غیب و الشهادة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غیب و الشهادة - نسخه متنی

علی الکورانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

علي الكوراني

علي الكوراني

الغيب والشهادة


في نظر الاسلام ينقسم ما هو كائن إلى ثلاثة اقسام:

كائن طبيعي مشهود _ عالم الشهادة.

كائنطبيعي غير مشهود _ عالم الغيب.

فالقسم الطبيعي المشهود هو ما تصل اليه أجهزة حواسنا (لاجهاز إدراكنا) كالأرض وما يحيط بها من فضاء وكواكب ونجوم.. ونسبة هذا العالم إلىالعوالم الطبيعية غير المشهودة كنسبة البيضة أو الرحم إلى الأرض (كما ورد التمثيل بذلك في الحديث الشريف)..

والقسم الطبيعي غير المشهود يشمل عوالم: الجنة، والنار،والملائكة، والجن وعوالم المخلوقات الأخرى التي ورد في الحديث أنها كثيرة ومتنوعة. والأقرب لنا من الجميع عالم الجن الذي يشترك معنا في جملة من الخطوط العامة من الخلقوالتكليف وأصول الرسالة الالهية، ولهذا نجد الله تعالى يشركنا معاً في خطاب واحد في كثير من الآيات. بل يمكن القول إن تبليغهم الرسالة الإلهية يتم بواسطتنا كما يتمتبليغنا اياها بوساطة الملائكة عليهم السلام.. هذا بالإضافة إلى اشتراكهم معنا في سكن أرضنا نسبياً.

وأما القسم الثالث الكائن غير الطبيعي، فهو الكائن بذاته سبحانهوالموجد لقسمي الكائن الطبيعي المنظور وغير المنظور. وهو عز وجل كون يكتنف العالمين أجمع ويتلابس فيها بنوع من التلابس.

هذي هي الخطوط العامة للصورة التي يقدمهاالاسلام عما هو كائن أو عن الكون ككل.. ويدخل في غرضنا أن نسجل عنها بعض الايضاحات:

***

أن التعبير القرآني بالشهادة والغيب أصح من تعبير الفلاسفة بالطبيعة وما وراءالطبيعة، وذلك لأن كلمة الطبيعة تشمل المشهودة وغير المشهودة بينما يقصد منه الفلاسفة خصوص الطبيعة المشهودة. كما أن ما وراء الطبيعة يقصدون به الموجود غير الطبيعيكلياً، على أن ما وراء الطبيعة هذا قد يكون طبيعة غير مشهودة وقد يكون غير الطبيعة كلياً.

ومن النتائج الملحوظة لهذا اللبس لدى الفلاسفة المحدثين أنهم يفترضون مسبقاًفي اصطلاح (ما وراء الطبيعة) أنه كائن غير طبيعي، مع أنه لا محتم لذلك..

أما لو استبدلنا هذا المصطلح القديم بالتعبير القرآني _الشهادة والغيب _ لارتفع اللبس لأنالشهادة تخص الكون المشاهد عن طريق الحواس فعلاً، والغيب يشمل الكون الذي يغيب عن حواسنا فعلاً سواء كان كوناً طبيعياً أو غير طبيعي..

***

أن الغيب هو القسم الأكثروالأكبر من الوجود، فإن من البديهة لدى أي انسان إذا قاس ما يشهده من الوجود إلى ما يقدره من الغائب عنه أن ما يشهده هو الأقل وما لا يشهده هو الأكثر.. فكيف إذا اطّلع أدنىاطلاع في علم الفضاء والنجوم أو أخبر من الله عن وجود عوالم لمخلوقات كثيرة متنوعة..

'لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس، ولكن أكثر الناس لايعلمون' أو أراد أنيقيس الوجود المخلوق كله إلى الوجود الخالق سبحانه وتعالى 'وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما'.

