرارات في تاريخ الثقافة العربية؟ عمر بن الخطاب، عبدالملك بن مروان.. ما أنضعف حكم العرب واستولى عليهم العجم، حتى أحجم كل حاكم عن ميدان اللسان وترك الأوضاع تسير حسب قوانينها الذاتية. نستخلص من هذه الملاحظات أن قضية اللغة، وهي في العمق قضيةإصلاح متواصل، ليست خاصة باللسان العربي، ليست متولجة عن بنية خاصة به، إذ يظهر المشكل عينه في أي مجتمع بمجرد ما تقوعد لهجة لتصبح لساناً جامعاً. إنما يكتسي الأمر صفةمشكل حاد، عندما تحدث ظروف تمنع من اتخاذ القرارات لتحقيق الاصلاحات اللازمة، ومنها انعدام حكم قومي.

ماذا يحدث عندما تترك الأمور على حالها؟ تتعمق الإزدواجية، أيالتباعد بين المنطوق والمكتوب، بين اللهجات واللسان. فتستقل اللهجات بالتطور: كل المعارف الجديدة حول المحيط الطبيعي، حول التاريخ والعادات، حول الصنائع.. تفرغ في لغاتخصوصية بمعزل عن اللسان المقوعد. وبما أن هذا لا يعرف تجديداً من الخارج، فإنه يدخل في عهد التغييرات الداخلية: ترتب مواده حسب قواعد جديدة، تتغير علل النحو والصرف وطرقاشتقاق المفردات نفسها. اللسان المقوعد مفصول عن الصناعات، فيصبح هو نفسه صناعة مستقلة. هذا تجديد ظاهري عقيم، لا علاقة له بالتجديد الحقيقي، أي تجديد المدارك الطبيعيةوالنظرية.

كان الوعي بضرورة الإصلاح حاداً في بدء النمو الثقافي العربي، ثم بدأ يخفت مع استمرار ركود المجتمع إلى حد الانعدام. ولم يبعث من جديد إلا بعد ما جاءتالصدمة الاستعمارية. عند ما دخل المجتمع العربي في صراع مر مع الغرب. كان التناقض بين الأوضاع اللغوية في كلا المجتمعين في مستوى التناقض الموجود على الصعيد العسكريوالصناعي والاقتصادي. لا نقصد أن أي لسان غربي كان أشمل تنسيقاً من اللسان العربي بل العكس هو الصحيح، إنما نقصد أن اللسانين الإنجليزي، والفرنسي إلى حد أقل، كانا أكثرالتصاقاً وتأثراً باللهجات واللغات الاصطلاحية والرموز من العربي، وأن تلك المنظومات الكلامية، كانت أكثر تطوراً ومرونة وغنى مما كان موجوداً عند العرب. إذا قلنا إنالقاموس الإنجليزي أوسع من العربي، قد لا يكون قولنا صحيحاً من الناحية العددية، لكنه صحيح إذا اعتبرنا المفردات الإسمية المادية، تلك التي تتأصل في اللهجاتواللغات.ومن خلال التصادم تطرح من جديد قضية الإصلاح اللغوي بعد ما غابت من أفق الفكر العربي منذ قرون.

من الشطط القول إن الاستعمار خلق قضية التعريب. إنما خلق قضيةموازية لها، عرفناها بالمشكلة الاجتماعية، إذ نزع الصفة القومية عن الطبقة الوسطى التي أحدثها.

أما في العمق فإنه بعث من جديد الوعي بالإصلاح، الذي يتحتم كلما قننتاللغة في مجتمع ما، بعد إهمال دام عدة قرون، بسبب انهيار السلطة القومية، وبسبب الجمود الذي خلق في الوجدان إيماناً خاطئاً بن اللسان المكتوب يعبر عن كل ممكن في الكون.

إن مشكلة التعريب كما نعيشها اليوم، ترجع في الأساس إلى أن الإصلاح اللغوي الضروري في كل مجتمع، لم يتحقق عندنا في القرون الماضية. ولا يمكن أن يتحقق حالياً، إلا في إطارسلطة قومية لها نفوذ قوي.







* المصدر: ثقافتنا في ضوء التاريخ


/ 1