مصارف الزكاة
الزكاة تشريع مالي له أهداف اقتصادية وأخلاقية واجتماعية وعمرانية، تستهدف مكافحة الفقر والشح والانانية والجشع،وتعمل على توفير الخدمات الاجتماعية وتحرير العبيد واصلاح الوطن الإسلامي، ونشر الدعوة الى الإسلام... الخ، وتدخل الزكاة كمورد رئيس من موارد خزينة الدولة الإسلاميةوماليتها، لذلك حددت الشريعة الإسلامية الجهات والمصارف التي تصرف فيها الزكاة، ليعم النفع العام وتنتعش كل جوانب الحياة، وتعالج المشاكل التي يعانيها الفرد والمجتمع،وفيما يلي ندون أسماء الجهات التي تصرف فيها الزكاة، فهي: 1 ـ الفقراء: والفقير هو من لا يملك حاجة سنته، سواء من كان لا يملك النقود والسلع بصورة فعلية، أو كان عاجزا عنتوفير تلك الحاجة بالكسب والعمل.
2 ـ المساكين: والمساكين هم أسوأ حالا من الفقراء من حيث القدرة المالية، ويعطى الفقراء والمساكين من الزكاة بقدر حاجتهم، وحسب ظروفمجتمعهم.وليس المقصود بالفقير والمسكين هو اليتيم والارملة والعاجزين عن العمل وحسب، بل ويشمل كل مسلم في المجتمع لا يستطيع سد حاجته المعاشية، وان كان يمارس العمل، ولهمورد مالي يدر عليه ربحا، فهو يستحق الزكاة مازال مورده المالي لا يسد حاجته، اذ يعطى في هذه الحالة لسد العوز الحاصل في وارده السنوي.
فقد روى أحد أصحاب الإمام جعفرالصادق (ع) قال: ( قال: (( قلت للصادق (ع) أعطي الرجل من الزكاة ثمانين درهماً؟ قال: نعم وزده.
قلت: أعطي مئة؟ قال: نعم وأغنه، ان قدرت على أن تغنيه )) (1).
وروى أبو بصير،قال: قلت للامام الصادق (ع): (ان شيخاً من أصحابنا يقال له (عمر)، سأل عيسى بن أعين، وهو محتاج، فقال له عيسى بن أعين: أما أن عندي من الزكاة، ولكن لا أعطيك منها، فقال له: ولم؟فقال: لأني رأيتك اشتريت لحما وتمرا، فقال: انما ربحت درهما فاشتريت بدانقين لحما، وبدانقين تمرا، ثم رجعت بدانقين لحاجة. قال: فوضع أبو عبد الله (ع) يده على جبهته ساعة، ثمرفع رأسه، ثم قال: ان الله نظر في أموال الأغنياء، ثم نظر في
الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفون به، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب، ويكتسيويتزوج ويتصدق ويحج)(2).
3 ـ الغارمين: والغارم هو المدين الذي تراكمت عليه الديون، ولا يستطيع الوفاء بها، فيعطى من هذه الزكاة لفك دينه، ولا يخفى مالهذا التشريع منأثر نفسي وأخلاقي اضافة الى أثره الاقتصادي في حياة الفرد والجماعة.
ففي هذا التشريع ضمان لحق الدائن، وعون وطمأنينة للمدين، فالشخص الذي يتعرض للازمات المالية، أوللطوارئ التي تحل به، لا يصبح عرضة للعقاب والسجون والارهاق المالي، كما هي حال الانسان في ظل القوانين الوضعية، بل تتحمل خزينة الدولة دفع هذه الديون التي عجز المدين عنأدائها من حصة الزكاة بشرط أن لا يكون قد صرف هذه الاموال في المعصية.
4 ـ ابن السبيل: وهو المسافر الذي نفد ما لديه من مال في سفره، فانه يعطى من الزكاة ما يكفيه لاعادتهالى وطنه.
ويساهم هذا التشريع بسد باب التشرد والتسوّل والسرقة والسقوط الاخلاقي، الذي قد يضطر الغرباء الذين انقطع بهم السبيل الى ولوجه، واللجوء اليه.
5 ـ سبيلالله: ويحتل هذا السهم أوسع أبواب الصرف في فريضة الزكاة، فهو يشمل كل أعمال البر والاصلاح ومجالات الخدمة والمصلحة الاجتماعية والعقيدية كبناء المساجد والمدارسوالمستشفيات والملاجئ، وتسليح الجيش والدعوة الى الإسلام والأمر بالمعروف...الخ.
وينتفع من هذا المجال كل المواطنين في ظل الدولة الإسلامية، سواء المسلمون منهم،وغير المسلمين اذ لا يتوقف الانتفاع بالمؤسسات والخدمات العامة التي تنشؤها الدولة من أموال الزكاة على المسلمين وحدهم.
6 ـ العاملون عليها: وهم الاشخاص الذين يعملونعلى جمع وتوزيع الزكاة، فهؤلاء الموظفون الذين يعملون في ادارة الجهاز الوظيفي الذي يقوم بجمع وحفظ وتوزيع وصرف الزكاة، يتقاضون مرتباتهم المعاشية من واردات الزكاة،باعتبارهم موظفين عاملين، لا باعتبارهم فقراء مستحقين.
7 ـ المؤلفة قلوبهم: وهم ضعاف الايمان من المسلمين الذين يخشى عليهم أن يغيّروا دينهم، فمثل هؤلاء يعطون منالزكاة لتثبيتهم على دينهم وتقوية موقفهم الى جانب الإسلام. اذ قد يستغل خصوم الإسلام حاجتهم وفقرهم ويعملون على استهوائهم وحرف اعتقادهم كما يفعل كثير من دعاة المسيحيةوالمبادئ المعادية للاسلام الآن في المناطق الفقيرة من بلاد المسلمين.
وبذا يشكّل هذا التشريع ضمانة وقائية في حياة المسلم الاقتصادية، يسد الثغرة المعاشية التي قدينفذ منها خصوم الإسلام ويتخذونها وسيلة للتضليل والتأثير على ضعاف الايمان من الفقراء، اضافة الى أن هناك كثيرا من أعداء الإسلام وخصومه من هذه الفئة من (المؤلفةقلوبهم) قد يدفعهم ضعف الايمان الى محاربة الإسلام والتعاون مع الكفار، لا لفقرهم وحاجتهم الى المال، ولكن بسبب تحاملهم على الإسلام وقيادته، لذلك فان صرف حصة من مالالزكاة الى هذه الفئة وغمرها بالفضل والعطاء والرخاء، يجعلها تخلد الى العيش في ظلال هذه النعمة، وتخشى فقدها، إذا ما هي قاومت الرسالة والدولة الإسلامية.
8 ـ تحريرالعبيد المكاتبون: وهم العبيد الذين اتفقوا مع اسيادهم على التحرير لقاء مبلغ معين، فانهم يعطون من الزكاة ما يكفيهم لتحرير أنفسهم، وفك رقابهم، تنفيذا لمنهج الإسلامالذي استهدف تحرير الانسان، وانقاذه من الرق والعبودية.
1 الشهيد الصدر /اقتصادنا/ط2/ص 630.
2 العاملي/الوسائل/ج4/ص201.