***

تتم معرفة الانسان بالغيب _عوالم الطبيعة والله _ منثلاثة طرق:

أ_ طريق الإنتظام الشامل والتهديف الواضح في تكوين وتسيير مجموع أجزاء الطبيعة المشهودة.. من ذرات الرمل الصغيرة، إلى الماء، فالنبات، فالحيوان،فالانسان، فالغلاف الهوائي والغازي اللذين يحفظان حياة الأفراخ والغذاء إلى موقع الشمس، ومواقع النجوم في أرجاء الفضاء الذي يلفنا..

فإن هذين الأمرين (النظم والقصد)اللذين يدفعان عموم الطبيعة في مسيرة ترابطية مقننة نحو النمو والاكتمال يشكلان طريقاً علمياً وحقلاً واسعاً خصباً للإنتقال إلى الغيب الحكيم سبحانه الذي نظم كل جزءبذاته ونظم عموم الأجزاء بعضها مع بعض، وأحكم تهديف مسيرة الجزء الصغير والكل الكبير سواء.

فلا أظن باحثاً في جانب من هذا الحقل الخصيب إلاّ ويملأ وجدانه الاحساسبوجود الناظم القاصد سبحانه.

ب_ طريق التعليل تعليل أصل وجود الطبيعة وتعليل حركتها، فإن البحوث في هذا الحقل تكشف لنا أن فرضية أزلية المادة وفرضية حركتها الذاتيةما هي إلا وهم مرفوض، ولقد أصبح المنهج العام السائد في الكشوف والدراسات الحديثة يتجه إلى أن عالمنا لم يكن ثم كان، وأن جزئياته الدائبة الحركة لا يمكن اعتبارها ذاتهاالرصيد الممون لأنواع الحركة وأشواطها الطويلة..

ومن هنا تتجه العلوم إلى تقدير الزمن الماضي من عمر البحار والأرض والنجوم والضوء والنبات والحيوان والانسان..ايماناً بثبوت البداية لعموم الطبيعة نذكر من هذا الاتجاه على سبيل المثال اكتشاف العناصر الذرية وتحول بعضها إلى بعض (طبيعياً ومعملياً) مما يؤكد وحدة الواقع الماديالمشترك بين جميع الأشياء ويجعل من المستحيل اسناد تنوع واختلاف حركاتها إلى تلك المادة الواحدة إذ ما دامت المادة الاساسية حقيقة واحدة فهي عاجزة عن تحقيق التنوع فيالظواهر والإختلاف في التحرك، اللهم إلا أن نقضي على جميع العلوم الطبيعية ونتائجها ونقول ان الحقيقة الواحدة تتناقض ظواهرها ونواميسها!

وحينما يثبت عجز المادةالأساسية عن ايجاد التنوع في أشياء الوجود فلا يبقى الا السبب غير المادي لهذا التنويع.

وما تثبت له البداية يثبت له المبدىء أو المحرك الاول الخالق عز وجل.

ج_مجموعة كبيرة من ظواهر الطبيعة المشاهدة لا يمكن تفسيرها وتعليلها إلا بالصدور عن سبب وراء الطبيعة، نذكر منها على سبيل الامثلة:

*الذهن البشري الذي يحوي كميات كبيرةمن الصور والادراكات والتي لا يمكن أن تكون مادية ولا حالة في مساحة مادية، كما يقوم بعمليات متنوعة واسعة لا يمكن تفسيرها بالنشاط المادي.

*النفس البشرية ونشاطها حالالنوم العادي والمغناطيسي وتفاعلاتها مع النفوس الأخرى والأشياء في حالات الشعور واللاشعور، فإن مجموعة ظواهر النفس هذه لا يمكن تفسيرها بأسباب مادية..

*معجزاتالأنبياء والأئمة التي لا يسع الباحث ردها لأن ثبوتها قد تواتر كما تواتر وجود الدول والأحداث التاريخية، على أنه يوجد طرف منها في كل عصر.

*الفكر والتشريع الإسلاميالذي لا يمكن نسبته الى عقلية بشرية لأنه يفوت المستويات الفكرية والقانونية الماضية والحاضرة لدى الناس.

