في نقد الاستراتيجيا: الجهاد كفريضة غائبة
محمد ضريف كان 'الجهاد' في التجربة الإسلامية الأولى زمن النبي (ص) وسيلة ضمن مجموعةوسائل لبلوغ أهداف معينة يمكن اختزالها في حماية الهوية الإسلامية، غير أن تيار الإسلام السياسي حاد عن هذا الفهم الصحيح وجعل من 'الجهاد' هدفا في حد ذاته.
يشخص محمدسعيد العشماوي هذا التحول، ويؤكد أن الجهاد في نظر الأصولية الإسلامية السياسية الحركية 'فريضة دينية _ لم تزل غائبة، ولن تعود إلا بإشهار السيوف وإعلان الحروب علىالجميع، مسلمين وغير مسلمين ممن يخالفونهم الاتجاه أو يعارضونهم الأسلوب، حتى ينتهي الأمر... إلى غلبة ما يعتقدون فيه وسيادة ما يؤمنون به'.
يرصد العشماوي التطوراتالتي عرفها مفهوم الجهاد خلال فترة النبي (ص) ليفند ما تذهب إليه الأصولية الإسلامية السياسية وليخلص إلى القول: 'بهذا المعنى يكون الجهاد أسلوبا كريما وباعثا قوياودافعا ساعيا للارتقاء بالذات والسمو بالنفس والعلو بالروح حتى تُعطي دون توقع للرد، وتبذل دون نظر إلى المقابل، كما أنه يكون من جانب آخر تربية للمؤمن على أسلوب الدفاععن النفس الذي يبدأ عندما يبدأ العدوان وينتهي بنهايته، فلا يجنح الى الابتداء بالعدوان، ولا ينحرف إلى الاستمرار _فيما بعد وقفه _ كما تهون النفس عادة، ما لم تنضبطبالمجاهدة الحقة والمكابدة السليمة'.
إن المبالغة في استعمال العنف باسم الجهاد يخل بحقوق 'المواطنة'، بل وبحقوق الإنسانية. لذلك فالجهاد 'لايمكن أن يكون، تحت أي ظرفمن الظروف وطبقا لأي تفسير عاقل سليم، قتلا أو اغتيالا أو نسفا أو تدميرا. إن هذا الفهم الضال المضل لمعنى الجهاد جعله قتلا من المسلم للمسلم، سواء كان مواطنا في بلد آخرأو حاكما أو مجتهدا أو مواطنا في ذات الوطن، وبذلك بَدّلَ من المعنى السامي معاني كريهة، وغَيّرَ من الدعوى الإنسانية فجعل منها اتجاها لا إنسانيا'.
المصدر : الحركة الاسلامية النشأة والتطور