*القرآن الكريم الذي لا يمكن نسبته فكريا وأدبيا ونفسياًالى مستوى بشري من الماضين والحاضرين.

*أحداث جزئية تملأ حياة الناس وربما توجد في حياة كل شخص كالإمتناع اللاشعوري عن عمل ينكشف فيما بعد خطره الكبير والإطمئنانالقلبي بوجود قضية أو حدوث حادث ينكشف فيما بعد صدق وقوعها، الى غير ذلك من القضايا التي لا يمكن إسنادها إلا الى فعل قوة غير مادية تؤثر على الإنسان وتلهمه.

فإن مجموعهذه الظواهر تشكل على الأقل دليلاً واحداً على وجود غيب وراء المادة..

***

إن التقنين والترابط كما هو حقيقة سائدة في عالمنا المشهود كذلك هو حقيقة سائدة في عوالمالطبيعة غير المشهودة كما هو حقيقة سائدة بين عوالم الغيب والشهادة أيضا.

فمن الأمور المؤكدة في القرآن أن مجموع العوالم تم خلقها بوزن وتقدير (ما خلقنا السماواتوالأرض وما بينهما إلا بالحق) (الحجر/85)، ومن هنا يجب النظر الى الطبيعة المشهودة والغائبة على أنها مركب كلي تترابط كافة اجزائه ببعضها وتتفاعل في ظل قوانين موحدة شاملة،فما مثل المشهود والغائب من الطبيعة إلا كمثل الجسد المنظور والنفس غير المنظورة فكما أنهما كيان مترابط موحد تتبادل أجزاؤه التفاعل في ظل قوانين موحدة، كذلك يؤلفالمنظور وغير المنظور من الطبيعة كلا موحداً تتبادل أجزاؤه التفاعل. ومجرد عدم اكتشاف أبعاد هذا التفاعل لا ينفي واقعه كما أن عدم إكتشاف قانون الجاذبية وقانون ترابطالجسد والنفس لم يكن يلغي واقعهما ونتائجهما.

لقد قرر الإسلام هذا التلابس القائم بين الشهادة والغيب وأوضح لنا جوانب كثيرة من هذه العلاقة لعل أهمها وأكثرها أثرا فيحياتنا: علاقة سلوك أحدنا بتكوين نفسه للنشاءة الثانية حيث يتقرر بموجب هذه العلاقة ظرف العيش الذي نؤهل له أنفسنا في عالم الجنة أو عالم النار. وعلاقة الملائكة بحياةالإنسان وهي علاقة واسعة. ووقوع الإنسان بسوء سلوكه تحت تأثير الأشرار من الجن. وعلاقات أخرى للطبيعة المنظورة بكلها غير المنظور، لسنا هنا بصدد تفصيلها واستقصائها.

أما عن علاقة الشهادة بالغيب غير الطبيعي عز وجل فقد قرر الإسلام ذلك وأوضحه أشد إيضاح مؤكداً أن التلابس والتقنين أمر قائم بين الطبيعة وخالقها سبحانه وأن حقيقة وجودالطبيعة إنما هو وجود تعلّقي متفرع عن المبدع الحكيم جلت قدرته وممون في حركته التطورية التكاملية بالحياة والقصد من المنشىء والمحيي الكامل الذات سبحانه..

القيامةفي المفهوم الاسلامي هي مرحلة كبرى من حركة الطبيعة المشهودة والغائبة حيث تتحقق الوحدة بين عوالمها كلها ويتم إنفتاحها على الخالق سبحانه..

ومن هنا كانت القيامة، منناحية، المنعطف المصيري ومرحلة النضج والإكتمال لجميع الطبيعة بما فيها الإنسان، ومن ناحية ثانية لقاء كافة الموجودات بالخالق سبحانه بما يناسب ذاتها ونضجها من لقاء..



المصدر : فلسفة الصلاة

/ 1